الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حاكم دولة زمبطيا

3 نوفمبر 2010 21:18
كانت دولة (زمبطيا) الإفريقية تعاني من المجاعة، وبنكها الوطني أشهر إفلاسه، و%80 من الأطباء والجراحين هاجروا إلى الخارج نظراً لتدني الأجور وانعدام الأمن، ونصف الشعب عبر الحدود راجلاً بحثاً عن القوت الضروري، والنصف المُتبقي كان يعاني الأمرّين من بطش الأجهزة الأمنية المُتعددة وفساد الجهاز الحكومي ودياثة القضاء. كان الحاكم رئيساً مُستبداً، ديكتاتوراً مُطلق الصلاحيات، يصرف لنفسه، ويحاسب نفسه، ويشهد في النهاية بالنزاهة لنفسه! عندما بلغت الأوضاع حداً من السوء لم يعد بالإمكان السكوت عليه، عقدت دول العالم اجتماعاً دولياً لإيجاد حلٍ للمشاكل الخطيرة التي غرقت فيها تلك الدولة الإفريقية المسكينة. وبعد مناقشات حامية الوطيس، قررت الدول الغنية تقديم منحة مالية سخية لإنعاش اقتصاد البلاد وتحسين معيشة الناس، ولكن بشرط واحد: الديمقراطية! وافق الحاكم الإفريقي على الشرط، وأمر بدمقرطة البلاد. وأعلن أنه قد عدّل الدستور، بحيث لا يحق لرئيس الجمهورية أن يبقى في الحكم أكثر من دورتين انتخابيتين، مُرسياً بذلك تقليداً مُشابهاً للنظام الرئاسي الأميركي. انشغلت الدولة الإفريقية المُدقعة الفقر بحمّى المنافسة الانتخابية، واصطخبت الشوارع والميادين باللافتات والصور والمُلصقات، وارتجت السماء والأرض بالحملات الدعائية. عقد الحاكم المزهو بديمقراطيته مؤتمراً صحفياً عقب نجاحه بأغلبية الأصوات في الانتخابات، فغصت القاعة الرخامية المُكيفة الهواء بمراسلي القنوات والصحف من جميع القارات. سأله صحفي شاب مشاغب من الكاميرون يضع على عينيه نظارة سميكة العدسات: ـ أنت فزت في هذه الانتخابات بأغلبية ساحقة، فهل تفكر أن ترشح نفسك مرة أخرى في الانتخابات القادمة؟ ضحك الحاكم الإفريقي ونظر إلى البعيد: ـ هذا السؤال سابق لأوانه.. أقترح عليك أن تورّثه لولدك.. لأنه وأحفاده من سيهمهم معرفة الجواب. قال الصحفي الكاميروني وهو يُنقل ثِقل جسمه من قدم لأخرى: ـ لماذا؟ كم مدة الدورة الانتخابية عندكم؟ رد الحاكم الإفريقي وابتسامة رضا ترفرف فوق شفتيه الغليظتين: ـ ألا تعرف؟ مائة عام فقط. قيل أن الصحفي الكاميروني المشاغب أصيب بلوثة عقلية، لأنه عندما وصل إلى الفندق أرسل تقاريره الصحفية إلى المغسلة، وناول موظف الفاكس ثيابه الداخلية ليبعث بها كأخبار عاجلة إلى الصحيفة التي يعمل لصالحها في ياوندي. * كاتب يمني
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©