السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مفارقات الأزمة المالية العالمية الجديدة

مفارقات الأزمة المالية العالمية الجديدة
5 أغسطس 2011 22:43
كشفت الأزمة التي تضرب الاقتصاد العالمي عن بعض المفارقات اللافتة مثل صمود اليورو في خضم أزمة الديون الأوروبية، وازدواجية وكالات التصنيف الائتماني في معاييرها لتقييم الدول، والإقبال الكبير على الين، فيما اليابان تعتبر الدولة الأعلى ديوناً في العالم. قد تكون “منطقة اليورو” في أزمة حادة بشأن ديون بعض دولها، غير أن اليورو يبقى قوياً في مواجهة الدولار. كيف يمكن تفسير صمود العملة الأوروبية بل حتى ارتفاع سعرها مقابل الدولار، رغم أن اليونان شارفت على التعثر في السداد فيما البرتغال وإسبانيا وإيطاليا تقترض من السوق بمعدلات فائدة غير مسبوقة؟ فاليورو يستمد قوته من تردي وضع الدولار الذي يسجل تراجعاً غير مسبوق في إقبال المستثمرين عليه، حيث إن النمو الاقتصادي الأميركي تباطأ بشكل واضح خلال الشتاء وبات المحللون يخشون انكماشاً في النصف الثاني من السنة. من جهة أخرى، أدت برامج تليين السياسة النقدية التي يطبقها “الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي منذ 2008 إلى إضعاف الدولار من خلال عمليات إصدار العملة. وبموازاة ارتفاعه مقابل الدولار، يضعف اليورو أمام عملات مرجعية أخرى مثل الين والفرنك السويسري. من جهة أخرى، ينتقد البعض وكالات التصنيف الائتماني معتبرين أنها تعاقب بعض الدول فيما تراعي دولاً أخرى ليست أفضل حالاً على الصعيد الاقتصادي. فلماذا تركز وكالات “موديز” و”ستاندرد آند بورز” و”فيتش” ضغوطها على بعض دول “منطقة اليورو” وتتغاضى عن دول أخرى لديها ديون مساوية أو حتى أكبر؟ فاليونان التي توازي ديونها 152% من إجمالي ناتجها الداخلي تعتبر بحسب تصنيف “ستاندارد آند بورز” الدولة الأقل موثوقية في العالم، في حين تحظى جامايكا بعلامة أفضل، علماً بأن دينها يصل إلى 137% من إجمالي ناتجها الداخلي. وبعدما اتهمت وكالات التصنيف بالتهاون بعد أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، تعتزم التشدد حيال أزمة “منطقة اليورو”، لا سيما أنه لم يعد من المستبعد تعثر اليونان عن سداد مستحقاتها. وفي حال حصل فعلاً تعثر في الديون اليونانية، فإن الجهات الخاصة الدائنة لأثينا ستتكبد خسائر فادحة، وهو ما أرغم الوكالات على تخفيض علامة اليونان بشكل حاد. ويتهم العديد من الخبراء الوكالات بأنها تشعل فتيل الأزمة لتعمد بعدها إلى التحذير منها. فإن عمدت إحداها على سبيل المثال إلى تخفيض علامة إيطاليا على ضوء صعوبات هذا البلد المتزايدة في الاقتراض من الأسواق، فإن ذلك سيثير هلع المستثمرين ما سيتسبب بارتفاع معدلات الفوائد أكثر بالنسبة لروما. أما بالنسبة للين، فلماذا يقبل المستثمرون إلى هذا الحد على عملة البلد الأعلى ديوناً في العالم؟ ومن المدهش أن العملة اليابانية تقارب أعلى مستوياتها بالنسبة للدولار منذ 1945، في توجه يتعارض تماماً مع وضع الأسس الاقتصادية اليابانية الحالية. ولطالما اعتبر الين عملة مرجعية، وعلى الأخص في فترات التدهور الاقتصادي. فإن مستوى ديون هذا البلد الأعلى في العالم إذ يصل إلى 252% من إجمالي الناتج الداخلي، إلا أنه يمول في قسمه الأكبر بواسطة مدخرات اليابانيين. ويهدد سعر الين انتعاش اقتصاد الأرخبيل بعد الزلزال و”تسونامي” اللذين ضربا البلد في 11 مارس وتسببا بخسائر فادحة بالنسبة للمصدرين وشركات تصنيع السيارات في اليابان. وسعياً منها لإضعاف عملتها تدخلت الحكومة بشكل مباشر الخميس في الأسواق للمرة الأولى منذ سبتمبر 2010، غير أن الخبراء يعتبرون أن هذا التحرك الأحادي الجانب لن يكون له سوى تأثير محدود. كما أن اتباع سياسات تقشف في ظل نمو ضعيف يوجد وضعاً خطيراً يهدد بإثارة أزمة. ففي وقت يتباطأ فيه النمو في ضفتي الأطلنطي، عمدت حكومات الولايات المتحدة ودول “منطقة اليورو” إلى اتباع سياسات تقشف غير مؤاتية لتنشيط الاقتصاد. غير أن هذه الحكومات ملزمة بالحد من نفقاتها بعدما تفاقمت ديونها وباتت تخضع لمراقبة مشددة من الأسواق ولضغوط من وكالات التصنيف الائتماني التي تطالبها بتخفيض إنفاقها. ونتيجة لكل هذه الظروف تضاءل هامش التحرك أمام هذه الدول، لا سيما بعدما عجزت عن تحفيز نموها من خلال الإنفاق العام.
المصدر: باريس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©