الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التزاور بين الناس يزيل الجفوة ويقوي الروابط الإنسانية

التزاور بين الناس يزيل الجفوة ويقوي الروابط الإنسانية
7 أغسطس 2011 22:15
جاءت الشريعة الإسلامية لتنشر مبادئ التآلف والترابط بين الناس، وتغرس قيم المحبة والمودة بينهم، وتوثق صلات التراحم والتعارف بينهم، فقال تعالى: “لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “الأنفال 63”. ودعت التعاليم الإسلامية إلى التزاور بين الناس لإزالة الجفوة من النفوس، وتقوية الروابط الإنسانية، وجعلت لذلك آداباً تحكمه وأخلاقاً تضبطه. والتزاور بين الناس أنواع كثيرة، منها صلة الأرحام، وزيارة الجيران، وزيارة الأحباب والأصحاب، وتدخل في التزاور كذلك عيادة المريض، وزيارة الفقراء والمساكين من الناس وتفقد أحوالهم وإدخال السرور على قلوبهم. المناسبات حث الإسلام على التزاور في أيام الأعياد، وفي الأفراح والمسرات، وفي الأحزان، كذلك من أجل مواساة من حل بدارهم الحزن والألم، ومؤازرتهم والتخفيف عنهم. ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من حق المسلم على المسلم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ” (مسلم). ومن الآداب التي وضعتها الشريعة الإسلامية للتزاور بين الناس ما يلي: أن يبتغي المسلم بزيارته وجه الله تعالى: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لاَ غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ” (مسلم). فِي هَذَا الْحَدِيث فَضْل الْمَحَبَّة فِي اللَّه تَعَالَى، وَأَنَّهَا سَبَب لِحُبِّ اللَّه تَعَالَى الْعَبْد، وَفِيهِ فَضِيلَة زِيَارَة الصَّالِحِينَ وَالأَصْحَاب، وفي هذا الحديث كذلك الحث على التودد والتآلف عن طريق التزاور، ابتغاء وجه الله تعالى ومرضاته. أن يستأذن أهل البيت: ويعد ذلك من الآداب التي شرعها الله عز وجل للحفاظ على حرمات البيوت، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) “النور، 27”، فعلى من أراد زيارة بيت من البيوت أن يستأذن من أهله ويسلم قبل الدخول عليهم. الاستئذان ويكون الاستئذان ثلاثاً، فإذا أذن له دخل، وإذا لم يؤذن له رجع، لقوله تعالى: “وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ “النور، 28”. وجاء في صحيح البخاري أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولاً فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى فَفَرَغَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ قِيلَ قَدْ رَجَعَ فَدَعَاهُ فَقَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَقَالَ تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَذَهَبَ بِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَقَالَ عُمَرُ أَخَفِيَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ يَعْنِي الْخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ. أن يطرق الباب برفق، وأن يقف عن يمين الباب أوشماله: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوْ الأَيْسَرِ وَيَقُولُ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ” (أبي داود) غض البصر كما يتوجب على المرء أن يغض من بصره ويحفظه عن التطلع إلى داخل البيت، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ” (مسلم). وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يُعرَف صاحبها حتى يُفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها، وإلا فكل أحد يُعبِّر عن نفسه بـ “أنا”، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان، الذي هو الاستئناس المأمور به. وبعد فهذه بعض من آداب الزيارة التي شرعها الإسلام للمتزاورين، حتى تتوثق صلاتهم، وتزداد الألفة بينهم. (د. حياة البرهماتي )
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©