الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سيمين بهبهاني.. قالت بالفارسية ما ينبغي.. ورحلت

سيمين بهبهاني.. قالت بالفارسية ما ينبغي.. ورحلت
24 أغسطس 2014 00:33
عبير زيتون (رأس الخيمة) طوى الثرى جسد الشاعرة الإيرانية الكبيرة سيمين بهبهاني، الملقبة بصوت الشعب الإيراني ونصيرة حقوق المرأة والانسان الأسبوع الماضي عن عمر يناهز 87 عاما، بسبب أعطاب أصابت قلبها الذي نبض بالحب ونادى بالعدالة الاجتماعية وحرية التعبير طوال ستين عاما، خلّدتها كرائدة من رواد الشعر الإيراني الحديث. تعتبر صاحبة القصيدة الأشهر «أوقفوا القاء بلادي في الريح»، التي شاركت فيها شعبها في احتجاجه على ذكر عن تزوير لحق الانتخابات عام 2009، آخر الشعراء الكلاسيكيين في إيران، وآخر أكبر الشاعرات في البلاد بعد رحيل بروين اعتصامي، وفروغ فرخزاد، وأهم من كتب القصيدة العمودية الفارسية وأبدع فيها تجديدا وتغييرا في الوزن والقافية، فلقبت بـ(سيمين الغزل) نسبة الى قصيدة العمود التي تسمى بالأدب الفارسي (الغزل)، كما لقبت بـ(نيما الغزل الفارسي) نسبة الى رائد الشعر الفارسي (نيما يوشيج) الذي حرر الشعر من إطاره العمودي، وأوزانه التقليدية. تميز شعر سيمين بهبهاني التي كانت ترفض لقب (شاعرة المرأة) رغم تبنيها لقضاياها والمطالبة بحريتها، بالجمال الفني والسلاسة الشعرية والبراعة والخفة في إدخال الحياة الاجتماعية الى روح ملاحمها الشعرية، فكتبت قصائد حب يغلب عليها رهافة الإحساس بلغة رقيقة، وقصائد اجتماعية بأوزان مبتكرة من حيث القالب والمضمون، عرت فيها العنف والقسوة، وعكست عبرها غضب الشعب الايراني العادي بآلامه وطموحاته، مع احترام للعادات والتقاليد ورفض للانغلاق والتقوقع. عرفت الشاعرة الراحلة منذ بدايتها الشعرية في أربعينيات القرن الماضي بنشاطها السياسي وخروجها الى جانب شعبها في المظاهرات المطالبة بحرية الانتخابات وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية، وأصبح شعرها الملتزم بقضايا شعبها مرآة لواقع لشعب الإيراني يعكس آماله وخيباته وآلامه وطموحاته. تغنى بشعرها المطربون الإيرانيون الكبار ولحنت قصائدها وحفظت عن ظهر قلب، ولا سيما قصيدتها «سأبنيك ثانية أيها الوطن» التي استخدمها الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه الى الشعب الايراني بعيد النوروز عام 2011، ووصفتها الصحافة الغربية بصوت الشعب الايراني الذي لم يبع قلمه وروحه. منعت سيمين بهبهاني من مغادرة البلاد في عام 2010، وهي بعمر 82 عاما حينما حاولت السفر الى فرنسا لحضور فعاليات يوم المرأة العالمي، وتمت مصادرة جواز سفرها ووضعت أشعارها تحت المراقبة لمدة عشر سنوات عقب اندلاع الثورة الايرانية عام 1979، وتعرضت للكثير من التشويه والمضايقات من الصحافة المقربة من المؤسسات الدينية. بدأت سيمين بر خليلي المعروفة باسم سيمين بهبهاني (1927 ـ 2014) كتابة الشعر وهي في الرابعة عشرة من عمرها عبر قصيدة نشرت في مجلة «بوبهار» يقول مطلعها: «ماذا تفعلين أيتها الجماهير الجائعة، ماذا تفعل أيها الشعب الفقير والحائر»، ثم توالت قصائدها في الصحف والمجلات ونشرت خلال أكثر من خمسة عقود من نشاطها الأدبي عشرين ديوانا شعريا منها «أثر القدم»، «نافذة نحو الحرية»، «القيامة»، «العود المحطم»، «المرمر»، «حظ من السرعة ومن النار»، بالإضافة لمؤلفاتها في النقد الادبي والترجمة عن اللغة الفرنسية الى الفارسية، والسيرة الذاتية. درست الراحلة سيمين التمريض في بداية عمرها لتعود لدراسة القانون ومن ثم الأدب بعد مقالة ناقدة لمدرسة التمريض أدت الى طردها، وعملت لأكثر من ثلاثين عاما في مهنة التدريس، كتبت ولحنت أكثر من ثلاثمائة قصيدة لكبار المطربين الايرانيين خلال عضويتها في لجنة الموسيقى والشعر عام 1969، انضمت لاحقا الى عضوية رابطة الكتاب الايرانيين التي قضى بعض أعضائها ضحايا سلسلة من عمليات التصفية السياسية استهدفت مفكرين من تسعينيات القرن الماضي. وقد استحقت الراحلة سيمين بهبهاني مكانة أدبية كبيرة داخل ايران وخارجها، ورشحت مرتين لجائزة نوبل للآداب، وترجمت قصائدها لمعظم اللغات العالمية منها الفرنسية والروسية والسويدية والألمانية، وحازت عدة جوائز عالمية منها جائزة سيمون دو بوفوار عام 2009، وجائزة المنظمة العالمية لحقوق الانسان (كارل فون اوستيزكي) عام 1999، وجائزة حرية التعبير من اتحاد الكتاب النرويجيين، وجائزة القلم المجري (يانوش بانونيوش) عام 2013. رحلت الشاعرة الإيرانية الكبيرة سيمين بهبهاني بعد أن قالت ماينبغي ان تقوله حسب تصريحها الأخير لقناة الـ bbc: «قلت ما كان ينبغي أن أقوله، قلت إنني ضد الموت، وضد القتل، وضد الحبس». من أشعار سيمين بهبهاني قصيدة تقول فيها: «الحبّ آتٍ من جديد/ الحب آتٍ من جديد! فافرح وابحث عنه، من جديد!/ إذا لم تبق لك ثروة، فحاول أن تقترض.../ إذا تحطّمتَ من الداخل، فلا تُشِع بأنك متعَب؛/ وإذا سئلت عن رأيك، فأشِر إلى الطرب!/ يحتاج وجهك الشاحب إلى صفعة قويّة!/ تعيد إليه شرارة الجمر المتّقد!». وتقول: «سأبنيك ثانية أيها الوطن/ ولو بطين روحي/ وأحكم سقفك بالأوتاد/ وإن كانت عظامي فيك/ سأشم الأزهار ثانية/ وثانية سأغسل عنك الدماء/ بسيل من دموعي الهائلة/ ثانية، وفي يوم أليف/ سوف يرحل الظلام عن البيت/ وسألوّن شعري/ بلون السماء الأزرق/ وإن كنت ميتة بعد مئة عام/ سأنهض من قبري/ لأمزّق قلب الشيطان/ بحشرجتي العالية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©