الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقوى والكسب الطيب شرط قبول الله للصدقات

7 أغسطس 2011 22:15
الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمور دينهم وحياتهم ومعاملاتهم وكان - صلى الله عليه وسلم - يجيبهم بما أنزل الله عليه من وحي وعلم, وهي أسئلة كثيرة وردت في القرآن الكريم وأجاب عنها الله - عز وجل - على لسان نبيه الكريم. ويقول الدكتور حلمي عبدالرؤوف/ أستاذ علم القراءات بجامعة الأزهر: من الأسئلة التي وردت في القرآن الكريم على لسان الصحابة الإنفاق في سبيل الله بما له من منزلة كبيرة وثواب عظيم عند الله. والنفقة هي بذل المال في وجوه الخير، ولذلك وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن الإنفاق ومنها ما جاء في قوله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) “البقرة، 215”، نزلت هذه الآية في صيغة سؤال من الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماذا نتصدق وعلى من ننفق؟ وكان هذا قبل فرض الزكاة، والعلة من كثرة سؤال الصحابة حرصهم الشديد على التفقه في أمور الدين وما يتعلق به من حلال وحرام وأوجه الإنفاق، فذكر الله سبحانه وتعالى مصارف الصدقة، ولكن لم يحصرها لأن الصحابة سألوا عن أفضل أنواع الصدقات: هل هي للوالدين والأقربين أواليتامى والمساكين وابن السبيل؟ والمقصود بالإنفاق في هذه الآية الصدقة بجميع وجوهها، فهي يصح أن تكون للوالدين وهما أحق بها لأنهما تعبا في تربية أبنائهما وأنفقا عليهم في صغرهم فوجب الإنفاق عليهما في الكبر. الأقربون والأقربون وهم أقارب الإنسان بعد الوالدين الأعمام والأخوال، ثم اليتامى وهم الصغار الذين لا عائل أو كاسب لهم، والمساكين وهم أهل الحاجات، وابن السبيل الغريب المنقطع عن أهله ووطنه وكان في سفر أو رحلة أو سير وضاقت به الحال وليس معه مال، وجاء في تفسير السعدي أنه لما حدد الله تعالى هؤلاء لشدة الحاجة عمم الله تعالى فقال: (وما تفعلوا من خير) أي من صدقة على هؤلاء وغيرهم واعتبرها من جميع أنواع الطاعات والقربات، لأنها تدخل في اسم الخير “فإن الله به عليم” فيجازيكم عليه ويحفظه لكم كل حسب نيته وإخلاصه وكثرة نفقته وقلتها وشدة الحاجة إليها وعظم وقعها ونفعها. وهذه الآية الكريمة تدل على حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على السؤال عن العلم وقد وقع سؤالهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القرآن أكثر من اثنتي عشرة مرة. فسألوا عما ينفقون وكان الجواب من الله على لسان نبيه حول ما ينفقون، وفي أي أمر ينفقون وفضل الإنفاق على الوالدين والأقربين وأنه مقدم على الفقراء والمساكين لأن الله بدأ بهما ولا يبدأ إلا بالأهم فالمهم. وأن لليتامى حقاً في الإنفاق ولو كانوا أغنياء والله خصهم بالذكر ثم ذكر بعدهم المساكين، فإن كانوا يتامى ومساكين اجتمع فيهم استحقاقان، وإذا كانوا أقارب ويتامى ومساكين اجتمعت فيهم ثلاثة استحقاقات وإذا كانوا مع ذلك أبناء سبيل اجتمعت فيهم أربعة استحقاقات. وتدل هذه الآية على عموم علم الله لقوله تعالى: (وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم). وأن كل فعل خير سواء كان إنفاقاً مالياً أو عملاً بدنياً أو تعليم علم أو جهاداً في سبيل الله أو غير ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يعلمه وسيجزي به. وأنه ينبغي للإنسان ألا يحقر من المعروف شيئاً لقوله تعالى: (وما تفعلوا من خير) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: “اتقوا النار ولو بشق تمرة”. الإنفاق الحسن والله سبحانه وتعالى لا يريد أي إنفاق، إنما الإنفاق الحسن من المال الحلال قال تعالى: (انفقوا من طيبات ما كسبتم)، وقوله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون)، وكان القوم قد ربحوا مكاسب سوء في الجاهلية فلما أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم فيتصدقوا بها، فأبى الله عز وجل أن يخرجوا إلا من أطيب ما كسبوا. والبعض يحاول تبرير مكاسبه الحرام والالتفاف على الشرع بمختلف الحيل كإنفاق بعضها في بناء المسجد، والمساهمة في المشاريع الخيرية، ولكن ذلك لا يخلعهم من المسؤولية أمام الله ولا يعود عليهم بالنفع. ولا بد أن يكون الإنفاق خالصاً لوجه الله تعالى وقد قال تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) أما إذا أنفق الإنسان طمعاً في منصب أو رئاء الناس ولهثا وراء الشهرة والسمعة فهذا ليس قرضاً حسناً، إنما هو سيئ يستوجب العقاب، لأنه قد يكون طريقا إلى الإفساد في المجتمع. ولا بد أن يصيب الإنفاق موارده المشروعة، فيكون الإنسان أقرض الله بالفعل، كما جاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس - ومنها - وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه”. والنصوص الإسلامية - القرآن الكريم والسنة النبوية - أكدت أهمية الإنفاق في سبيل الله وضرورته، وذلك لما له من أثر إيجابي فعال في بناء المجتمع الفاضل وإشاعة أجواء العزة والكرامة والقضاء على الفقر والعوز، وترجع أهمية الإنفاق إلى أنه من الصدقات التي تعتبر من أبواب الخير العظيمة التي رغب فيها الشارع الحكيم، قال تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) “المنافقون، 10”. وقال تعالى: (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) “البقرة، 274”. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: “قال الله تعالى: (يا ابن آدم أنفق أنفق عليك). وهذا وعد من الله بالإنفاق على من أنفق في سبيل الله. فضائل الصدقة من فضائل الصدقة أنها إذا كانت من كسب حلال خالصة لوجه الله تعالى، فإن الله يقبلها بفضله ويضاعف ثوابها لصاحبها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل “فيأتي المؤمن يوم القيامة وإذا بحسناته أمثال الجبال فيفرح بثواب الله. كما أن الصدقة تنمي المال وتزيده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة”. والصدقة تقي العبد كثيراً من الشرور والمصائب.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©