الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

البوطي: العالم يعيش عصر العلم وليس الموعظة

27 سبتمبر 2006 01:25
دبي- سامي عبدالرؤوف: تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، واصلت جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم فعاليات برنامجها الثقافي والديني لليوم الثاني على التوالي بمحاضرتين الأولى للرجال ألقاها فضيلة العلامة والمفكر الإسلامي الدكتور محمد رمضان البوطي تحت عنوان ''الإنسان بين التكليف وحرية الاعتقاد'' وذلك في غرفة تجارة وصناعة دبي، بينما ألقى الدكتور أنيس الراوي محاضرة للنساء عن ''فقه المحن وفن التمكين'' في جمعية النهضة النسائية· في البداية أكد الدكتور البوطي الأستاذ في جامعة دمشق والمتخصص في أصول الشريعة، ان الحديث عن الحرية والتكليف هو من الموضوعات العصرية المهمة التي نحتاج إليها في ذلك المنعطف الخطير الذي تمر به الأمة، موضحاً أن كلمة الحرية لم تزدهر في عصرمن العصور كما ازدهرت في ذلك العصر، لكون الحديث عنها متناميا بشكل مستمر، لافتاً إلى أن المشكلة الحقيقية ان الناس اخذوا يتصورون ان بين الحرية والتكليف تناقضا يستعصي على الحل· وأوضح البوطي أن التكليف هو شرف من الله للإنسان واثر من آثار عبودية الله، مشدداً على أن بين التكليف وحرية الاعتقاد اتفاقا تاما وانسجاما كاملا، مشيرا إلى أنه ليس معنى التكليف العجز الداخلي ولكن معناه الإلزام المتجه من العبد إلى الله المهيمن عليه بقوة الجزاء للمحسن والمسيء، نافياً أن يكون معنى الحرية عدم المسؤولية وإنما هي تمتع العبد بالقدرة على اتخاذ القرار· التكليف وتحدث المفكر الإسلامي عن آراء العلماء وتعريفهم لمصطلح التكليف، حيث اتفقوا على أن التكليف هو الانسجام الدقيق مع الحرية وكذلك هو التوجه بالخطاب من الله - بالأمر والنهي- إلى عباده، مشيراً إلى وجود شروط لأهلية الإنسان للتكليف وهو ما يدلل على أن التكليف لا يزدهر إلا في وجود الحرية، وأول تلك الشروط هو الإسلام فالإنسان الذي لم يتلق من الله علمه بأنه عبد لله ليس أهلاً للتكليف، والثاني هو تمكين المرء من القيام بالمطلوب، لأنه من لم يتمكن من القيام بما أمر الله فليس مكلفاً لقول الله تعالى''لا يكلف الله نفساً إلا وسعها''، أما الشرط الثالث للتكليف فهو امتلاك الإنسان للخيار في الاستجابة للأمر من عدمه· وصحح أستاذ أصول الشريعة مفهوماً مهماً لدى المسلمين، حيث أشار إلى أن الثواب الذي يناله العبد ليس على الحركة الآلية التي يؤدي بها العبادة ولكن على الشعور الذي يسيطر على الإنسان الذي جاء وفقاً لاختياره، مؤكداً ان ميزة الاختيار هي من المزايا التي فضل الله بها الإنسان وهي تسمى في لفظ القرآن '' المشيئة '' وقد امتن الله عز وجل على الإنسان بها حين قال '' وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين''· العلم والموعظة وشدد الداعية الإسلامي الكبير على أن العالم يعيش عصر العلم وليس عصر الموعظة ،وقسّم أستاذ أصول الشريعة أوامر الله الصادرة إلى كل خلقه إلى نوعين الأول أوامر تكليفية والثاني أوامر تكوينية، مشيراً إلى أن النوع الأول هي الأوامر التي اتجهت من الله إلى كل الكون ما عدا الإنسان، ولا يكون بين صدور الأمر والتنفيذ سوى لفظ ''كن'' فيكون، أما الأوامر التكليفية '' النوع الثاني '' تتجه من الله إلى الإنسان ويكون هناك قناة بين الأمر الصادر ووصول الأمر إلى الإنسان، وتتمثل تلك القناة في الاختيار· وأوضح الدكتور البوطي أن الله كان ولا يزال قادراً أن يحرك كل المخلوقات بما فيها الإنسان إلى ما يريد، ولكن الله كرم الإنسان ولم يشأ أن يوجهه إلى أوامره مثل ما فعل مع الحيوانات والجمادات· وأشار الأستاذ في جامعة دمشق إلى أن الله متع الإنسان بميزة الاختيار، لأن الله قرر جعله خليفته على الأرض وانزل له ميزان العدالة وهو شرعه ومنهجه، مشيراً إلى أن الإنسان مكلف بأن يكون أمين الله على الأرض في التنفيذ وهذا دليل على حرية الإنسان، منوهاً ان كتاب الله جمع بين الحرية والتكليف في قوله تعالى ''وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ان اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها''· القهر وتساءل البوطي هل يجب أن يعتنق الإنسان دين الله قهرا؟، مجيباً ان الإنسان لا يعد عند الله مؤمناً في هذه الحالة، مؤكداً أن الإنسان لا يثاب على إرغامه، وقال ان مهمة الداعية إلى الله ليس إرغام الناس ولكن عليه بالحوار لقوله تعالى: ''وجادلهم بالتي هي أحسن'' وبالتالي تتجسد مهمة الداعي في تبصير الناس· ثم عاود الدكتور البوطي إلى تصحيح مفهوم آخر خاص لدى البعض مفاده ان الجهاد شرع لملاحقة الناس وإلزامهم بالدين قصراً، لافتاً إلى أن الله شرع الجهاد لرد عدوان واقع أو عدوان متوقع فقط، مدللاً على ذلك بعهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، ممثلاً لذلك بغزوتي الأحزاب وخيبر، حيث خرج النبي للدفاع عن الدين وليس لإجبار الناس على الدخول في الإسلام، كما استشهد بفعل عمر رضي الله عنه عندما جاء إلى بيت المقدس ورأى الأوساخ والأقذار على كنيسة القيامة فأخذ يزيلها بردائه· وأشار الأستاذ بجامعة دمشق إلى أن النصارى لم يشهدوا عدلاً ولا حسن معاملة كما شهدوها في عهد الإسلام، حتى أنهم رفضوا الوقوف مع إخوانهم في الدين خلال الحروب الصليبية وفضلوا مساعدة المسلمين كما فعل ذلك النصارى أهل الشام، معللاً ذلك بأنهم رأوا في ظل الحضارة الإسلامية ما أسعدهم ولم يضيق مساحة حريتهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©