الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العشرة ماتهون

22 فبراير 2016 01:21
لفت انتباهي استبانة أجرته إحدى الصحف المحلية عن مدة اقتناء السيارة، في مبادرة منها للتعرف على شعب فاق شعوب العالم في سباق ماراثوني نحو اقتناء آخر موديلات السيارات وأكثرها جاذبية وأبدعها تقنية، إنها وقفة مع أمر بات مجتمعنا يتعاطى موضوعه بشكل شبه يومي، إن لم يستحوذ على البقعة الأكبر من منطقة حواراتنا في وقت تسابقت فيه المصانع لبلوغ أفضل ما يبتغيه الإنسان المعاصر من آلة الإيصال. السيارة تلك الآلة التي جابت شوارع قلوب محبيها مستعرضة ما تملك من جمال يأسر مشاعر عشاقها، حتى أجبرت المجتمع على تخصيص مبالغ شهرية قد تفوق ما يخصصه لتوفير غذائه، من يستطيع أن يشتريها نقداً فهو محظوظ وإلا فالبنوك تعينه على مجاراة مجتمعه، باستخدام الأفضل والأحدث منها، بعد أن كانت مجرد آلة صماء لا همّ لها ولا هدف سوى نقل صاحبها من مكان إلى غيره موفرة عليه السير مترجلاً. في الاستبيان المذكور كان 74% من الناس يستخدمون السيارة لمدة تراوحت من عام إلى أربعة أعوام، و10% بالمئة فقط من قرر استخدام السيارة لأكثر من خمسة أعوام، و16% من قيد استخدام السيارة بشرط الأعطال، أما 84% فقرروا تغييرها لمجرد التغيير، فالتغيير ضروري لتحقيق السعادة المنشودة وإثبات المكانة المجتمعية المهمة في شوارع الدولة ومستخدميها. ولم يطرح سؤال ليس أقل أهمية مما طرح عبر الاستبيان، عن أسباب اقتناء أغلبنا لسيارتين (سكند هاند)، ففئة ليست بالقليلة قررت اقتناء سيارة إضافية تحسباً للظروف الطارئة والمواقف القاهرة، فهم لايحبون الاستعارة ولايفضلون الإجارة. وليس أعجب من رجل أجرى عملية تعديل لقسطه المستقطع لدى البنك شهرياً، وحصل على موافقة تخفيض استقطاعه الشهري بعد جهد جاهد ورجاء عنيد، مع موظفي البنك من المراسل إلى المدير وما إن تمت الموافقة وتنفس الراتب بمساحة من التحرير حتى قدم أوراق السيارة الجديدة، فلا مشكلة أن يعاني مادياً مادام يمتطي سيارة ترضي غروره. داء اقتناء السيارات لم يعد محصوراً ومسيطراً عليه في عالم الذكورة بل انتشر الفيروس بين معشر النساء وأصبحن أكثر غراماً بعالم تلك الآلة الساحرة، وقليل منا من يقول لسيارته التي بلغت السادسة من العمر وأخذت أسنانها اللبنية بالتساقط «ضريت عليها والعشرة ماتهون».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©