الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السياسات التجارية الأميركية وأزمة الدين العام

السياسات التجارية الأميركية وأزمة الدين العام
7 أغسطس 2011 22:43
بعد جهود ماراثونية نجحت الحكومة الأميركية في التوصل لاتفاق لخفض العجز في الميزانية ورفع سقف الدين العام. ولكن يظل من الضروري النظر إلى الأسباب التي أفضت إلى هذا الوضع المتدهور. وبينما انصب التركيز على الإنفاق في برامج الاستحقاقات مثل الرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي وزيادة العائدات من خلال الضرائب، لم يتم التصدي للسياسات التجارية الفاشلة، أكبر العوامل التي ساهمت في الدين العام. منذ بداية حقبة العولمة في سبعينيات القرن الماضي، ارتفعت الواردات الأميركية من البضائع والخدمات مقارنة بالصادرات مما أدى لتزايد العجز التجاري عام تلو الآخر. ويشكل إنفاق المستهلك ما يقارب 70% من الناتج المحلي الإجمالي، لذا عندما توقف ذلك المستهلك عن الإنفاق ظهر تأثير ذلك جلياً. ويذهب معظم ما ينفقه أفراد الشعب الأميركي على سلع مستوردة، الشيء الذي ربما يوضح العجز التجاري الذي حدث خلال فترة الركود الاقتصادي، وأسباب عودة العجز التجاري لمستويات مثيرة للقلق في الوقت الذي تحاول فيه أميركا التخلص من قبضة الكساد. ومنذ عام 1970 لم تفلح أميركا في توفير فائض تجاري مع بقية دول العالم سوى مرتين فقط. وتجاوز العجز التجاري في السنوات الأخيرة نصف تريليون دولار سنوياً بصورة منتظمة. وأضافت الرسوم الجمركية المخفضة واتفاقيات التجارة الحرة الفاشلة ما يقارب 8 تريليون دولار في هذه الفترة. ويقف حد الدين القانوني حالياً عند 14,3 تريليون دولار، مما يعني أن إجمالي العجز التجاري في ذلك الوقت مسؤول بصورة مباشرة عن 56% من الدين القومي تقريباً. ودون هذه السياسات التجارية الفاشلة التي شجعت الشركات على تعهيد الوظائف ومصانع بأكملها، كان من الممكن لأميركا أن تكون في وضع مالي أفضل بكثير. لكن ساهمت سياسات أميركا التجارية الفاشلة بصورة غير مباشرة في الديون، حيث تم فقدان ملايين الوظائف في الوقت الذي فتحت فيه البلاد أبوابها بحماس أمام دخول البضائع الرخيصة من أماكن مختلفة حول العالم. وتمثل هذه الوظائف عائدات ضريبية مفقودة كان يمكن استغلالها للمساعدة في جسر فجوات الميزانية السنوية. كما ساهم تعهيد المصانع بشكل كبير أيضاً في هذه الديون. وتعمل هذه المصانع وبمجرد وجودها خارج أميركا على تكديس الأموال ومن ثم تحاول تفادي الإيفاء بالتزاماتها الضريبية على الرغم من أنها لا تزال شركات مسجلة لدى أميركا. وليس ذلك فحسب، بل إن تلك الوظائف التي لا تحل محل الوظائف الصناعية ذات الأجور المرتفعة التي هاجرت إلى أميركا والهند أو المكسيك لا تتقاضى أجوراً مشابهة، مما يعني أن الموظف الذي تم إحلال محله حتى وإن نجح في الحصول على وظيفة بعد فقدان وظيفته، ربما يتقاضى أجراً أقل بتحوله إلى قطاع الخدمات لتقل بذلك العائدات الضريبية التي تحصل عليها الحكومة منه. وكانت أميركا وقبل عام، تملك نحو 8,9 مليون وظيفة في قطاع الإنتاج، حيث يبلغ متوسط أجور هؤلاء العاملين أكثر من 33,000 دولار سنوياً. وبالمقارنة كان هناك نحو 11,2 مليون عامل في قطاع الأطعمة والخدمات المرتبطة بها في العام 2009 الذين يتجاوز متوسط رواتبهم السنوية 18,000 دولار بقليل. وعند حلول الأزمة في نهاية 2008، أصبح الميزان التجاري الأميركي الأكثر ملاءمة، الحدث الذي لم يشهده منذ سنوات عديدة. لكن ولسوء الحظ لم تكن هناك إصلاحات جديدة أو انتعاش في القطاع الصناعي ساعد في هذا التحول الذي ربما يعزى حدوثه للتراجع العام في نشاط البلاد الاقتصادي. ومنذ سبعينيات القرن الماضي تجاهلت كل الحكومات المتعاقبة القطاع الصناعي لمصلحة التوسع في التجارة الحرة في تسرع واضح نحو احتلال المقدمة في سباق حركة العولمة. نقلاً عن «إيكونومي إن كرايزيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©