الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجواء التسامح تقهر أحاسيس الغربة وفراق الأهل في رمضان

أجواء التسامح تقهر أحاسيس الغربة وفراق الأهل في رمضان
6 أغسطس 2011 22:03
الذهاب إلى المطاعم، أو التشارك مع رفاق السكن في إعداد الإفطار، أو حتى تلبية دعوة لدى أسرة أحد الأقارب في حالة وجوده .. وسائل مختلفة يحاول بها المغتربون التغلب على مشاعر الحنين للأهل عند الجلوس يومياً لتناول الإفطار خلال شهر رمضان، خاصة أن الشهر الكريم في بلداننا العربية يرتبط بشكل كبير بتجمعات العائلة حول موائد الإفطار، ما يجعل وقت الإفطار لدى البعض مصحوباً بالشعور بالوحدة وفراق الأهل. للتعرف إلى ما يفعله العزاب خلال الشهر الفضيل وكيف يواجهون هذه المشاعر، توجهت “الاتحاد” إلى بعض منهم، وكانت البداية مع مصطفي عبدون (30 سنة) ويعمل موظف مبيعات بإحدى الشركات، وقال إنه جاء إلى الإمارات منذ أربع سنوات، ومرت عليه أيام شهر رمضان وقتها بصعوبة، حيث شعر بالمعنى الحقيقي للغربة، ولكن مع توالي السنوات وتكوين صداقات مع زملائه في العمل والسكن، أصبح الأمر عادياً بالنسبة له، وأصبح قادراً على طهو أنواع مختلفة من الطعام، بل ودعوة أصدقائه للإفطار الذي يعده بنفسه. أهداف محددة وأوضح عبدون أنه جاء من أجل تحقيق أهداف محددة، مثل شراء شقة والزواج، ويعلم أن الغربة لها ثمن، ولكنه يحمد الله أنه يعيش في بلد عربي مسلم، ما يخفف عنه الكثير من التفكير في مشاعر الفراق والوحدة. من جهته ذكر أيمن عبد الرافع (29 سنة) ويعمل موظف أمن، أنه يعيش في الإمارات منذ سنتين، ومشاعر الوحدة لا تفارقه في رمضان أو غيره، ولكنه يتعامل معها بواقعية، ويعرف أنها فترة محددة في حياته، ولذلك يحاول ألا يفطر بمفرده مطلقاً هذا الشهر، ودائماً يتعاون مع أصدقائه في إعداد وجبة الإفطار، وإذا أجبرتهم ظروف العمل على ألا يجتمعوا سوياً على الإفطار، يذهب إلى أقرب مطعم ويتناول طعامه هناك. أما تيسير عدنان (27 سنة) يعد أحسن حالاً من سابقيه، حيث يذهب أغلب أيام الشهر الكريم لتناول الفطور مع شقيقته المتزوجة والمقيمة في أبوظبي، ومن ثم فهو لا يشعر بالبعد عن الأهل، كونه يقضي معظم ليالي رمضان مع أقربائه، ومع ذلك أكد عدنان أن رمضان مع الأسرة له طعم ومذاق آخر، حيث يستطيع أن يعزم أصدقاءه ويجتمع بإخوته ووالديه يومياً في وجبتي الإفطار والسحور، بعكس ما يحدث معه طوال العام، بحيث يكون مشغولاً في العمل أو الخروج مع الأصدقاء، بعكس الحال في رمضان الذي يجتمع فيه بشكل منتظم يومياً مع أسرته على مائدة الإفطار. حياة العزوبية إبراهيم عادل (33 سنة) متزوج منذ 5 سنوات، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه يعيش حياة العزوبية، ويشارك أصدقاء السكن إعداد طعام الإفطار، وقال إنه على الرغم من علاقته الجيدة بأصدقائه إلا أن ذلك لا يكون بديلاً عن جلسة العائلة حول مائدة الإفطار، وبالتأكيد يفتقد إلى لذة الجو الأسري المليء بالحب والإقبال على أنواع الطعام المختلفة بشهية مفتوحة للتلذذ بطعمه، وليس مجرد تناول الأكل بغرض سد الجوع. وبين عادل أنه يحاول التغلب على التفكير في الحنين للأهل، في الانشغال بإعداد الطعام مع أصدقائه ويقوم كل منه بدوره في إطار من الضحك والفكاهة، ما يقلل إلى حد ما قسوة الشعور بافتقاد التجمعات الأسرية التي تعد من أبرز سمات شهر رمضان. هيثم بدران (26 سنة)، من جانبه قال إنه يحب تناول الوجبات الجاهزة من المطاعم، كونه لا يعرف أساسيات الطبخ، كما أن كلفة الوجبات تكاد تتساوى مع تكلفة عمل الطعام في المنزل، فضلاً عن الوقت الذي ينفقه في عمل طعام، وقد يكون غير جيد المذاق، أما عن مشاعر الوحدة والبعد عن الأهل، يرى هيثم أنها سنة الحياة أن الشخص عندما يكبر يبدأ في الاستقلالية والاعتماد على الذات، ولذلك يسعى إلى السفر والإقامة خارج وطنه لتحقيق أهدافه الحياتية من زواج وشراء شقة وغيرها من المتطلبات المادية، وهذه الأمور جميعاً تجعله يركز على عمله بقدر الإمكان ولا يعطي لنفسه فرصة للتفكير في الأمور السلبية التي قد تثبط من همته وعزيمته في أهم مرحلة في حياته يحاول فيها بناء نفسه، وتحقيق آماله، وهذا لا ينفي حبه للالتقاء بأهله للتمتع معهم بالطقوس المميزة لشهر رمضان، ولكن وكما يقول بدران، التعب والشقاء هما ثمن النجاح وتأكيد الذات. تعاون نسائي على الجانب الأخر، وهو الجانب النسائي الأكثر مهارة بالمطبخ وإعداد ما لذ وطاب خلال الشهر الكريم، قالت بدرية صفوان (28 سنة) إنها جاءت إلى الإمارات منذ ثلاث سنوات للعمل في مجال المبيعات، وكان أول رمضان قضته داخل البلاد باعثاً لمشاعر الحنين لللأسرة وطعام الأم، ولكن مع مرور الوقت وتوالي الأعوام، أصبحت قادرة على التعامل مع الواقع وصارت تتفق مع زميلاتها على عمل الإفطار يومياً بالتبادل، بحيث تتولى إحداهن إعداد الطعام يومياً، وتقوم الأخرى بغسل الأواني بعد الانتهاء من الطعام. ولفتت صفوان إلى أنها وكثير من البنات لا يجدن غضاضة في السفر والاغتراب بمفردهن، كون ذلك صار من متطلبات الحياة العصرية، ولكل فتاة أحلامها وتطلعاتها الخاصة تحاول تحقيقها بنفسها، ولذلك لا بد من بعض التضحيات مثل فراق الأهل والأحباب خصوصاً في شهر رمضان، الذي يتميز عن غيره من أوقات العام، بالتجمعات الأسرية والزيارات العائلية لتلبية دعوات الإفطار، وهو ما قد ينساه كثير من الناس بفعل انشغالات الحياة. تغلب على الغربة أما مها عبد الفتاح (31 سنة) وتعمل محاسبة في إحدى الشركات، فقالت إنها تسكن مع مجموعة فتيات من جنسيات عربية، ويتشاركن في إعداد الطعام يومياً، ويحاولن تناسي مشاعرهن بالوحدة والبعد عن الأهل، بالتعاون في كثير من الأمور ومنها إعداد طعام الإفطار، ثم الذهاب إلى صلاة التراويح بعد ذلك مع بعض صديقاتها. إلى ذلك، بينت عبد الفتاح أنها أقل شعوراً بالغربة من صديقاتها، كون أخوها يعمل موظفاً في إحدى الشركات، ويقيم في سكن الشركة، غير أنه يلتقيها كل أسبوع ويذهبان لتناول الإفطار في أحد المطاعم، وبعد ذلك يذهب معها للتجول حتى آذان العشاء، وبعد الانتهاء منها، يذهبان إلى التنزه في المراكز التجارية ثم تناول وجبة خفيفة، وبعد ذلك تعود إلى سكنها مع صديقاتها، وأكدت عبد الفتاح أن وجود أخيها معها يجعلها أكثر حظاً من كثير من المغتربات، اللواتي قد تسيطر عليهن مشاعر مؤلمة في كثير من الأحيان، على الرغم من حرصهن على كتمان تلك المشاعر. سبل الاستقرار النفسي أكد الاختصاصي النفسي أحمد محمود الحسيني، أن تلك المشاعر التي تنتاب المغتربين خلال شهر رمضان، خاصة وقت الإفطار، هي طبيعية جداً كون هذا الشهر يحمل في نفوس الشعوب العربية والإسلامية مذاقاً خاصاً وله طقوس مميزة، يأتي على رأسها تجمع أفراد الأسرة حول مائدة الإفطار، وتبادل الزيارات العائلية، وكذلك تجمعات الأصدقاء على المقاهي على اختلاف مستوياتها، التي صارت أشبه بأندية اجتماعية انتشرت بشكل لافت في العالم العربي خلال الأعوام الأخيرة. وأكد الحسيني أن التغلب على مشاعر الاغتراب، يكون عبر انتماء الفرد لجماعة الأصدقاء التي يعيش معها في السكن، ويحاول أن تكون العلاقة بينهم خلال هذا الشهر على أفضل ما يكون، سيما أن سكن العزاب قد يضم بين جنباته قليلاً من الاحتكاكات والمناوشات الناتجة عن ضغوط الغربة، غير أن شهر رمضان للتسامح والغفران، وهو ما يتطلب من الجميع التسامح. وشدد الحسيني على أن أجواء التسامح تلك تساعد الجميع على التغلب على أحاسيس الغربة، خاصة عندما يتشارك الأصدقاء في إعداد طعام الإفطار، أو الذهاب لتناول الإفطار بشكل جماعي في أحد المطاعم. وأشار إلى أنه يجب على كل مغترب أن يضع في قرارة نفسه مجموعة من الأهداف المحددة يتمكن من إنجازها خلال سنوات الغربة، ومن خلال التركيز على تحقيق تلك الأهداف يصير التفكير إيجابياً ويتم التعامل مع المشكلات المتعددة التي تواجه المغترب ومنها الحنين إلى الأسرة، بحيث يتعامل معها بمرونة عالية، وأن التغلب عليها يعد السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار النفسي لهم الذي يساعدهم على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©