الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

موريتانيا ميراث العسكر ورهانات المعارضة

25 سبتمبر 2006 01:37
خالد عمر بن ققه يراهن كثير من المراقبين في دول المغرب العربي على التجربة الموريتانية لجهة قيام العسكر بدور فاعل وبنّاء لصالح التجربة الديمقراطية المتعثرة في المنطقة ، خصوصا وأن موريتانيا دمجت خلال السنوات الماضية ،على مستوى الشكل على الأقل، بين الممارسة الديمقراطية وبين حكم العسكر ، سائرة على طريق الجيران ـ الأقرب- من حيث العقيدة العسكرية على اعتبار أن مسار الدولة تحدده المؤسسة العسكرية، ويرجع ذلك لأسباب تاريخية ، ليس هناك مجال ذكرها · المهم أنه إلى وقت قريب تصرّف الجيش الموريتاني، ليس على صعيد الانقلابات فقط ، و إنما على مستوى تسيير شؤون الدولة بعقلية تحرير الأرض من المحتل ، مما أعطاه نوعا من الشرعية - الحقيقية أو المزيفة - لتكريس واقعا في إطاره الزمني ، لم يكن متجاوبا من العصر، إلى أن حدث التغيير الأخير من داخل المؤسسة العسكرية نفسها، وترتب عن ذلك قراءة جديدة للواقع ، يبدو أن المعارضة الموريتانية لم تفهمه في سياقه الوطني والدولي ، لذلك عملت من أجل تطويعه ، أو ما اعتقدت أنه تطويعا ، خصوصا بعد أن فوجئت بالأسلوب الجديد للحكم الذي تبناه العسكر· من يعارض من ؟ والواقع أن القول بوجود معارضة في موريتانيا ، يمكن القبول به في فترة الرئيس'' ولد الطايع'' و لكن الآن اختلف الوضع ، إلا إذا سلمنا بأن المجلس العسكري الذي أعلن أنه يدير الحكم إلى غاية إجراء انتخابات، هو سلطة قائمة بذاتها ، أي أنه يمثل جماعة سياسية وليس مؤسسة تقود الدولة الموريتانية إلى بر الأمان ، إذن لماذا تصر الأحزاب على القول : أنها تمثل المعارضة ؟ وتعارض من ؟ السؤال السابق لا يخص الأحزاب الموريتانية وإنما هو عام يوجه إلى الأحزاب في كل الدول العربية، فهي تعارض الدولة و تتحالف مع الحزب الحاكم، وفي حالات قليلة تفصل بين ما هو وطني لصالح كل الشعب و ما هو حزبي ضيق يعبر عن منافع أصحابها وقياداتها، لذلك كثيرا ما تقع في صدام ظاهر أو خفي مع المؤسسة العسكرية، لأنه في الوقت الذي تحارب هذه الأخيرة من أجل القضايا الكبرى ، تفضل الأحزاب أن تختار الوهم والزيف على مستوى الخطاب والفعل· الكلام السابق لا يعني أن قيادات الجيش في هذه الدولة العربية أو تلك بمنأى عن الأخطاء - الكارثية أحيانا- ولا أن بعضها ترك الجيوش بدون عقيدة ـ أيديولوجيا ـ وشغل الشعوب في حياتها اليومية ، وألبسها لباس الخوف أحيانا والجوع أحيانا أخرى ، وكل هذا القضايا لا تحارب من أجلها المعارضة في الوطن العربي ، و من هذه الزاوية يصبح الحديث الدائر الآن في موريتانيا والذي جاء بشكل مخاوف من احتمال تراجع المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ، نوعا من تزييف الوعي للجماهير ، إذ بالرغم من صعوبة متابعة الشأن الموريتاني على المستوى المحلي ، إلا أننا ومن خلال النظر إليه ضمن السياق العربي العام، يمكن القول : إن رهان المجلس- الحاكم حاليا- على شخصيات مستقلة أهم بالنسبة إليه من الرهان على الأحزاب ، لأن هذه الأخيرة تريد - كما هي الحال في بعض البلاد العربية ـ أن تحل بديلا عن الدولة ، وهذا لا ينفي الحسابات الشخصية ذات الطابع العلائقي لقيادة المجلس العسكري · مخاوف مشتركة الواضح أن موريتانيا بناء على وعود المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية - نلاحظ هنا تقدم العدالة عن الديمقراطية -تسير نحو مستقبل سياسي واعد مقارنة بالجزائر مثلا ، مع أن الجيش في كلا البلدين أدرك أهمية أن يبتعد عن السياسة، مادام بإمكانه أن يتولى الإشراف على استقرار الدولة والتحكم في مصير السياسة دون تدخل مباشر· إذن على الذين يبدون مخاوفهم اليوم في الداخل من تراجع دور الأحزاب أن يعودوا إلى الماضي القريب ، حين كانت الدولة والحزب الحاكم والجيش شيئا واحد ،و حين كانت الشخصيات الفاعلة في أقبية السجون، صحيح أن بعضها لا يزال في السجون ، لذك كان منتظرا من الأحزاب أن تطالب بمزيد من الحريات لا أن تتصارع من أجل الوصول إلى السلطة، مع الاعتراف أن هذا الأمر مشروع· ومثلما هناك مخاوف من الأحزاب على المستقبل الديمقراطي هناك مخاوف من المجلس العسكري على الدولة ، أما اعتقاد البعض أن العسكريين سيسلمون الحكم ، دون أن تتوفر عناصر قيادية يتم التعويل عليها ، فهذا نوع من الأماني التي لا يمكن أن تتحقق أبدا ، لأن حدوث مثل ذلك سيؤدي إلى الفوضى والفتنة، على غرار ما حدث في دول كثيرة ، وهو ما يحاول المجلس العسكري- حسب اعتقادي - تفاديه في الحاضر والمستقبل· من ناحية أخرى فإن خوف الأحزاب غير مبرر، لأن المشاورات التي يجريها المجلس العسكري ، حتى لو كانت دعوة أو أمر لبعض الشخصيات الحزبية لترشح كمستقلين ، حق بل واجب يمليه الاختيار الديمقراطي ، ثم أن الأحزاب تتوجه في الانتخابات إلى الشعب، فكيف لها أن تخاف من ترشح البعض ؟ مرة أخرى الأحزاب في موريتانيا - مثل كثير من الأحزاب العربية الأخرى - تريد أن تتسلم لها السلطة دون جهد أوعناء، لأنها لم تؤمن بعد بدور الشعوب ··تلك مسألة جديرة ،حقا، بالمتابعة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©