الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الذرية» من أحب نعم الدنيا وأكرم عطايا رب العالمين

«الذرية» من أحب نعم الدنيا وأكرم عطايا رب العالمين
3 أغسطس 2013 21:51
وهب الله لعباده من أصناف نعمه خيراً كثيراً، وأقر أعينهم بنعمة الذرية، البنين والبنات فهي من أجل النعم وأسعدها، وأجمل المنن وأزكاها، وأرفع الهبات وأحلاها، وأكرم العطايا، فبهم يحصل الأنس والسرور، وتزيد البهجة والسعادة، وتزين الدنيا وتحسن، ويبقى النسل، أهم الأشياء التي يتمناها الإنسان في الدنيا ونقصها ينغص عليه حياته، ولا يشعر لهم بطعم السعادة. أحمد محمد (القاهرة) - لأن نعمة البنوة والذرية لها هذه الأهمية، فقد جعلها الله من أحب النعم التي زين للناس بها في الدنيا، رزقهم البنين والبنات والأحفاد، يقول جل وعلا: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون)، ويقول جل شأنه: (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور‏‏ أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير)، «‏الشوري‏: الآيتان 49 و50»،‏ فالبنون نعمة وزينة وتفاخر، والبنات نعمة وهبة، ولحكمة قدم البارئ سبحانه ذكر نعمة هبة الإناث على الذكور ووصف القرآن الكريم الأنثى بالهبة كان لغرض التعبير عن أنها خير ونفع لأبويها، ولهذا ينبغي أن يكون الأثر النفسي المترتب عن مجيئها هو الانبساط والابتهاج والشعور بالرضا والامتنان لواهبها ومانحها. ثقافة رائجة ثم إن القرآن أراد التأكيد والمبالغة في التصحيح للثقافة الرائجة في الوسط العربي الجاهلي فقدم الإناث على الذكور للتعبير عن أن هبة الإناث لا تقل شأنا عن هبة الذكور. ويرى بعض المفسرين أن تقديم الإناث على الذكور هو إرادة التأكيد على أن الإنجاب خاضع لمشيئة الله تعالى وحده فرغم أن رغبة الإنسان غالباً ما تتعلق بالذكور دون الإناث إلا أن ذلك ليس خاضعا لرغبته، فهو تعالى وحده من يقدر الهبة. وهبة البنات، نعمة يجد العبد ثمرتها في الدنيا بسعة الرزق والبر الذي يجده الآباء والأمهات من بناتهم، وفي الآخرة بالشفاعة ودخول الجنة. قال ابن كثير، يذكر تعالى نعمه على عبيده بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً من جنسهم، ليحصل الائتلاف والمودة والرحمة، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكوراً وإناثاً، وجعل الإناث أزواجاً للذكور، ثم ذكر تعالى بأنه جعل من الأزواج البنين والحفدة وهم أولاد البنين. المال والغنى وقال الإمام الشوكاني إن قول الله تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) رد على الذين كانوا يفتخرون بالمال والغنى والأبناء فأخبرهم سبحانه أن ذلك مما يتزين به في الدنيا لا مما ينفع في الآخرة، كما قال في آية أخرى (إنما أموالكم وأولادكم فتنة)، «التغابن: الآية 15»، ولهذا عقب هذه الزينة الدنيوية بقوله: (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا)، أي أعمال الخير، وهي ما كان يفعلـه فقراء المسلمين من الطاعات أفضل من هذه الزينة بالمال والبنين. وقال القرطبي. إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالاً ونفعاً وفي البنين قوة ودفعا، فصارا زينة الحياة الدنيا فأخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فهو غرور يمر ولا يبقى، كالهشيم حين ذرته الريح، إنما يبقى ما كان من زاد القبر وعدد الآخرة. رحمة الله ويقول المفكر الإسلامي الدكتور‏‏ زغلول النجار والباحث المتخصص في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم إن الله خالق كل شيء فلا يدرك كثير من الناس العمليات المعقدة التي تمر بها عملية الإنجاب والمخاطر العديدة التي تعترضها لولا رحمة الله ورعايته‏‏ ومن هنا يصفها النص القرآني الكريم بأنها هبة من الله‏ ومن هنا كان واجب كل والدين أن يسجدا له شكراً على خروج كل مولود يولد لهما سليماً معافى من هذه الرحلة الطويلة الشاقة‏‏ والمحفوفة بالمخاطر‏ والتي تبدأ بتخلق النطف‏.‏ والذي يهب الإناث لمن يشاء ويهب الذكور لمن يشاء هو الله الخالق‏‏ البارئ‏‏ المصور ولا أحد سواه‏ ويجعل من يشاء بلا ولد‏‏ ذكراً كان أو أنثى‏. لعلَّ من مبررات ذلك أن يستبين فضل نعمة الذرية‏‏ فيحمد صاحبها ذلك لله‏‏ ويصبر من لا ذرية له فينال أجري الدنيا والآخرة‏.‏ ولذلك أكدت الآيات حقيقة عدل الله بتمييز عباده إلى أربعة أقسام‏‏ منهم من يعطيه الإناث‏‏ ومنهم من يهبه البنين‏‏ ومنهم من يعطيه الذكور والإناث‏‏ أو يزوج كلاً منهم بما يناسبه‏‏ ومنهم من يجعله عقيماً لأنه عليم بما يناسب كل فرد من عباده‏‏ قدير على تحقيق هذا التفاوت بين بني آدم بعلمه‏‏ وحكمته وإرادته‏‏ والذين يؤمنون بالله يدركون أن قدر الله هو الخير كله‏‏ والعدل كله‏‏ ولو اطلع الواحد منهم على الغيب ما اختار غير ما قدر له. كمال السعادة إن نعمة البنين والبنات من أجل النعم الحسية، وحب الأولاد مغروس في الطباع الإنسانية، فهم زينة الحياة الدنيا وبهجتها، وكمال السعادة ومتعتها، قال تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا)، «آل عمران: الآية 14»، إلا أن هذه النعمة وهذه الزينة لا تكتمل إلا بصلاح الأبناء واستقامتهم على الدين وحسن الخلق وأدب الإسلام. يقول الإمام ابن القيم فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©