أصله من بلاد الشركس الأتراك بالقفقاس وبها ولد عام 740 هـ «1340م»، وظل هناك حتى بلغ العشرين من العمر ليحمله الخواجة عثمان رقيقا ليباع في القاهرة للأمير يلبغا الخاصكي في عام 760 هـ.
كان المملوك الجديد مسلما مثل والده واسمه التركي ألطنبغا، لكن سيده الجديد أطلق عليه اسم برقوق نظراً لجحوظ عينيه.
أتقن برقوق فنون القتال والتحق بالجيش المملوكي وأخذ يترقى في الوظائف العسكرية، فأصبح أمير طبلخاناه ثم أمير آخور أي مسؤولاً عن الإسطبلات السلطانية قبل أن يصبح أتابكا أي قائداً للجند في العام 799 هـ.
وظائف عليا
وأصبح برقوق رأسا لطائفة المماليك الشركس وأخذ يمهد لهم الطريق للوظائف العليا إلى أن نشب النزاع بينه وبين الأمير المملوكي بركة فاستعان بهم لحسم هذا النزاع وبعد القبض على بركة وحبسه أصبح وصياً على السلطان الطفل الصالح حاجي بن علي بن شعبان عام 783 هـ «1381م».
وبعد عام واحد استجاب برقوق لرجاء رفاقه من أمراء الشراكسة وقام بعزل السلطان الطفل وأصبح أول سلطان للبلاد من الأتراك الشركس وبه يبدأ تاريخ دولة المماليك البرجية أو الجراكسة في العام 784 هـ.
ولكن بقية المماليك عارضوا حكمه ونجحوا في العام 791 هـ «1391م» في إيقاع الهزيمة به ونفيه لحصن الكرك، ولكن برقوق نجح في الفرار من سجنه بمساعدة الشراكسة واستعاد كرسي الحكم في العام 792 هـ.
فترة حرجة
وتولى السلطان الملك الظاهر برقوق الحكم في فترة حرجة من الصراع المحتدم بين تيمور لنك المغولي وبايزيد الصاعقة العثماني واستغل هذا الصراع للحفاظ على استقلال مملكته وقد عقد عدة معاهدات مع مغول القفجاق أو مغول القبيلة الذهبية، وكذلك مع الأتراك العثمانيين وذلك لصد هجمات تيمور لنك عن منطقة الشام.
اشتهر برقوق في تاريخ السلطنة المملوكية بأنه أول ملك من غير أبناء الملوك يتولى الحكم وأبوه من المسلمين وكان حسب أقوال المؤرخين المعاصرين شجاعاً ذكياً عارفاً بالفروسية ماهراً بلعب الرمح وكان يحب الفقراء ويتواضع لهم ويعنى بالعلماء ويصلهم بالعطايا، وذلك خلال سلطنته الأولى ولم تتغير معاملته لهم بعدما أفتوا بجواز قتله بعد عزله عن ولايته ونفيه للكرك فرغم حنقه الشديد عليهم لم يمنعهم العطايا والصلات، وبالجملة قيل إنه كان أعظم ملوك الشراكسة قاطبة.
إنجازات
وللسلطان عدة عمائر ومنشآت منها مدرسته والخانقاه بالنحاسين بالقاهرة وجسر الشريعة على نهر الأردن فضلاً عن جسر أقامه بين جزيرة أروى في النيل «الزمالك حالياً» وأول جزيرة الروضة وقد قام بعدد من المشروعات في الوجه البحري لتحسين الري والصرف وحارب بقوة العربان الذين كانوا يغيرون على القرى واستأصل شوكتهم.
وهو أول من قام بإبطال الضرائب والمكوس المفروضة على الثمار والفواكه فرخصت أسعارها ولا عجب بعد ذلك أن بكته الرعية عندما وافته المنية في يوم الجمعة الموافق الخامس عشر من شوال العام 801 هـ «1399م» عن عمر ناهز الستين عاماً.
(القاهرة - الاتحاد)
عدد اليوم
