الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زلابية بوفاريك تتربع على عرش الحلويات الرمضانية بالجزائر

زلابية بوفاريك تتربع على عرش الحلويات الرمضانية بالجزائر
7 أغسطس 2011 22:21
يتفنن الجزائريون في عرض تشكيلة متنوعة من الحلويات في كل سهرة رمضانية، ومن أشهرها “قلب اللوز” و”الصامصة” و”البقلاوة” و”القطايف” و”السيجار”.. إلا أن أشهرها جميعاً تبقى الزلابية بمختلف أنواعها، وبخاصة “زلابية بوفاريك” التي تتربع على عرش أطباق الحلويات الجزائرية دون منازع، وتأتي بعدها الزلابية التونسية وكذا القسنطينية في الشرق الجزائري. يُبدي سكان مدينة بوفاريك، 35 كلم غرب الجزائر العاصمة، فخرَهم الشديد بزلابيتهم التي أكسبت مدينتهم الصغيرة شهرة واسعة في البلد، بل وفي الخارج أيضاً وبخاصة فرنسا، حيث أصبحت لها محال متخصصة بإنتاجها وبيعها في مرسيليا وعدد من المدن التي تتمركز بها الجالية الجزائرية والمغاربية بكثافة. «زلّة بي» وتفتخر عائلة شنّون بأنها أول من أنتج هذا النوع من الزلابية عام 1889، عن طريق الصدفة، حيث كانت امرأة تريد قليَ حلوى تُسمى "لخْفاف" في قدر من الزيت الساخن، فأخطأت وصنعت شكلاً آخر غير مألوف، ثم صاحت لتبرر خطأها "زلّة بي"؛ أي أن الأمر ناتج عن الزلل والخطأ، لكن رب العائلة أعجبه الشكل، وحينما وضعه في العسل وذاقه، استحسن هذه الحلوى، فأصبح ينتجها منذ ذلك الوقت، وأطلق عليها اسم "الزلابية" بعد أن اشتقها من عبارة زوجته "زلة بي"، وعلّمها لأفراد عائلته كلها، واحتكرت عائلة شنون إنتاجها طويلاً قبل أن تشاركها فيه عائلة "أكسيل" بعد أن ارتبطت العائلتان بعلاقة مصاهرة، وأصبحتا تحرصان على أن لا يتسرب سرُّ صنعها والمواد المستعملة فيها، إلى غيرهما، إلا أنهما لم توفقا في ذلك بمرور الوقت، وأصبحت الكثير من العائلات في بوفاريك تنتجها، يقول أحد منتجيها ويدعى العربي بوكرد إن هناك "أزيد من 30 عائلة أصبحت تنتج الزلابية في بوفاريك، ومنها 14 محلاّ في شارع واحد وهو شارع الشهيد بوقرّة". إقبال شعبي يعدّ هذا الشارع أول ما يصادفه الزائر الذي يدخل مدينة بوفاريك قادماً من الجزائر العاصمة، وهو يغصّ بسيارات الزبائن الذين يأتون لاقتناء الزلابية بالجملة لإعادة بيعها في مدن أخرى طوال رمضان لما تدرّه من أرباح كبيرة ومضمونة لكثرة الإقبال الشعبي، أو بالتجزئة للاستهلاك العائلي، يقول كريم مهدي من مدينة "مَفتاح" المُجاورة لبوفاريك: "أحرص يومياً على اقتناء كيلوجرام أو رطل منها على الأقل للاستهلاك بعد الإفطار، دون زلابية بوفاريك لا معنى للمائدة الرمضانية وللسهرات عندي". ويقول أسامة مرّيجي، وهو منتج زلابية شاب إن "الفترة الصباحية تتميز بتوافد عددٍ كبير من التجار من مختلف ولايات وسط الجزائر مثل تيبازا والبليدة وبومرداس لاقتناء كميات كبيرة من الزلابية وإعادة بيعها بمدنهم، وفي المساء نتفرغ لتلبية طلبات زبائن التجزئة". ويعلق زميله زهر الدين هني على كلامه منبّهاً "هناك تجار يأتوننا صباحاً من ولاية تيزي وزو أيضاً مع أن المسافة تتجاوز 290 كلم ذهاباً وإياباً، ما يدلّ على شهرة زلابية بوفاريك وذوقها الرفيع الذي لا يُقاوم". مهام متعددة في كل محل زلابية بشارع "بوقرة" ببوفاريك، يشتغل عددٌ من العمال الشباب كخلية نحل، بعضهم يقوم بقلي الزلابية في زيت ساخن، وبعضهم يتكفل بغمسها في عسل اصطناعي محضر بعناية ثم إخراجها وتصفيفها على الطاولة، بينما يتكفل آخرون بعملية البيع، يقول كمال قاسمية "المهمة ليست سهلة، وهي تتطلب العمل لساعات طويلة، حيث أن تحضير العجينة في حد ذاته يتطلب وقتاً ويتمّ ليلاً قبل أن تترك لمدة 8 ساعات على الأقل للتخمّر، أحياناً نشعر بضغط شديد من كثرة طلبات الزبائن، حتى أن الطلب لا ينتهي إلا مع أذان المغرب". أما طالب رابح فيتكفل بقلي الزلابية بعد أن يملأ إناءً نحاسياً مخروطي الشكل يسمى "اللّمْبُوط" بالعجينة ويسكبها على الزيت الساخن ويحرك يده جيئة وذهاباً وفق ريتم معيّن لينتج أشكالاً محددة، ويقول رابح إنه يشتغل بإنتاج الزلابية منذ 20 سنة، وهو يحرص على نقل تجربته للشبان الذين يشتغلون معه، وتدريبهم للحفاظ على هذه المهنة العريقة التي تخصصت فيها المدينة. أبٌ عن جد في محلٍّ آخر، وجدنا إلياس بلعتّو وهو يعلّم ابنه كيفية غمس الزلابية في العسل لبعض الوقت قبل إخراجها وعرضها للبيع، يقول إلياس "أشتغل بهذه المهنة منذ عام 1978 بعد أن ورثتها عن أبي الذي ورثها بدوره عن جدي، وها أنذا أعمل على توريثها لابني "ميشو" الذي لا يتجاوز الحادية عشر، والبداية بالجوانب السهلة، قبل أن أعلمه إنتاجها حينما يكبر للحفاظ على هذا الإرث العائلي، وجميع منتجي الزلابية ببوفاريك يحرصون على توريثها لأبنائهم كما توارثوها عن أجدادهم". تشكل زلابية بوفاريك مكسباً لمنتجيها، فهو يدرّ عليهم دخلاً جيدا في رمضان، وحتى في بقية السنة، والمدينة مشهورة به، والجميع حريصون على ديمومته وتطويره. يقول قدراوي بوبكر إن شهرة زلابية بوفاريك بلغت درجة كبيرة إلى درجة أن فنانين محليين مشهورين أمثال رويشد ويحيى بن مبروك والمغني الباجي يقبلون عليها، بل ويعشقونها. ولع يتكفل عددٌ كبير من التجار الصغار بنقل كميات من زلابية بوفاريك إلى مختلف مدن وسط الجزائر لتقريبها من المستهلكين. ويومياً، يقف الزبائن أمام كل محل زلابية في طوابير لاقتناء كميات منها، وقد ارتفع ثمنها من 160 إلى 180 دينارا جزائريا للكيلوجرام في غضون عامين "أزيد بقليل من دولارين"، لكن ذلك لم يؤثر سلباً في الإقبال عليها، ويقول الباعة إن ارتفاع أسعار الزيت والسكر الذي يُنتج منه العسل أدى إلى ارتفاع أسعار الزلابية. ويؤكد محبو زلابية بوفاريك أنه لا يمكنهم الاستغناءُ عنها مهما ارتفعت أسعارها، لمذاقها الرفيع واحتوائها على نسبة مهمة من السكريات التي تمنحهم طاقة كافية طيلة ساعات الصيام، ولذلك يحرصون على تناولها في السحور أيضاً وليس في السهرات. زلابية قسنطينة وتونسية في مدن الشرق والغرب الجزائريين حيث لا تصل زلابية بوفاريك لبُعد المسافة، يقوم سكانها باقتناء أنواع أخرى كالزلابية القسنطينية والتونسية، ومع أن الكثيرين يؤكدون تفوق زلابية بوفاريك عليهما، إلا أن اقتناء الزلابية عموماً يكاد يكون أمراً بديهياً لدى أية عائلة جزائرية في رمضان، ما يدل على أهميتها وتربعها على عرش أطباق الحلويات الرمضانية بالبلد.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©