الصحراء المصرية تجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية لإقامة مشروعات تعدينية

بدأت الحكومة المصرية تنفيذ استراتيجية صناعية طويلة الاجل ـ استغرق اعدادها عامين ـ للاستفادة من الثروة المعدنية في الصحاري المصرية خاصة الصحراء الشرقية، لتشجيع المستثمرين المصريين والاجانب على اقامة مشروعات تعدينية بدلا من تصدير المعادن كمواد خام باسعار رخيصة. ويجري تنفيذ هذه الاستراتيجية في شكل تجمعات صناعية تساهم في اقامة مجتمعات عمرانية جديدة في صحراء مصر الشرقية، وشبه جزيرة سيناء، ومناطق الرمال السوداء بالقرب من بحيرة البرلس على الحدود الشمالية لمصر. وقررت وزارة الصناعة المصرية فرض رسم صادر على خمس مواد خام معدنية اساسية تشمل الفوسفات، والتيتانيوم، والخام الجيد من الدولميت، والكاولين، وبلوكات الرخام والجرانيت ويبلغ رسم صادر 80 جنيها (حوالي 54 درهماً) على كل طن من خام الرخام والجرانيت، و35 جنيها عن كل طن من خام الاسمنت. وقال المهندس عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية انه تجري حاليا دراسة تحديد قيمة الرسم الصادر على بقية الخامات الخمسة، مشيراً إلى أن الهدف هو اقامة مشروعات صناعية بقيمة استثمارية تصل الى 30 مليار جنيه (21 مليون درهم)، يتوقع ان توفر 28 الف فرصة عمل. ويركز المستثمرون حالياً على مشروعات التنقيب وتصنيع الفوسفات بسبب تزايد الطلب العالمي على الاسمدة الفوسفاتية، حيث وافقت الهيئة على اقامة 18 مشروعاً في صناعة الفوسفات والاسمدة الفوسفاتية بتكاليف استثمارية 6 مليارات جنيه (4 مليارات درهم). واشار عسل في تصريحات “للاتحاد” إلى أن للدولة المصرية الحق في استخلاص العناصر النادرة المصاحبة لخام الفوسفات من حامض الفسفوريك قبل تصنيعه كمنتجات نهائية. واضاف ان الهيئة توافق على المشروعات التي تقل احتياجاتها من خام الفوسفات عن 500 الف طن سنويا، بشرط قيامها بتدبير احتياجاتها من الخام بمعرفتها. اما المشروعات التي تتجاوز احتياجاتها عن 500 الف طن سنوياً، فتم الموافقة عليها بشرط الاتفاق مع الهيئة العامة للثروة المعدنية عن طريق منحها الترخيص اللازم للاستكشاف والاستغلال لخام الفوسفات في المناطق الجديدة. وكشفت مصادر قانونية بوزارة الصناعة “للاتحاد” عن أن هناك ثلاث شركات استثمارية تتفاوض الآن مع هيئة الثروة المعدنية للحصول على مناجم للتنقيب عن خام الفوسفات اللازمة لاقامة مصانع، والشركات الثلاث هي “الشركة العربية” المملوكة بالكامل للشركة “المصرية الكويتية القابضة” وشركة “اوراسكوم للانشاء والصناعة” و”المصرية للاسمدة المركبة” والتي تساهم فيها عدد من الشركات العامة المملوكة للدولة المصرية. وقالت المصادر إن الشركات ستحصل على هذه الخامات من الارض المصرية مقابل “اتاوة” لحساب الحكومة المصرية، وفقا للقانون الجديد للمحاجر والمناجم الذي رفع قيمة الاتاوة الى 28 جنيها عن كل متر مكعب من الحجر، مشيرا الى ان 70% من قيمة هذه الاتاوة سيحول لحساب وزارة المالية، و30 في المئة لحساب المحليات. واوضحت المصادر ان دور هيئة التنمية الصناعية يتوقف عند اصدار تراخيص المصانع مقابل تحصيل قيمة التكاليف عن تقييم دراسة المشروع من النواحي الاقتصادية والفنية. وسيتم استغلال الرمال السوداء قرب بحيرة البرلس، والتي يستخرج منها العديد من المعادن التي تدخل في العديد من الصناعات الحديثة، حيث تستخدم معادن التيتانيوم والتي تضم المينيت، والروتيل، والليكوكزين في صناعات البويات، والمطاط والحبر والمنسوجات وبلاط السيراميك والادوية والمواد الغذائية وهياكل الطائرات. ومعادن الزيركونيوم يستخدم في صناعة الزجاج والتجهيزات الصناعية، والعواكس، والاساسات، وتبطين الافران والمتوقع ان تعلن وزارتا الكهرباء والصناعة خلال الشهر الجاري طرح مشروع مشترك امام المستثمرين المصريين والاجانب لاستغلال هذه الرمال في الاغراض الصناعية، بتكلفة 120 مليون دولار. وتقدر الدراسات التي اجريت على هذه الرمال ان هناك حوالي مليار ومئة مليون متر مكعب من هذه الرمال الجافة توجد في الاراضي المصرية. واوضح المهندس عمرو عسل انه سيتم منح حوافز للشركات التي تقوم بانشاء وحدات تجهيز للخامات، واستغلالها لتغطية احتياجات السوق، وتشجيع صغار المستثمرين للعمل في فصل المعادن عن الرمال السوداء، والاستفادة من كل مكون على حدة لمنع اهدار هذه الخامة الاساسية التي يتزايد الطلب العالمي عليها. وتم تحديد منطقتين صناعيتين يمكن اقامتهما الاولى على 18 الفا و212 كيلو مترا وتمتد في الصحراء حتى محمية وادي الجمال، والثانية تبلغ 23120 كيلو مترا وتمتد من منطقة وادي الجمال حتى منطقة جبل علبة. كما تم ايضا تحديد منطقة جديدة بصحراء راس غارب. وذكرت الدراسات أن هذه المناطق غنية بالمواد الأولية من خامات الفلزات الحديدية وغير الحديدية وخامات الصناعات الكيماوية، ومواد البناء، والطاقة، والاحجار الكريمة وشبه الكريمة، بالاضافة الى المخزون الهائل من اجود انواع الرخام. واشارت الى ان خامات الفلزات الحديدية توجد في عدة مناطق من اشهرها ابومرات جنوب سفاجا، ووادي كريم جنوب القصير، ووادي رماح وام خميس، وجبل الحديد، وفي جبل علبة الكروم، وابو رماد وجبل رايش وراس شعيب، كما يوجد التنجستين في ابوحماد وابو خريف، والقصدير في ابودياب، والنيكل في جابر وابو عكارم، والتيتانيوم في ابوعلقة. وأكدت الدراسات انه اذا ما تم استغلال الثروة المعدنية في الصحراء الشرقية بطريقة علمية واقتصادية فسوف تعيد صياغة خريطة التنمية الاقتصادية والبشرية في مصر خلال القرن الحالي.