الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراقيون.. اصطفاف وطني ضد الإرهاب

العراقيون.. اصطفاف وطني ضد الإرهاب
23 أغسطس 2014 21:13
يرى جوزيف بايدن أنه خلال الأشهر الأخيرة، تمكن تنظيم «داعش» الإرهابي من السيطرة على مناطق مهمة في العراق، مستغلاً في ذلك الانقسام المذهبي وانعدام الثقة السياسية التي أضعفت الجيش العراقي. ويعمل هذا التنظيم دون هوادة على تمزيق العراق من أجل إقامة الخلافة المزعومة. إلا أن الطوائف العراقية بدأت الآن توحيد صفوفها للتصدي له. ونظراً لأن أكثر من 13 مليون عراقي أدلوا بأصواتهم في انتخابات أبريل الماضي على الرغم من تهديدات «داعش» بقتل كل من يشارك فيها، فإن العراقيين اختاروا برلمانهم الجديد ورئيسهم، ونجحوا في تسمية حيدر العبادي رئيساً مكلفاً بتشكيل حكومة جديدة. وتنطوي هذه الخطوات على مغزى مهم لأنها أظهرت أن العراقيين بدأوا بالفعل بفهم الحقيقة التي تفيد بأن عليهم أن يرتفعوا فوق خلافاتهم. وبأنهم عندما يفعلون ذلك، سيكون في وسعهم تحقيق النجاح، ليس فقط في مجال إعادة توحيد وطنهم، بل وأيضاً في إلحاق الهزيمة بـ«داعش». ولا بد هنا من تأكيد أن التفاوض مع «داعش» مرفوض. ولقد وقفنا على جرائمها الشنيعة وتطرفها عندما أقدمت على إعدام الصحفي الأميركي «جيمس فولي» بالإضافة لعدد كبير من الناس الأبرياء. ولكن، حتى لو لم يكن هناك «داعش»، فإن بقاء العراق دولة موحدة سيعتمد أيضاً على قدرة العراقيين على نبذ خلافاتهم والاتحاد تحت شعار يجمعهم معاً. وسيبقى الأمن الوطني العراقي رهيناً بتركيز الاهتمام على إزالة أسباب الخلافات التي تفرق بين العراقيين وتشجع الحركات المتطرفة، وبأن يقتنعوا بأن مطالبهم يمكن تلبيتها عن طريق العمل السياسي لا عن طريق العنف. العراق وأميركا في خندق واحد يقول هوشيار زيباري وزير خارجية العراق : لقد كرّستُ حياتي كلها للنضال من أجل تحقيق السلام والديمقراطية في العراق عندما كنت عضواً في «البشمركة» أناضل وأقاتل ضد نظام صدام حسين في بداية الأمر، ثم كدبلوماسي يحرص على إبراز دور العراق كشريك فعال يساهم في تحقيق السلام العالمي. ولكنني لم أرَ في حياتي ما يفطر القلب أكثر مما شاهدت مؤخراً في شمال العراق. فقد لجأت النساء والأطفال عبر الجبال لعدة أيام من دون طعام ولا ماء، وفقد الآباء أبناءهم الذين اختطفوا وتعرضوا للموت أو الاستعباد، وسمعت عن اغتصاب الزوجات وبناتهن، وعن أمهات قطعن أيديهن حتى يشرب أبناؤهن الدماء منها ليبقوا على قيد الحياة. وقد انتشرت مثل هذه الأعمال الوحشية لأن فصيلاً إرهابياً يطلق على نفسه اسم «الدولة الإسلامية» ويعمل وفق مفاهيم خاطئة للإسلام، تبنّى أعمال التطهير وفقاً لمبدأ «كن معنا أو سنقتلك». وقد طالت المذابح التي اقترفها هذا التنظيم الإرهابي القرويين، واختطف مئات النساء والفتيات، وعمد إلى قطع الرؤوس ودفن الضحايا وهم أحياء، فضلاً عن اقتراف الكثير من الأعمال الإجرامية الأخرى التي روّعت الإيزيديين والأكراد والمسيحيين والتركمان، من دون أن يوفر السنة أو الشيعة، ما دفعهم إلى النزوح عن بيوتهم. وقد تجمع أكثر من مليون نازح في ملاجئ شديدة الاكتظاظ في المنطقة الكردية التي أنتسبُ إليها. الإرهاب من «بيرل» إلى «فولي» يقول "مارك تشامبيون”: يذكّرنا قطع رأس المصور الصحفي المستقل «جيمس فولي» بعملية القتل البشعة أيضاً، التي تعرض لها مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» دانييل بُرل في 2002، ولكنه ينبغي أن يشكّل تذكيراً لنا أيضاً بأن «داعش» أو «الدولة الإسلامية»، بدأت تحت اسم «القاعدة في العراق» ولا تختلف عن قتلة بُرل سوى من حيث الأساليب. قتل الصحفيين كان عملاً دعائياً، يهدف إلى إحداث الصدمة. فزعماء «داعش» أو «الدولة الإسلامية» ليسوا سذجاً حتى يصدّقوا أن قتل «فولي» سيُقنع الولايات المتحدة بإنهاء ضرباتها الجوية ضد التنظيم، تماماً مثلما أن مهندس هجمات الحادي عشر من سبتمبر خالد شيخ محمد لم يكن يتوقع من الولايات المتحدة أن تلبي الطلب الذي في تسجيل الفيديو الذي يصور قطع رأس بُرل وتفرج عن كل السجناء المعتقلين في جوانتانامو. غير أن الذي يبعث على الخوف أكثر هو أن من قام بإعدام «فولي»، كانت لديه لكنة بريطانية – ويذكر هنا أن خاطف بُرل أحمد عمر سعيد كان مواطناً بريطانياً أيضاً -. ففي مرحلة ما، سيعود هؤلاء الأشخاص إلى أوطانهم، ما لم يتعرضوا للقتل أو الاعتقال، ولكنهم سيعودون بعد أن تعرضوا لغسل الأدمغة، وأصبحوا متطرفين. الواقع أن كلاً من «القاعدة و«الدولة الإسلامية» منظمتان عَدَميتان تستهدفان أي شخص لا يشاطرهما إيديولوجيتهما التي تستمد جذورها من فهم معوج ومنحرف للدين: ولذلك فإن أعداءها متنوعون، ويشملون السُنة المعتدلين والشيعة والمسيحيين والأكراد والأقليات الدينية مثل الإيزيديين – وبالطبع، الغرب. الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب يقول د. شملان يوسف العيسى: تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا لإدراج أسماء ستة قياديين متطرفين على القائمة السوداء للائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم «القاعدة»، ومنهم أعضاء تنظيمي «داعش» و«النصرة» اللذين أدانهما القرار في كل من العراق وسوريا بسبب أيديولوجيتهما العنيفة المتطرفة وانتهاكاتهما الفاضحة لحقوق الإنسان وخرقهما للقوانين الإنسانية الدولية. ما يهمنا في قرار مجلس الأمن هو شموله 4 أشخاص خليجيين من أصل 6، اثنان منهم من الكويت، واثنان من السعودية. والسؤال هو: هل تكتفي دول الخليج العربية بإصدار البيانات التي تدين الإرهاب والتعهد بأنها سوف تلتزم بقرار مجلس الأمن وبتنفيذ جميع بنوده التي تنص على حظر السفر وتجميد الأموال، أم أن دول الخليج ستراجع كل سياساتها السابقة التي اعتمدت على البعد الأمني في محاربة الإرهاب؟ لقد استمر انخراط الشباب الخليجي في العمل الجهادي، واستمر معه الدعم المعنوي والمالي من التنظمات الإسلامية العاملة في الخليج، رغم تأكيدات قادة دول المنطقة خلال القمم الخليجية على عزمهم مكافحة الإرهابيين وملاحقتهم. هنالك أسباب كثيرة أدت إلى «تراخي» الدول الخليجية، وتحديداً الكويت والسعودية، في اقتلاع ظاهرة التطرف والإرهاب في أراضيها، ومن هذه الأسباب وجود بيئة دينية محافظة تحتضن الإرهابيين وتدعمهم. وسبب ذلك يعود للتنشئة الاجتماعية ومناهج التعليم واستغلال الدين لأغراض سياسية وميل الحكومات إلى مهادنة الجماعات الدينية متصورةً بأنها تستطيع احتواءها واستغلالها، للحد من نفوذ القوى الليبرالية والديمقراطية والمدنية في المجتمع. الآن، وبعد اتخاذ مجلس الأمن قراره التاريخي وتضافر الجهود الدولية لمحاربة الإرهابيين في العراق، ودخول الولايات المتحدة بقوة جوية رادعة، وتعهد بريطانيا وفرنسا بدعم الجهود الدولية الإنسانية لمحاربة «داعش».. بعد كل ذلك بدأنا نشهد تغيراً واضحاً في موقف دول الخليج وعلى رأسها السعودية. فهذه الدول بدأت تعي بأن البعد الأمني، رغم أهميته، لا يمكن أن يحد من انتشار ظاهرة الإرهاب لوحده. أيام الغضب في «فيرجسون»! يقول جيمس زغبي: نحتفل خلال العام الجاري في أميركا بمرور نصف قرن على توقيع قانون «الحقوق المدنية». وبدلاً من أن نركز على الشوط الذي قطعناه منذ عام 1964، جعلتنا الأحداث المرعبة التي وقعت في منطقة فيرجسون بولاية ميسوري نتذكر الطريق الطويل الذي لازال أمامنا. ولا يتعلق الأمر فقط بالتفكير في سقوط الشاب الأسود «مايكل براون» قتيلاً في أحد شوارع فيرجسون بعد أن استقرت ست رصاصات في جسده اليافع، ولا بمشاهدة أفراد الشرطة في سيارات مصفحة، يرتدون زي المعركة، ويعتمرون الخوذات العسكرية ويضعون أقنعة الغاز بينما يحدقون في المتظاهرين من خلال مناظير أسلحتهم المتطورة. فالأمر أكبر من ذلك بكثير. الأزمة السورية.. هل كان بوتين على حق؟ أشار إيشان ثارور إلى أنه في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، كان الغرب يسابق الزمن للقيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد في دمشق، الذي كان متهماً باستخدام أسلحة كيماوية في هجمات ضد شعبه. ولكن هذا التدخل لم يقع أبداً، لأسباب ليس أقلها الرأي العام المحلي في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة المعارض لمزيد من التدخلات العسكرية في الشرق الأوسط. ويا له من اختلاف في الموقف حدث على مدار عام! فالولايات المتحدة تفكر الآن في توسيع نطاق هجماتها الجوية على مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» الذين ينشطون في العراق وسوريا.. أولئك المقاتلون الذين ينتمون إلى المنظمة الإرهابية التي تقود الحرب ضد نظام الأسد! وقد أثار تفاقم خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» واستيلاؤه على بعض الأراضي في العراق، واستمرار قمع وذبح الأقليات الدينية هناك وفي سوريا، إدانة عالمية واسعة النطاق. وفي هذا السياق قال السفير الأميركي السابق لدى سوريا «ريان كروكر»: «إنني لست مدافعاً عن نظام الأسد، ولكن على صعيد أمننا القومي، يُمثل تنظيم الدولة الإسلامية التهديد الأكبر في الوقت الراهن».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©