الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

(القصد القصد تبلغوا)

3 أغسطس 2013 21:51
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن السير إلى الله تعالى لا يقطع إلى بالاقتصاد، وهو أن يكون الإنسان وسطا بين الغلو والتفريط، والنفس كالدابة: إذا ترك ترويضها نفرت، وإذا شدد عليها هلكت، قال الحسن رحمه الله: «نفوسكم مطاياكم؛ فأصلحوا مطاياكم تبلغكم إلى ربكم عز وجل»(فتح الباري لابن رجب (1/153). والله عز وجل ما شرع الشرائع ليشقى بها العباد وإنما لسعادتهم، كما قال تعالى: «مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى» [طه: 2] وقال: «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»[البقرة: 185]. ولذلك أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من شدد على نفسه في العبادة، فعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ»(متفق عليه). فهذه المرأة كانت لا تنام الليل كما في بعض روايات الحديث، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الفعل الذي فيه شدة على النفس ولا يستطيع الإنسان المداومة عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»(رواه البخاري). وفي رواية: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا». فمن لم يقتصد لا يبلغ، قال بن المنير: «في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع»(فتح الباري (1/94). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ قَالَهَا ثَلاَثًا» (رواه مسلم). فالتشدد في غير موضع الشدة باب من أبواب الهلاك والخسارة، قال الذهبي: «وقد جعل الله لكل شيء قدراً، والسعادة في متابعة السنن، فزن الأمور بالعدل»(سير أعلام النبلاء (14/70). وقال: «وكل من لم يزم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية، يندم ويترهب ويسوء مزاجه، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، الحريص على نفعهم»(سير أعلام النبلاء (3/85). وقال: «فلا خير إلا في الاتباع، ولا يمكن الاتباع إلا بمعرفة السنن»(سير أعلام النبلاء (9/409). وهذا أمر عام في كل أبواب الدين، قال الطحاوي: «دين الله في الأرض والسماء واحد، وهو بين الغلو والتقصير»(العقيدة الطحاوية).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©