الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند: هواجس تداعيات الأزمة العالمية

الهند: هواجس تداعيات الأزمة العالمية
7 أغسطس 2011 22:53
شعرت الهند أخيراً -وتحديداً يوم الجمعة الماضي- بتأثير الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك عندما هبطت سوق الأوراق المالية فيها بنسبة 2 في المئة، وهو أدنى مستوى تهبط إليه خلال الأربعة عشر شهراً الأخيرة، ما أدى بدوره إلى تصاعد المخاوف من أن اقتصاد الهند المتباطئ في الوقت الراهن سيتعرض لمزيد من التقويض، إذا ما ارتفع معدل الركود في العالم وتجاوز 10 في المئة. وعلى رغم أن نظام الهند المصرفي كان معزولاً إلى حد كبير عن تأثيرات الأزمة المالية العالمية التي وقعت عام 2008 إلا أن اقتصادها السريع النمو، تمكن من تحمل تلك العاصفة، بفضل حزمة حوافز مالية في الأساس. أما في وقتنا هذا فإن اقتصادها يتباطأ في ذات الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي بصفة عامة رياحاً عاتية. يشار إلى أن المؤشر الرئيسي في الهند قد هبط بنسبة تجاوزت 15 في المئة هذا العام، وهو ما يجعل سوق الأوراق المالية الهندية واحدة من أسوأ الأسواق أداءً في العالم. وحدوث أي تدهور في الأسواق العالمية سيؤدي إلى تعزيز هذا الاتجاه مما يزيد من العبء على الشركات الراغبة في الحصول على الأموال التي تحتاج إليها من أجل الاستثمار. وانخفاض الطلب العالي يمكن أن يؤثر بالسلب على الاستثمارات الخارجية المباشرة للهند، ويؤخر الازدهار الذي حدث مؤخراً في قطاع الصادرات لديها. "إن حقيقة تأثرنا بالركود العالمي بطريقة لم تحدث من قبل خلال العشر أو الخمس عشرة سنة الأخيرة يعني أننا لم نكن مندمجين في الاقتصاد العالمي، بل كنا قادرين على عزل أنفسنا عن مؤثراته" كان هذا ما قاله "كوشنيك باسو" كبير المستشارين الاقتصاديين لوزير المالية الهندي. بيد أن "باسو" وبعض الاقتصاديين من القطاع الخاص يرون أن الأمر أبعد ما يكون عن الانهيار، حتى إذا ما ساءت كافة التوقعات الخاصة بالاقتصاد العالمي. فالسلطات الهندية لديها قدر أكبر من المساحة التي تمكنها من التحرك وتخفيف السياسة النقدية والمالية مقارنة بنظيراتها الغربية علاوة على أن المحركات الجوهرية للاقتصاد لا تزال أيضاً سليمة. وهذه المحركات هي: سيادة نزعة ريادة الأعمال في شعبها، وطبقتها الوسطى المتنامية على نحو سريع، ومستوى الادخار العالي والنشاط المستجد لقطاع التصدير لديها. يقول "دارماكاريتي جوشي" كبير الاقتصاديين في مؤسسة "كريسيل" وهي مؤسسة محلية لتقييم الائتمان: "في المدى القصير لن نتمكن من تجنب الإحساس بالألم إذا ما عانى الاقتصاد العالمي من ركود مزدوج (ركود يعقبه انفراج ثم ركود مرة أخرى).. أما في الأمد الطويل فإن اتجاهات النمو في الدول المتقدمة عادة ما تكون مختلفة تمام الاختلاف عن تلك السائدة في دول مثل الهند". ويقول بعض الاقتصاديين إن مشكلات الهند الحالية من صنعها، وإن خلاصها على الأمد البعيد سينبع أيضاً من الداخل وليس من الخارج. ثم إن التضييق المستمر في السياسة المالية للهند في مواجهة التضخم المتصاعد، أضعف النمو والاستثمارات دون أن يحقق الهدف المنشود في الحد من ارتفاعات الأسعار. كما أن غياب أية إصلاحات اقتصادية مهمة على مدى سنوات عدة، أغلق العديد من الطرق المؤدية للنمو. ويقول "سورجيت بهالا" رئيس مجلس إدارة شركة "أوكاساس" للاستثمارات مستعيراً عبارات من شكسبير: "إن المشكلة يا عزيزي بروتس ليست في النجوم وإنما هي فينا" واعتبر "بهالا" أن حساباته قد بينت أن الاقتصاد الهندي قد نما بنسبة 6,5 في المئة خلال الفترة ما بين مارس ويونيو الماضيين، وهو معدل نمو لا يزال محترماً بل وموضع حسد من العديد من الدول -إذا ما نظرنا إليه من منظور عالمي، ومع ذلك يسود إحساس هنا بوجود حالة من الركود. ومنذ عدة شهور كان صناع السياسة الهنود يتحدثون بتفاؤل عن إمكانية تحقيق نمو اقتصادي يتجاوز عشرة في المئة ولكن ذلك الهدف يكاد يكون مستحيلاً في الوقت الراهن. وكان المجلس الاستشاري الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء الهندي قد أصدر تقريراً هذا الأسبوع راجع فيه تنبؤاته السابقة بخصوص نسب النمو وخفضها من 9 في المئة إلى 8,2 في المئة. وحذر المجلس في تقريره من أن الحكومة بحاجة للعمل بسرعة من أجل تفعيل الإصلاح الاقتصادي الذي تأخر طويلاً من أجل استعادة الزخم. والمفارقة هنا هي أن التباطؤ الاقتصادي العالمي يمكن أن يساعد على تحقيق ما فشل البنك المركزي الهندي في تحقيقه، وهو تخفيف حدة الضغوط التضخمية من خلال تخفيض أسعار النفط والسلع الاستراتيجية الأخرى والسماح للبنك المركزي بمساحة من الحركة لتخفيف السياسة المالية. وقد تجدد الأمل بأن الحكومة يمكن أن تبدأ مجدداً عملية الإصلاح الاقتصادي بعد سنوات من تفضيل الاستثمار في برامج الرفاه الاجتماعي تحت اسم النمو "الإدماجي". وفي عام 2008 تم النظر إلى الأزمة المالية العالمية على أنها إدانة لنموذج الاقتصاد الغربي، وسبب يدعو الهند إلى الاندفاع من أجل تحقيق المزيد من التحرر الاقتصادي. واعترف"باسو" المذكور في بداية هذا التقرير بأن حدوث أزمة اقتصادية عالمية عام 2011 كان يمكن أن يعيد إشعال النقاش مجدداً، ولكنه أكد مع ذلك أن قادة الهند مقتنعون بأهمية الحاجة لإجراء المزيد من الإصلاحات، وقد استطرد: "تحدوني آمال عريضة في إمكانية تحقيق تقدم اقتصادي جيد في الهند". كما أعرب "باسو" أيضاً عن اقتناعه بأن هناك سلسلة من الإصلاحات سيتم إجراؤها في النصف الثاني من هذا العام. هذا في حين يرى "بهالا" أنه على رغم أن أيّاً من تلك الإصلاحات لن يكون راديكاليّاً إلا أن إجراء تحول في اتجاه السياسة ذاتها، سيكون هو أبرز ما فيها. سايمون دينياير - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©