الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زين الدين زيدان الأستاذ

زين الدين زيدان الأستاذ
24 سبتمبر 2006 00:33
وضعه بيليه ضمن أفضل خمسة لاعبين في تاريخ كرة القدم ومنحه لقب ''الأستاذ''، وصفه ميشيل بلاتيني بالرائع الذي يبتكر الجديد في كل مباراة، وأطلق عليه ميشيل دينيسو مذيع قناة كنال بلوس الفرنسية الزعيم، واختاره الاتحاد الأوروبي كأفضل لاعب في النصف قرن الأخير· زين الدين زيدان هو الأستاذ والرائع والزعيم والساحر والمبدع والفنان والمايسترو، أعاد كتابة تاريخ الكرة الفرنسية ورسم بموهبتة الاستثنائية اجمل لوحات الإبداع في ملاعب الكرة واحتلت كل أعماله مكانة بارزة في متحف التاريخ الكروي مع بيليه ومارادونا وكرويف وديستفانو وبلاتيني · ترك الملاعب وعلق الحذاء على الحائط بعد مونديال المانيا 2006 ولكن إنجازاته التي سطرها خلال 16 عاماً لن تغادر ذاكرة عشاق كرة القدم لسنوات طويلة، ومع إبداعات زيدان نتوقف في أهم المحطات من خلال أحدث كتاب صدر عن قصة حياة استاذ كرة القدم · خطا المايسترو زين الدين زيدان خطواته الأولى وبداياته كلاعب كرة قدم في مدينة صغيرة لا يتجاوز تعداد سكانها أحد عشر ألف نسمة، وهي مدينة ''سيتيم - ليه - فالون'' الواقعة على بعد حوالى عشرة كيلومترات من مرسيليا· وهذه المدينة الصغيرة المبنية على الطراز الروماني القديم نالت شرف الإشارة إليها في عدة مؤلفات عن زيدان، أو على مواقع الإنترنت وبمختلف اللغات·· والسبب معروف طبعاً· كان زيدان يقسم وقته بين ممارسة لعبة الجودو وبين أحد أندية هذه المدينة الصغيرة واسمه ''يو· اس· سان هنري''· وهناك اكتشفه روبير سينتينيزو مدرب الناشئين في ''سيتيم'' واقترح عليه أن يأتي الى النادي لكي يصقل موهبته، والحقيقة أن زيدان نفسه يعترف بفضل هذا الرجل وعندما يتحدث عنه يقول: رجل مثله لا يمكن للمرء أن ينساه، ولن يغادر أبداً ذاكرتي وقلبي وعقلي· وكان هذا الرجل سينتينيزو يعمل متطوعاً ولم يتردد في منح وقته بل وماله أيضاً للاعبين الصغار في النادي·· وفي سيارته البيجو الرمادية طراز 104 كان يصطحب معه كل صباح يوم أحد الصبي من مدينة ''لاكاستيلان'' مسقط رأس زيدان الى مدينة ''سيتيم'' الصغيرة·· وكان نجمنا زيزو بينهم دائماً· وعندما كان زيدان في التاسعة من عمره كان يرتدي الفانلة الحمراء في أصفر الخاصة بنادي (50 سيتيم)، وسرعان ما اكتشف المدربون في هذا الصبي استعدادات فطرية رائعة، فهو موهوب الى أبعد الحدود، وهذه الموهبة كانت كافية لاستدعائه للعب مع أفضل ناشئي المنطقة كلها في ''دايكس - أون - بروفينس'' ولعب وقتها جناحاً أيسر وتردد اسمه كثيراً بين السماسرة والكشافين الذين يجوبون القرى والملاعب البلدية والاستادات الريفية بحثاً عن المواهب الكروية· وأحد هؤلاء الكشافين ويدعى جان فارو وهو متطوع محب لنادي ''كان'' الذي كان وقتها من أندية دوري الدرجة الأولى الفرنسي، كان قد سمع كلاماً كثيراً عن موهبته وإنجازات هذا الصبي الصغير ابن مرسيليا وقرر الذهاب لرؤيته بنفسه وكانت المفاجأة، فقد أصيب بالذهول من المستوى الرائع الذي شاهده من هذا اللاعب في إحدى مباريات الناشئين بين فريقي سيتيم وسان رافائيل· وكلما تذكر جان فارو ذلك الآن يردد قائلا لقد كان شيئاً رائعاً أن أشاهد النجومية الأولى لزيدان· ومن وقتها لم يكن وارداً على الإطلاق أن يترك فارو هذا العصفور النادر زيدان· البداية الحقيقية في كان عندما بلغ زين الدين زيدان الثالثة عشرة من عمره قرر مسؤولو نادي ''ايه إس كان''فتح أبواب النادي أمامه·· ولكن الصبي وجد بعض التحفظات والرفض في البداية من جانب والديه إذ كانا يتخوفان من ابتعاده عن المنزل·· ولكنهما استسلما في نهاية المطاف لرغبة ابنهما الموهوب ووافقا على السماح له بإجراء اختبار لمدة أسبوع في نادي كان·· فماذا كانت النتيجة؟ مكث هناك ست سنوات كاملة· ولم يكن زيدان سوى مجرد صبي عندما غادر مرسيليا الى مدينة كان البعيدة جداً عن مقاطعة ''لاكاستيلان'' والبعيدة أيضاً عن والديه· وكان في استقبال زيزو هناك أحد مسؤولي النادي ويدعى إيلينو ومعه أفراد أسرته، وكان شرط والدي زيدان اسماعيل ومليكة أن يبقى ابنهما قريباً من هذه الأسرة·· أسرته الثانية، وقد كان· ولأن البعاد عن الأهل في مثل هذه السن الصغيرة يكون صعباً فقد عانى الصبي زيدان الكثير من الآلام واكتشف أن الطريق الى احتراف معشوقته كرة القدم لن يكون مفروشاً بالورود وإنما مبذوراً بالأشواك والمصاعب·· ومرت السنوات الثلاث الأولى في مركز التدريب ثقيلة ولكن زيدان كان يتعلم ويستوعب ويكرر بلا ملل أو كلل كل الحركات والألعاب التي تصقل موهبته، تلك الموهبة التي ساوت الكثير· أول عقد احتراف كان نادي ''ايه اس كان'' يعيش أزهى عصوره حيث كان يلعب وقتها في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، وكان يدربه جان فرنانديز الذي أتاح الفرصة لزيزو لكي يلعب ضمن مجموعة المحترفين ويتدرب معهم بينما كان زيدان في السادسة عشرة من عمره·· وكان المدرب أكثر جرأة عندما أشرك الصبي زيدان في 20 مايو 1989 في أول مباراة له في دوري الدرجة الأولى، وكانت أمام فريق نانت وكان يلعب له وقتها النجمان الفرنسيان الدوليان الكبيران مارسيل ديزايي وديدييه ديشان·· وتألق الصبي زيدان ولعب مباراة عمره الصغير وفاز فريقه وحصل هو على مكافأة فوز قدرها خمسة آلاف فرنك وسارع بإرسالها الى والديه· وما أن انتهى هذا الموسم إلا وكان زيدان قد وقع عقد احتراف مع كان وهو أول عقد احتراف ليبلغ هدفه ويجسد حلمه في أن يكون لاعب كرة قدم محترفا· أول جائزة·· سيارة رينو واستمر زيدان في تألقه مع كان وبدأ يشارك أكثر في المباريات في السنة التالية حيث لعب 28 مباراة من إجمالي 38 مباراة لعبها الفريق، وتنقل في كل المراكز هجوماً ودفاعاً، فلعب ليبرو ولعب أيضاً جناحاً أيسر· وفي عام 1991 وتحديداً في شهر فبراير جاءت الفرصة مرة أخرى لزيدان للفوز على فريق نانت، وهذه المرة سجل زيدان هدفاً، وكان الأول الذي يسجله في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، وكان ذلك يوم 8 فبراير، والأجمل من ذلك أن زيدان فاز في هذه المباراة بسيارة رينو كليو حمراء، وكان لها حكاية فقد كانت رهاناً بينه وبين آلان بيدريتي رئيس نادي كان· وقتها كان زيدان في الثامنة عشرة من عمره وبدأ اسمه يتردد على الألسنة يوماً وراء يوم وانضم الى صفوف المنتخب الأولمبي الفرنسي وكانت نقطة الانطلاق في مشواره كلاعب كرة· حقاً·· لقد بلغ زيزو هدفه وأصبح لاعب كرة محترفا، وأشركه جميع مدربي نادي ايه· إس كان كلاعب أساسي كل الوقت، بل أستطيع أن أقول إنهم وقعوا جميعاً في سحر هذا الموهب الفريد من نوعه·· وبدأ زيدان يستكشف عالم المحترفين بأفراحه ومباهجه وضغوطه وأوجه قلقه، وعندما بدأ زيدان موسم 91 - 1992 كان قد أصبح لاعباً معروفاً وكان في التاسعة عشرة من عمره وهو موسم تأكيد موهبته الكبيرة· خيبة أمل·· ولكن كان جدول زيدان في هذا الموسم مزدحماً جداً حيث كان موزعاً بين ناديه والكتيبة التي يؤدي فيها خدمته العسكرية ''كتيبة جونفيل''·· صحيح أن وضعه كلاعب محترف قد أتاح له قدراً أكبر من المرونة للعب مع فريقه ''كان'' الذي كان يلعب وقتها في كأس أوروبا لأول مرة في تاريخه، إلا أنه مع توالي المباريات وكثرتها وأيضاً كثرة السفريات والانتقالات، تأثر أداء نجمنا كثيراً فانعكس ذلك على نتائج الفريق فكانت مخيبة للآمال، وصارع من أجل الهروب من شبح الهبوط للدرجة الثانية، ولكنه لم يفلح وكان من المنطقي أن يهبط في نهاية الموسم·· حقاً إنها خيبة أمل كبيرة وضربة موجعة للفريق ولكن هل أوقفت الصعود الصاروخي لزين الدين زيدان؟ لا·· لم يحدث على الإطلاق·· لماذا؟ لأن ''مصائب قوم عند قوم فوائد''·· فحالة البؤس التي اصابت نادي كان أدخلت السرور في قلوب عدد كبير من أندية الصفوة التي كانت تطمع في ضم زيدان الى صفوفها·· وارتفع سعره، وبدأ يشعر بأن مستقبله الحقيقي سيكون في الانتقال الى ناد آخر كبير يعوض ناديه بمبلغ كبير من المال بعد أن هبط الى الدرجة الثانية· في بوردو بـ 3,5 مليون فرنك وفي هذا التوقيت انتهز ''رولان كوربيس'' ابن مرسيليا ومدرب بوردو آنذاك هذه الفرصة فقد كان المهاجم الفرنسي المعروف كريستوف دوجاري لا يكف عن الحديث عن زيدان أمامه ويفرط في الكلام عن موهبته وكان وقتها زميلاً له في صفوف المنتخب الأولمبي الفرنسي، وكان دوجاري يقول عن زيدان دائماً ''لقد لعبت مع أفضل لاعب فرنسي''·· واقتنع المدرب كوربيس بكلام دوجاري ونقل الى مسؤولي النادي حاجته الى هذا اللاعب، وبالفعل اشترى بوردو زيدان بمبلغ ثلاثة ملايين ونصف المليون فرنك·· ونجح كوربيس في أن يجعل من زيدان صانع لعب من الطراز الأول، وهو الذي أطلق عليه من وقتها لقب ''زيزو''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©