الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديمقراطية الأوكرانية: حصيلة الصراع والإحباط

الديمقراطية الأوكرانية: حصيلة الصراع والإحباط
7 فبراير 2010 20:55
قبل أكثر من خمس سنوات مضت، طعن استطلاع للرأي، مَمولٌ من الغرب، أُجري بعد خروج الناخبين في أوكرانيا من مكاتب الاقتراع، في النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية، وفجَّر الدراما التي عُرفت لاحقا بـ"الثورة البرتقالية"، حيث احتجت حشود كبيرة على الانتخابات وأمرت المحاكم بإجراء انتخابات جديدة وأُرغم مرشح الكريملن على الاعتراف بالهزيمة. واليوم وبعد إدلاء الأوكرانيين بأصواتهم أمس الأحد من أجل انتخاب رئيس جديد، يُنتظر أن تخرج منظمات البحوث المستقلة التي كانت وراء الاستطلاع، بقوة مرة أخرى. غير أن الاستطلاع تعرض لانتقادات قوية بعد الجولة الأولى من الانتخابات التي أُجريت الشهر الماضي عندما أعلن عن نتائج لا تنسجم مع نتائج استطلاعات أخرى، ولا مع العد النهائي للأصوات. فما المشكلة؟ الجواب: نقص في الميزانية أرغم المنظِّمين على خفض عدد الدوائر الانتخابية المغطاة. والواقع أن الصعوبات التي واجهها منظمو استطلاع الرأي، تلقي الضوء على ظاهرة أكبر، ألا وهي انخفاض المساعدات المالية الأميركية المقصود بها تعزيز وتقوية الديمقراطية الفتية في أوكرانيا بحدة خلال السنوات الأخيرة، رغم دعم واشنطن الكلامي لهذه الجمهورية السوفييتية السابقة بعد "الثورة البرتقالية". ويعكس هذا التراجع ما يسميه البعض "تعب أوكرانيا"، أو نفاد الصبر الغربي المتزايد تجاه الاقتتال الداخلي السياسي الذي شل الحكومة الأوكرانية منذ 2005. لكن بعض المحللين يقولون إنه يبرز أيضا جنوح واشنطن إلى التركيز على الانتخابات والنجاحات مثل "الثورة البرتقالية" بدلا من العمل الصعب والشاق والطويل لبناء المؤسسات مثل المحاكم المستقلة والإعلام الحر والمجتمع المدني. فالإغراء -بالنسبة لصناع السياسات، وكذلك النشطاء- يكمن في تسمية بلدان مثل أوكرانيا بأنها "ديمقراطية بما يكفي" ثم الانتقال إلى الدول الديكتاتورية التالية؛ إذ يرى العديد من الخبراء أنه كان بالإمكان أن يكون للولايات المتحدة تأثير أكبر عبر التركيز على دعم عشرات الديمقراطيات الضعيفة عبر العالم والتي تعاني من سوء الحكامة إلى درجة تجعلها تبدو في خطر الانتكاس والرجوع إلى الوراء. وعلى سبيل المثال، يقول البعض إن أوكرانيا ستظل هشة وعرضة لعودة الحكم السلطوي على غرار ذاك الذي دبره بوتين في روسيا؛ حيث تُظهر استطلاعات الرأي في أوكرانيا، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة وتحتل موقعا استراتيجيا على البحر الأسود بين روسيا والغرب، شعورا كبيرا بالإحباط تجاه الديمقراطية حيث يعبِّر أقل من ثلث المستجوَبين عن تأييدهم للانتقال إلى نظام متعدد الأحزاب بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وقال أقل من نصفهم قبل انتخابات أمس الأحد إنها ستكون نزيهة، ويرى ثلاثة أرباع المستوجبين تقريبا أن أوكرانيا تتجه نحو الاضطراب والفوضى. وفي هذا الإطار، قال صامويل تشاراب، وهو خبير بشؤون المنطقة في "مركز التقدم الأميركي" الذي يوجد مقره في واشنطن، "إن معظم الأوكرانيين محبَطون... ويفقدون الثقة في الديمقراطية". ويرى تشاراب أن تلك الثقة ستهتز أكثر إذا عُرقلت الانتخابات أو انتهت إلى نزاع، لاسيما في ظل التوتر الحاد الذي طبع هذا السباق الانتخابي المحموم، حيث هدد المرشحان بإرسال أنصارهما إلى الشوارع بعد التصويت واتهم أحدهما الآخر بالتخطيط لعملية تزوير كبيرة النطاق في الانتخابات. ويضيف تشاراب قائلا: "كان ثمة شعور بالتقاعس بعد "الثورة البرتقالية" وبأن أوكرانيا قد وصلت إلى نقطة لا يمكن الرجوع عنها. والحال أنه مازالت ثمة إمكانية للتراجع؛ وحتى إن لم يكن ذلك احتمالا قويا، إلا أنه يعني أن على الغرب أن ينخرط في أوكرانيا بقوة". ورغم أن انقسامات الأوليغارشية الأوكرانية ستجعل من الصعب على أي شخص النجاح في تمتين السلطة على النموذج البوتيني، فإن كلا المرشحين لم يسلما خلال جولة أمس الانتخابية من الانتقادات بسبب ما يعتبرها البعض ميولات سلطوية، حيث اتُّهم المرشح الأوفر حظا فيكتور يانوكوفيتش بمحاولة سرقة الانتخابات الأخيرة، بينما انتُقدت خصمه رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو كحاكمة مستبدة ممكنة من قبل الرئيس المنتهية ولايته وحليفها السابق في "الثورة البرتقالية" فيكتور يوشينكو. والواقع أن كلا من الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة الأميركية وصفا يوشينكو بالبطل عندما وصل إلى السلطة، وسرعان ما قامت إدارة بوش بتعزيز التمويل المخصص لمساعدة حكومة يوشينكو على تطبيق الإصلاحات السياسية، واصفة أوكرانيا بأنها "مثال للديمقراطية عبر العالم". لكن ما أن فشل يوشينكو كزعيم حتى تراجع التمويل من 40 مليون دولار في 2005 إلى 20 مليون دولار في 2008. وانعكس هذا الخفض في المساعدات الأميركية الإجمالية لأوكرانيا، بما في ذلك المساعدات المالية المخصصة لتأمين المنشآت النووية، من 360 مليون دولار في 1998 إلى 210 ملايين دولار بعد عقد من الزمن، مثلما تشير إلى ذلك إحصائيات وزارة الخارجية الأميركية. أما إدارة أوباما فقد اقترحت زيادة الإنفاق على البرامج الديمقراطية في أوكرانيا إلى 26 مليون دولار هذا العام. ويقول ألكسندر سوشكو، مدير البحث بـ"معهد التعاون الأوروبي الأطلسي"، إنه "قبل خمس سنوات، ما كانت ستواجه أي منظمة مشاكل في الحصول على المال من أجل دعم الديمقراطية. أما اليوم، فإن الناس يعانون مشاكل صعبة". ومن جانبه، يلفت إيلكو كوشيريف، مدير "مؤسسة المبادرات الديمقراطية" ومنظِّم الاستطلاع الذي أُجري لدى خروج الناس من مكاتب الاقتراع، إلى أنه إذا كان الغرب يخفض مساعداته، فإن روسيا تعزز إنفاقها من أجل إضعاف الحكومة الأوكرانية وإفشال الإصلاحات"، وذلك لأن "تحول أوكرانيا إلى دولة ديمقراطية لن يُسعدهم". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: كييف -أوكرانيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©