الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشاريع الاستثمارية تهدد صناعة الطوب الأحمر في السودان

المشاريع الاستثمارية تهدد صناعة الطوب الأحمر في السودان
7 فبراير 2010 20:19
تشتهر مدينة الجريف جنوب شرق الخرطوم بصناعة طوب المباني الأحمر والذي بدأت صناعته منذ فترة الحكم التركي للسودان في المنطقة الممتدة في الجريف مرورا بأم دوم وحلة كوكو على الساحل الموازي لنهر النيل على بعد أمتار من النيل. وتطورت صناعته في عهد المستعمر البريطاني والذي تعلم منه أبناء المنطقة الصناعة التي تحولت من الطوب الأخضر إلى الأحمر. لكن إجراءات حكومية حديثة باتت تهدد هذه الصناعة. تواجه صناعة الطوب الأحمر حالياً خطر الإزالة بعد أن شرعت السلطات المختصة في بيع الأراضي الواقعة بالقرب من النيل في مناطق صناعة الطوب لإقامة مشاريع استثمارية ومنتجعات سياحية خاصة في منطقة الجريف الأشهر في هذا الجانب والتي أخذت معالم التغير تطالعها بعد قيام جسر الجريف المنشية الرابط بين الخرطوم ومناطق الجريف الشرقي للولاية الأمر الذي أثار مخاوف ملاك كمائن الطوب (مصانع محلية صغيرة وعددها 900 مصنع) من اندثار الصناعة وتحويل مكانها بعيدا عن النيل ما يشمل تهديد الطوب الحراري الجديد والبلوك العادي الذي بدأ يعتمد عليه في إقامة المنشآت العمرانية الكبيرة والسكنية بجانب طوب البلوكات الإسمنتية كبيرة الحجم. وتضم منطقة صناعة الطوب بولاية الخرطوم والممتدة من حلة كوكو مرورا بالجريف وأم دوم أكثر من 250 ألف عامل منهم حوالي 40 ألف عمالة مباشرة وأصحاب كمائن وعمال وسائقون وحمالون. آلية صناعة الطوب يقول مصطفى مبارك صاحب كمينة طوب بمنطقة الجريف إنه ورث الصنعة والمهنة من والده الذي تعلمها بدوره من جده منذ عشرات السنين، ويضيف:”لا أتخيل نفسي بعيدا عن هذه المهنة التي تعول أسرتي ولا أعرف غيرها ونقلها بعيدا عن النيل لإقامة مشاريع استثمارية ومناطق سياحية بدأت تأخذ بعدا حقيقا بعد أن قامت السلطات فعلا بتنفيذ وتخطيط الشوارع المطلة على النيل بالمنطقة”. وعن طريقة صناعة الطوب، يقول مبارك إن عمل كمينة الطوب يحتاج أولا لإحداث حفرة بعمق مترين وعرض 5-8 أمتار لاستعمالها في عمليات الحرق وتبدأ العملية بخلط طين النيل اللين الناتج من الفيضان بروث الأبقار ومن ثم يوضع في قوالب حديدية يخرج منه شكل الطوبة الخضراء في عملية تسمى “دق الطوب” تعقبها عملية الرص داخل الحفرة بعد أن يجف قليلا، والرص عملية تحتاج إلى خبرة إذ أن للطوب رصة ووضع معين فوق بعضه البعض وأي اختلال قد يؤدي إلى سقوطه وتلفه وتتم هذه الخطوة بحذر شديد ويعرف المحل الذي يوضع فيه الطوب بـ”القمير” أو “اللكوشة” وتسبقها عملية وضع الروث الجاف تحت الكمية إذ يساعد على الاحتفاظ بالحرارة ومن ثم رص طبقة من الطوب الأحمر علي شكل مستطيل بالأطراف ويغطى كل مساحة الطوب الأخضر ثم تبدأ طليه بالطين اللين حيث يحرص على أن لا تظهر أي فتات وأخيرا عملية إشعال النار بالحطب في الكمينة وتستمر النار لمدة أربع ساعات، ويلفت إلى أن كل كمينة تحتوي ما بين 100- 90 ألف طوبة تساوي شحن 25 شاحنة. ميزات الطوب الأحمر يشير عبد الكافي نعيم الله مورد طوب إلى أنهم يقومون بالشراء من الكمائن حيث الاعتماد الكلي في الصناعة على الطين المترسب في النيل في فترة الفيضانات. ويقول “لذلك لا يوجد بديل يصلح للطوب غير الطمي لأن درجة امتصاصه للماء عالية ولا تؤثر فيه الرطوبة ولا تقلبات الجو بل يزداد قوة كلما تعرض للماء لذلك يصلح لمئات السنين وقد شيدت معظم المساكن بالعاصمة والولايات والمؤسسات الحكومية والخاصة في السودان بالطوب الأحمر”. ويضيف أن الإنتاج السنوي للطوب الأحمر رغم تراجعه في الفترة الأخيرة يصل إلى ملياري طوبة حسب الإحصائيات التقريبية لأصحاب الكمائن، مطالبا بحل وسط لموضوع تحويل وإزالة هذه المناطق بتطويرها وإدخال الغاز مثلا في عملية الحرق بدلا من حرق الأخشاب على أن تظل المادة الأساسية هي الطمي النيلي حتى لو اضطر أصحاب الكمائن لنقلها بعيدا عن النيل لتلافي بعض الآثار البيئية التي تقول الدولة والمؤسسات البيئية بأن الكمائن تتسبب فيها. ويضــيف أن أي مـادة غير الطمي ستقلل من جودة الطوب الذي أثبتت الدراسات أنه أفضل من الطـــوب المطور كما أنه يلقي رواجا أكـثر ويباع بكميات كـبيرة عكس الطوب الحراري المعدل الهـش والمرتفع الثمن ولا يمكن أن يعتمد عليه الفقراء والطبقة الوســـطي في تشــيد مبانيهم عكس الطوب التقليدي المنخفــض الثمــن وبجـودة أفضل.
المصدر: الخرطوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©