الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلاريتا بيجكو: مسلمو ألبانيا كانوا يصومون رمضان سراً حتى أوائل التسعينات

كلاريتا بيجكو: مسلمو ألبانيا كانوا يصومون رمضان سراً حتى أوائل التسعينات
3 أغسطس 2013 21:48
تعددت الألوان والأعراق والألسنة بتعدد البلاد والشعوب، فاختلفت العادات والتقاليد عبر دول العالم الإسلامي التي يعيش فيها أكثر من مليار نسمة في شتى قارات العالم، ولا يجمعهم إلا الإسلام تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وفي رمضان من كل عام، يتحول المسلمون في شتى ربوع الأرض إلى كتلة واحدة عملاقة، تهيمن عليها روحانيات الشهر الفضيل، فيؤدي الجميع العبادات نفسها من صيام وصلاة وإقبال استثنائي على فعل الخير ونزعة أقوى للتسامح والتواصل مع الآخرين. لكن رمضان بسماحته، يعطي أحبابه في مشارق الأرض ومغاربها فرصة عظيمة ليضع كل مجتمع بصمته ولمساته المستمدة من عاداته وتاريخه على طقوس استقبال ومعايشة الشهر الفضيل. وتنشر «دنيا الاتحاد» على مدى الشهر سلسلة حوارات مع العديد من زوجات سفراء الدول العربية والإسلامية في الإمارات، لإلقاء الضوء على عادات وتقاليد شعوبهن خلال رمضان. تتميز ألبانيا بتنوع ثقافي وحضاري كبير تتضح آثاره في عادات وتقاليد شعب هذه الدولة الواقعة في منطقة البلقان بجنوب شرق أوروبا. لكن رمضان يجمع الكل وسط أجواء روحانية مميزة، بطقوس وعادات جميلة مثل الإقبال على قراءة القرآن الكريم وحضور مجالس العلم في المساجد، وزيادة أعمال الخير والتراحم. بل حتى المسيحيون يصومون مع المسلمين، ويلتزمون بآداب الشهر الفضيل. ويبدأ الاستعداد لاستقبال شهر رمضان بتوزيع بعض الكتيبات والمطويات التعريفية، التي تبين فضل الشهر الكريم، ويتم استقدام بعض الأئمة والعلماء من تركيا. وعند التثبت من ظهور الهلال تدق الطبول في الشوارع طوال يومين لإعلام المسلمين وابتهاجاً بقدوم الشهر الفضيل، لكن فيما بعد يقتصر قرع الطبول على وقت السحور والإفطار خاصة في القرى والمناطق البعيدة عن المدن الرئيسية التي قد لا توجد بها مساجد. ويفضل الألبان تناول الأكل في البيت، وهو في معظمه من مشتقات الألبان، ومن عادتهم الإفطار على الماء لتنقية الجسم، كما يفضلون تناول العسل أو المربى ساعة الإفطار. تقول السيدة كلاريتا بيجكو حرم السفير الألباني في أبوظبي بحار موكيرم شبان بيجكو، إن رمضان يوحد جميع أبناء ألبانيا الذين يحرصون على الالتزام بروحانيات وأخلاقيات الشهر الفضيل، بصرف النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية والعرقية، بل وبصرف النظر أيضا عن درجة تدينهم أو ديانتهم. وتضيف «الكل يتقرب بإخلاص إلى الله عز وجل خلال رمضان، فتمتلئ المساجد بالمصلين، ويقبل الجميع على قراءة القرآن الكريم، والكتب الدينية. لذا نشعر بأن هناك جواً من السلام والتضامن والتآزر في كل مكان». تعايش ديني تحكي السيدة كلاريتا بيجكو أيضا عن مظاهر جميلة أخرى للاحتفاء برمضان في ألبانيا، مثل تبادل الأطباق بين الجيران بصرف النظر عن ديانتهم، وإقامة الولائم للضيوف، وتقول إن بلادها حافظت على عاداتها وتقاليدها المرتبطة بالمناسبات الدينية رغم الظروف السياسية التي مرت بها. وتضيف «أثناء الفترة الشيوعية كان المسلمون يصومون خفية في سرية تامة، معرضين حياتهم للخطر، في حال لو اكتشفت أجهزة الأمن التزامهم بتعاليم دينهم. بل كان كل مسلم يخفي صيامه على بقية أفراد أسرته خوفاً من بطش النظام الدكتاتوري، لذلك بقيت ألبانيا ما يقرب من نصف قرن من دون تقاليد أسرية أو اجتماعية خاصة برمضان. لكن منذ استعادت ألبانيا هويتها بعد عام 1991، بدأت تظهر مرة أخرى العادات والتقاليد الأصيلة خاصة فيما يتعلق بصلة الأرحام وتبادل الزيارات وإقامة موائد الإفطار الجماعي. عسل ومربى تؤكد حرم السفير الألباني كلاريتا بيجكو أن الألبان في السابق كانوا يفطرون على الماء فقط ولهم حكمة في ذلك، إلى أن أصبحت تأتيهم التمور من بعض الدول العربية، لافتة إلى أنهم يفضلون تناول ماهو حلو ساعة الإفطار ثم يلي ذلك الحساء، وبعده الوجبة الرئيسية. ومن الأطباق الشهيرة في ألبانيا اللحم بالبيض، ويضيف البعض شراب العنب والبرقوق المذاب في الماء وخلال فترة من الفترات كانت العائلات تطهو الفاصوليا، والملفوف، والمخللات، والبطاطا لشهر رمضان المبارك، كما يحتفظ باللحوم الجافة والفاصوليا ومنتجات الألبان. وتحتل منتجات الألبان مكانة مهمة في هذا الشهر الفضيل. كما يحب الألبان أطباق لحوم الضأن والعجل والماعز مع اللبن والبطاطس والأرز بالدجاج وفطيرة الحليب. وتضاف إلى ذلك الحلوى التقليدية التي تجهز لاستقبال العيد في ألبانيا وتسمى «سمس»، وهي عبارة عن خبز وسكر، بجانب «الكدائف» و»شكرباريا» و»البقلاوة»، والفطيرة بالسكر، أو»سمسيا». وعادة ما يدعو الألبان بعد تناول الطعام بأن يزيدهم الله من نعمه. روح رمضان يتجسد صوم الألبان في سلوكهم بشكل عام، بحيث يعتبرون الصيام هو الإمساك عن كل السلوكيات السيئة أو التلفظ بأي كلام بذيء. وتقول حرم السفير الألباني عن ذلك «الألبان يصومون، ليس فقط بالامتناع عن الطعام، ولكن عن أي سلوك سيئ أيضا، وبالطبع لا تفوتهم الصلوات سواء في بيوتهم، أو في مساجدهم وكذلك قراءة القرآن الكريم، ومحاولة ختمه أكثر من مرة، بل إن غير الملتزمين دينيا من المواطنين الألبان يتخلون عن كل مسلك سيئ خلال الشهر الفضيل، فيمتنعون مثلا عن شرب الكحول، ويحاولون فعل الخير، وهذه هي الروح السائدة في جميع مناطق ألبانيا». ليلة الخير يطلق على ليلة القدر في ألبانيا «ليلة الخير»، ويصومها حتى المسيحيون تضامناً مع المسلمين، وتحظى بأهمية كبيرة كما هي الحال في جميع البلدان العربية والإسلامية، ويحرص الجميع على إحيائها بالصلوات والدعاء. وتقول كلاريتا «ليلة القدر خير من ألف شهر. وعند الألبان عقيدة لا تزال قائمة إلى يومنا هذا هي أن صيامها يكفر الذنوب جميعاً. وتجهز لها حلويات خاصة، يعدها المسلمون والمسيحيون على حد سواء. وأشهرها اسمه (الهاسود بالجوز) ويتم في العادة توزيعها على الأقارب والجيران، اعترافاً بنعم الله عليهم في هذه الحياة وشكراً له سبحانه وتعالى عليها». ويحرص الرجال والنساء على ارتداء ملابس محتشمة خلال رمضان، أما الملابس التقليدية فقد اختفت مع زوال العهد الشيوعي ولا يرتديها سوى الأطفال في مناسبات نادرة. عيد الفطر يحتل عيد الفطر مكانــة مميــزة عند الألبان كما هو الحال عند بقية الشعوب العربية والإسلامية، بل إنه يسهم في تعزيز الترابط الأسري. وتقول حرم السفير الألباني عن العيد «خلال الاحتفال بهذا اليوم تجتمع الأسر وتتزاور مع بعضها البعض، وتجمعها الأطباق المتنوعة من الأطعمة الألبانية التقليدية، كما يحرص الجميع على ارتداء ملابس جديدة ومزينة بشكل جميل، وخاصة الأطفال الصغار الذين يلبسون الأزياء التقليدية. وبعد الظهر يتبادل الأهل والجيران والأصدقاء الزيارات احتفالا بهذا اليوم المشهود. الإسلام في ألبانيا واجه تحديات تاريخية خلال الحكم العثماني، ووفقاً للمصادر العثمانية، فإن غالبية الألبان كانوا ينتمون للدين الإسلامي. وعلى الرغم من ذلك ظلت ألبانيا لعقود طويلة تحت الحكم الشيوعي حتى سنة 1991، حيث شهدت انخفاضاً في ممارسة الشعائر الدينية. ويمثل المسلمون نحو 80 في المئة من السكان. وقد دخل الإسلام إلى ألبانيا خلال الحكم العثماني في القرن الرابع عشر، وانتشر ببطء وبصورة تدريجية بسبب مقاومة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والتضاريس الجبلية. ومع ذلك فبحلول نهاية القرن السابع عشر فإن سكان وسط وجنوب البلاد الذي يعيش حياة حضرية اعتنق الديانة الإسلامية. وظهرت فئة مسلمة من طبقة البشوات والبهوات تمارس دوراً مهماً في الحياة السياسية والاقتصادية، مما أدى إلى جذب الكثير من الألبان إلى اعتناق الإسلام. وظهر في ألبانيا الصوفيون والدراويش خلال الحكم العثماني في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ويعد مسجد أدهم باي في العاصمة تيرانا هو أقدم المساجد في ألبانيا. حصلت ألبانيا على استقلالها عن الدولة العثمانية في 1912، ثم تلاعبت السلطات الحاكمة بمشاعر وعقائد المسلمين. وفي العهد الشيوعي تم القضاء على رجال الدين المسلمين، بالإضافة إلى نظرائهم الكاثوليك والأرثوذوكس، وبعدها أعلن الرئيس أنور خوجا أن ألبانيا هي الدولة الوحيدة غير الدينية في العالم التي تحظر جميع أشكال الممارسة الدينية في القطاع العام في سنة 1967.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©