الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المعجزة الآسيوية تعيد رسم خريطة الاقتصاد الدولي

26 سبتمبر 2006 00:38
إعداد - محمد عبدالرحيم: عندما وضعت الحرب العالمية أوزارها لم يكن من الممكن آنذاك التنبؤ بالازدهار والديناميكية التي سوف يتمتع بها الاقتصاد الآسيوي، فجميع الدول الآسيوية كانت تعاني من الفقر، والصراعات آنذاك بينما لم يشهد البعض الآخر منها أي نوع من التقدم على الإطلاق، بل إن جميع المداخيل الآسيوية في عام 1950 لم تكن في عام 1950 تشكل سوى 10في المائة فقط من الدخل الأميركي، وعلى العكس من ذلك فإن أميركا اللاتينية من جهة أخرى كانت تبدو كرهان أفضل بكثير فيما يختص بالتطور والتنمية حيث إن المداخيل في أميركا اللاتينية كانت تساوي ربع المستوى الأميركي في عام 1950 كما أن المنطقة تتمتع بتوفر العديد من الموارد الطبيعية ناهيك عن قربها الجغرافي من أميركا الشمالية الورشة الاقتصادية العالمية في ذلك الوقت، إلا أنه وبحلول القرن الحادي والعشرين فقد حدث فيما يبدو ما لم يكن متوقعاً على الإطلاق· وكما ورد في تقرير اقتصادي لصحيفة الفاينانشيال تايمز مؤخراً، فقد جاء في كتاب حمل عنوان ''تاريخ الاقتصاد العالمي'' صدر مؤخراً لمؤلفه انجوس ماديسون أن المداخيل الآسيوية أصبحت الآن تشكل نسبة تزيد على 25 في المائة من مستوى دخل الولايات المتحدة الأميركية ، كما أن النمو المتسارع الوتيرة قد جلب معه الازدهار إلى أجزاء كبيرة من القارة الآسيوية من انتشار الفقر بشكل دراماتيكي، وفي الصين وحدها لم يعد 400 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر، أما أميركا اللاتينية فقد وجدت نفسها تلهث بعيداً عن هذه المكتسبات بعد أن تراجع مستواها المعيشي إلى 20 في المائة من المستوى الأميركي، على أن الدول الآسيوية لم تشارك بأجمعها في تحقيق هذا النجاح الباهر· فمتوسط الدخل في بنجلاديش على سبيل المثال لم يزد على ألفي دولار في العام، بينما لا يزال 700 مليون آسيوي أي 20 في المائة من تعداد القارة السكاني يعيشون في فقر مدقع· إن ما قامت به القارة الآسيوية لتحتل هذه المرتبة في القائمة العالمية لهو أمر يدعو للإشادة والتقدير، فهذه القارة التي تضم ما يقارب ال 60 في المائة من إجمالي التعداد السكاني العالمي أصبحت تسهم بأكثر من 35 في المائة من الانتاج العالمي وبحوالي 50 في المائة من النمو الاقتصادي منذ العام ،2000 أما نصيبها من حجم التجارة العالمية فقد ازداد من 11 في المائة إلى 26 في المائة في الفترة ما بين 1960 والعام ،2005 أما الأزمة المالية الآسيوية التي حدثت قبل عقد من الزمان بسبب الهجرة المتزايد لرؤوس الأموال من اقتصاديات دول المنطقة فلم تعد الآن تمثل أكثر من سحابة صيف تجاوزتها مسيرة الإنجازات الإقليمية الحافلة· ومما لا شك فيه فإن الصين أصبحت تشكل الضلع الأخير في هيكل قصة هذا النمو الذي لم يعد لأحد أن ينكره منذ أن أصبحت هذه الدولة رابع أكبر اقتصاد في العالم بأسره في أوائل هذا العام، إن المهارة الصينية والقدرات الصناعية استمرت توفر المكاسب والفوائد لسكان الدول الغنية أيضاً عبر التخفيض المستمر في أسعار السلع وبشكل الحق أضرارا جسيمة بالدول الصناعية المنافسة للدولة· وفي الوقت الذي بلغ فيه مستوى النمو السنوي في الواردات الصينية حدا أكبر من ذلك الذي تشهده جميع الدول الأوروبية مجتمعة فقد ذكر جون كيولين كبير مستشاري السياسات الاقتصادية في ليهمان بروزرز ان هذه الدولة أصبحت الآن أكثرأهمية للعالم كمحرك للنمو من جميع أوروبا''· بيد أن قصة النجاح الآسيوي لم تتحقق بسبب موقعها الجغرافي الخاص أو لوفرة الموارد الطبيعية حيث أشار التقرير الجديد الذي أصدره صندوق النقد الدولي الى ان استثمار رؤوس الأموال المادية والبشرية ثم الاهتمام البالغ مؤخراً بالجودة والكفاءة والنوعية هي التي وضعت الأسس التي أطلقت النجاح تلو النجاح في الدول الآسيوية على خلاف ما حدث في أميركا اللاتينية والقارة الافريقية فيما يختص بالتنمية، بل إن نجاح القارة الآسيوية في تأمين شركات عصرية تتسم بكامل الفعالية والنشاط وتعمل تحت مظلة سياسات مستقرة للاقتصاد الكلي بما في ذلك من حصافة وحكمة في المجال المالي ووجود أنظمة مصرفية مستقرة واندفاع متسارع الوتيرة نحو التكامل مع النظام التجاري العالمي إضافة إلى وجود قطاعات زراعية هائلة الحجم ووجود مؤسسات عامة فعالة، كل هذه العوامل والظروف ساعدت على تجنب المستويات العالية من التضخم واستقرار أسعار الفائدة مستويات إيجابية مما ساعد على استحداث وخلق كميات هائلج من الفرص· وخلص تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن الازدهار الذي تشهده القارة الآسيوية أصبح يعتبر مستداماً ويمكن أن يتلقى المزيد من الترسيخ والتعزيز إذا ما أقدمت الدول الآسيوية إلى نقل ذلك النجاح العالمي الذي حققته في الانتاجية الصناعية إلى قطاعاتها الخدمية التي ظلت تعاني من النقص في الكفاءة والجودة في كثير من الأحيان مقارنة بما تشهده من تطور وتقدم في الولايات المتحدة الأميركية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©