أسئلة الطفل.. مواقف تربك الآباء

أشرف جمعة (أبوظبي) قد يفاجأ الآباء بأسئلة مباغتة من أطفالهم الذين يحاولون اكتشاف الأشياء ومعرفة كل ما يطرأ على ذهنهم في براءة، وهو ما يترك حيرة في صدور هؤلاء الآباء، خصوصاً عندما تكون الأسئلة تتناول جوانب دينية أو علمية، حيث إن بعضها منطقي وبعضها يعتمد على قوة الخيال، فالطفل في هذه المرحلة يحتاج إلى إشباع ذاته من خلال الإجابة على كل ما يدور في ذاته، وهو ما يجعل الكثير من الآباء غير مصدقين أن مثل هذه الأسئلة من الممكن أن يطرحها طفل في أول تجربة له مع الكلام، فكيف يرضي الآباء فضول أبنائهم ويجيبون على أسئلتهم المحرجة في كثير من الأحيان التي قد تتبلور عن الموت والفقد والكوارث والكون؟ وغيرها من الأسئلة التي يتعطش الطفل إلى معرفة الإجابة عليها بأبسط الطرق. لفت الأنظار يقول الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الاجتماع التطبيقي بجامعة الشارقة: لا بد من النظر إلى الأطفال في مرحلة النطق ومحاولة اكتشاف الأشياء بنظرة فيها الكثير من الرفق وتفهم الطبيعة الحساسة لديهم، كونهم يتميزون بالذكاء ولسان حالهم دائماً يتحرك في منطقة لماذا وكيف ومن أين؟ خصوصاً أن الطفل في عالم متغير ويشاهد العوالم الرقمية منذ بداية الإدراك ويتحرك في مساحة واسعة وهو ما ينعكس عليه بشكل إيجابي، حيث تتولد لديه رغبة حقيقية في محاولة فهم كل ما يدور حوله، ومن ثم تكثر أسئلته المنطقية والعشوائية في آن والتي قد تتسبب في إرباك الوالدين وتجعلهم في بعض الأحيان غير قادرين على الإجابة عليه، مشيراً إلى أن هناك أسئلة يطرحها الكثير من الأطفال بهدف لفت الأنظار إليهم، غير أنه من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء محاولة كف الطفل عن إبداء مثل هذه الأسئلة أو إعطائه إجابات غير صحيحة لإسكاته، وهو ما يؤثر فيه بطريقة سلبية في المستقبل ويقلل ثقته بنفسه، وقد يجعله يحجم عن التعبير عن نفسه، خوفاً من أن ينال توبيخاً أو عقاباً. خبرة مبكرة ويرى العموش أنه من الضروري الإجابة عن أسئلة الطفل مهما كانت محرجة، وأن تكون الإجابة عليها بأسلوب مبسط يفتح لديه المجال إلى الرغبة في المعرفة، خصوصاً أن هذه الطريقة تعد فرصة حقيقية للتواصل مع الآباء ومع العالم المحيط به، وهو ما يعزز ثقته بنفسه ويمنحه خبرة مبكرة، كما أن الإجابة على الأسئلة التي يطرحها الطرف بكل الشفافية ستترسخ في ذهنه وتكون نظرته المستقبلية للأشياء، لذا فإنه من الضروري عدم تجاهلها. أسلوب مبسط وتبين خولة سعيد - ربة منزل- أنها تفاجأت كثيراً بأسئلة عجيبة كان يوجهها لها طفلها، خصوصاً في المرحلة التي بدأ فيها التعبير عن نفسه، وكانت تنصب في أسئلة دينية معقدة وأسئلة قد تبدو منطقية لكنها تحتاج للتفكير، لافتة إلى أنها لم تكن تتجاهل أسئلته وتجيب عليها بأسلوب مبسط، أما الأسئلة التي لم تكن قادرة على الإجابة عليها فإنها كانت تضطر إلى إرجائها حتى تعرف كيف تحدث طفلها فيها، مبينة أنها دائماً تشعره بالأهمية وتعزز ثقته بنفسه وتحفزه على طرح ما يدور في ذهنه، وتشير إلى أنها دائماً تحرص على ألا تكذب أو تتحدث معه بطريقة عشوائية، وتؤكد أنها لم تكن تتصور أن طفلاً عمره خمس سنوات من الممكن أن يطرح أسئلة صعبة في إشكاليتها إلى هذا الحد، لكنها أصبحت متأقلمة معه وتحاول أن تجعله طفلاً إيجابياً متفاعلاً مع كل من حوله. صورة سلبية ولا يخفي أسامة عبيد- مهندس- أنه كان في البداية يهرب من الإجابة على أسئلة طفلته البالغة 6 سنوات، ويقول لها أمك ستجيبك على ما تسألين، مشيراً إلى أن أمها لم تكن هي الأخرى تجيبها على شيء لافتاً إلى أنه أحس بأنه في مأزق، وأن تجاهل أسئلة طفلته سيؤثر فيها بشكل سلبي، مبيناً إنه لجأ إلى بعض المستشارين الأسريين لمعرفة كيفية التعامل مع أسئلة لم يكن يتوقع أبداً أن تصدر عن طفلته في هذه السن، ويرى أن مثل هذه الاستشارات ساعدته في تجاوز هذه الأزمة، وجعلته أكثر قدرة على التعامل مع الأسئلة المباغتة التي توجه إليه بين الحين والآخر. نصيحة غالية تقول آمنة آل علي - موظفة، إن جدة طفلي لأبيه توفيت وكان متعلقا بها جداً ولحسن الحظ أنها توفيت في بيتها الذي يعد بيت العائلة، لافتة إلى أنها أخفت خبر الوفاة عن الطفل ولكنه كان دائم التساؤل عن جدته، وتشير إلى أنها كانت تخبره بأنها مسافرة خارج الدولة للعلاج لكنه كان يصر على أن يكلمها في الهاتف، ويريد أن ترسل له صورها في المستشفى وهو ما كنا نعجز عنه كونها ماتت، وتبين أنها تلقت نصيحة من جارة لها تعمل في مجال العمل الأسري، إذ أشارت عليها أن تكون صادقة مع الطفل وتخبره بالحقيقة، وتورد بأنها فور العمل بهذه النصيحة تفاجأت بأسئلة غريبة من الطفل مثل أين تسكن جدتي الآن وما القبر وهل ستعود وما الموت؟ وغيرها من الأسئلة الأخرى، موضحة أنها كانت تجيبه بطريقة مبسطة عن كل ما يدور في خيالة خصوصاً أنها تعلمت من الدرس السابق وأنه يتعين عليها عدم إخفاء الحقائق عنه حتى ينشأ بشكل سليم.