الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل: تهم الفساد تُطيح بالوزراء

7 أغسطس 2011 22:57
على مدى الثلاثة أشهر الماضية، شهدت البرازيل سلسلة من الاستقالات الوزارية على خلفية فضائح الفساد، وتهم باستغلال السلطة وإهدار المال العام خلفت صدى واسعاً لدى الرأي العام. فقد قدم وزير الدفاع، "نيلسون جوبس"، استقالته يوم أمس بعدما عبر عن امتعاضه من الطريقة التي تتعامل بها الرئيسة "ديلما روسيف"، مع الجيش، ليكون بذلك الوزير الثالث الذي يستقيل من منصبه منذ أن تولت الرئيسة السلطة قبل سبعة أشهر. وبالإيقاع الذي يغادر به الوزراء، وهو وزير في كل شهرين، يبدو أن "روسيف" أصبحت عاقدة العزم على تنظيف إدارتها من شبهة الفساد وإرغام المسؤولين- الذين تحوم حولهم مزاعم استغلال السلطة للتربح -على المغادرة. والأكثر من ذلك أن أغلب المسؤولين المغادرين للحكومة كانوا من الشخصيات المحسوبة على الإدارة السابقة للرئيس، "لولا دا سيفا"، ما يوحي بأن "روسيف" تريد صياغة إدارتها الخاصة، ورسم ملامحها بالطريقة التي تريد، لكن في الوقت الذي يقابل فيه الرأي العام والمراقبون استقالات المتورطين في تهم الفساد بارتياح كبير، إلا أنهم أيضاً قلقون من عدم إخضاعهم للمحاكمة وتطبيق القوانين عليهم والقطع مع تقليد الإفلات من العقاب الراسخ في البرازيل. وتأتي فضائح الفساد لهذا العام لتؤكد أن انتهاك ثقة الشعب في المسؤولين العموميين مازالت معضلة قائمة في البرازيل تؤرق الرأي العام والنخبة السياسية على حد سواء. وقد بدأت سلسلة الاستقالات بما يمكن اعتباره الرقم الثاني بعد الرئيسة، وهو "أنطونيو بالوسي"، الذي أُرغم على تقديم استقالته بعد فشله في تفسير تضاعف ثروته بأربع مرات خلال السنوات الأربع الأخيرة بالاعتماد فقط على "عقود استشارية" أبرمها مع الحزب والحكومة. وقد لحقه بعد ذلك "ألفريدو نسمينتو"، وزير المواصلات، الذي استقال هو الآخر على خلفية تورط ابنه في عقود حكومية وصلت إلى 20 مليون دولار، ولم يغادر الوزير وحده، بل تسببت الفضيحة في استقالة 27 مسؤولاً في الوزارة نفسها بعد ضلوعهم في تسهيل صفقات ابن الوزير وإسنادها إليه دون مراعاة شروط المنافسة. وأخيراً كان وزير الزراعة، "روميرو خوسا"، الذي استدعي لجلسة استجواب في البرلمان بعدما كشف أخوه وجود حسابات وهمية تصل إلى 8 ملايين ريال برازيلي، وفي القلب من هذه الفضائح المتتالية كان الإعلام هو البطل الحقيقي، لا سيما مجلة "فيخا" التي كشفت فضيحتي وزيري المواصلات والزراعة، بالإضافة إلى "فولها دي ساو بالو" التي وضعت أصبعها على الاغتناء المشبوه للمسؤول الحكومي البارز، أنطونيو بالوسي. وبالنسبة لمجلة "فيخا"، فهي ليست المرة الأولى التي تقوم فيها بكشف فضائح الفساد في البرازيل والإشارة إلى مسؤولين كبار في الحكومة بأصبع الاتهام، بل كانت هي من تسبب في استقالة الرئيس الأسبق "فرناندو كولور" بعد فضحها لمجموعة من الخروقات والتجاوزات. وكانت المقالة التي أنهت رئاسة "كولو" ترجع إلى الحوار الذي أجرته المجلة مع شقيق الرئيس، وهو أسلوب لجأت إليه المجلة في أكثر من مرة تحاول فيه ضرب أفراد العائلة الواحدة بعضهم ببعض ودفعهم إلى كشف مساوئ العائلة. ويعود للمجلة أيضاً الفضل في كشف حالات تبذير المال العام التي تورط فيها الوزراء بالاستعانة بالبوابة الإلكترونية للحكومة من جهة وبعض المصادر الخاصة من جهة أخرى. ومن تلك الحالات وزيرة الثقافة "آنا دي هولاندا"، التي استغلت المال العام للقيام بسفريات خاصة في نهاية الأسبوع. وقد دفع ذلك المراقب العام في البرازيل إلى فتح تحقيق في الحالة، انتهى بإرغام الوزيرة على إعادة 30 ألف دولار إلى الخزينة العامة. والحقيقة أن لجوء المجلة إلى فضح المسؤولين الحكوميين والتركيز على الجهاز التنفيذي في السلطة يتسق مع رغبة الرئيسة البرازيلية في تطهير الحكومة الفيدرالية من الفساد، لا سيما الحقائب الوزارية التي يتولاها حلفاء مشكوك في ولائهم داخل الائتلاف الحكومي مثل وزير المواصلات. ويبدو أن رئيسة البرازيل تحاول ترك بصمتها المميزة على الفريق الحكومي والتشدد في رفض التغطية على فضائح الفساد، أو إقناع الإعلام بعدم إثارتها. وفي هذا السياق، أعلنت المعارضة البرلمانية عن نيتها استدعاء خمسة وزراء لاستجوابهم حول اتهامات بالفساد. ومع أن الحكومة تستطيع تأجيل النظر في هذه القضايا إذا أرادت، إلا أن إدارة "روسيف" اختارت بشجاعة عدم القيام بذلك. لكن في الوقت نفسه، لا تبدو الحكومة مستعدة لتطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة للفساد، مفضلة إبقاء المسألة برمتها في يد الإعلام والرأي العام، فيما تنأى بنفسها عن الملاحقة القضائية، لا سيما إذا كان الأمر سيؤثر على طموحات الحكومة التشريعية، وهو ما يعاب على الرئيسة "روسيف"، التي تكرس مسألة الإفلات من العقاب مكتفية بإحراج المسؤولين وإرغامهم على الاستقالة تحت ضغط الرأي العام، محققة بذلك مكاسب سياسية دون أن تصل إلى حد تحريك المتابعة القضائية وتطبيق القوانين المعمول بها في البرازيل. جريج ميشنير - ريودي جانيرو ينشر بترتب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©