الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خربشات تُغير المواقف!

7 أغسطس 2011 22:57
تتطلب الأوقات الصعبة إجراءات حازمة. هل هذا صحيح؟ كلا بالنسبة لموجة من العاملين في مجال التنمية والناشطين في مجال السلام في جنوب آسيا، الذين يعتقدون أن الخربشة على الورق، بدلاً من الخداع والإرباك، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى بعض النتائج. تسود أفغانستانَ حربٌ أهلية ليست هناك أية مؤشرات بانتهائها في المستقبل القريب. وتتعامل الهند وباكستان مع شبكة معقدة من القضايا الاجتماعية مثل الفقر والأميّة وانعدام التسامح الديني وعدم المساواة في النوع الاجتماعي وانتهاكات حقوق الإنسان والفساد المستشري، ضمن مشاكل أخرى. وتواجه باكستان تحديات إضافية تتمثل في الإرهاب، أضف إلى ذلك مشكلات الحكم. وهنا يأتي دور المجتمع المدني في محاولة الحد من المعاناة البشرية وتحقيق تغيير صحّي في المنطقة. فالنشطاء المدنيون قصدهم شريف، لكن جهودهم كثيراً ما فشلت في تحقيق تغيير ملموس، ببساطة لأنه ليس باستطاعتهم التواصل بشكل فاعل مع الناس الذين يحاولون الوصول إليهم. إلا أن أصحاب بضع حملات جنوب آسيوية، استطاعوا تحسين التواصل، بل المساعدة على تدمير المعوقات المصطنعة حول العقيدة والإيمان والدين في طريقهم. فقد توصّل "شاراد شارما"، وهو ناشط اجتماعي مركزه دلهي، إلى فكرة "الرسوم الكرتونية على مستوى الجذور". هذه رسومات يقوم بإعدادها أناس ينشطون في المجال الاجتماعي، بمن فيهم أطفال، ويعطون من خلال عملهم هذا صوتاً لمن لا صوت له. تعمل هذه الرسوم على إضفاء الدرامية على قضايا محددة، مثل التعليم والمساواة في النوع الاجتماعي ومشاكل فرص العمل... إلخ، وإبرازها إلى واجهة المجتمع، مما يلهم الحوار والجدل. ويستخدم شارما، من خلال عمله مع المجتمعات الأقل حظاً، الرسوم كأداة تنموية. يقوم الناشطون، باستخدام اللغات المحلية والثقافة المرئية المحلية والمجازات المحلية بإبراز القضايا المحلية على شكل قصة. ينتهي الأمر بهذه الرسومات على شكل جداريات أو ملصقات، ويتم تصويرها للتوزيع واسع النطاق. ويقول شارما إن الصغار والكبار معا يشاركون في رسم هذه الرسومات التي ترتكز على قضايا محددة وبحماسة متساوية. كما أن المدارس والمكتبات والمراكز المجتمعية المحلية متحمسة لتوزيع ونشر الرسومات، الأمر الذي يبلغ رسالتها. وقبل سنتين، أتى شارما بهذه الوسيلة إلى باكستان ونجح في تنظيم معارض حضرها عدد كبير من الناس. وفي أعقاب ذلك، ولد فرع الباكستاني من الشبكة العالمية للرسوم الكرتونية. وقد نشرت منذ ذلك الوقت مجموعة من الرسومات رسمها صغار وكبار من كافة أنحاء باكستان. وتوثق هذه الرسومات، وعنوانها "الخطوات المتكلّمة"، قضايا وتطلعات وآمال الناس العاديين كباراً وصغاراً. تقول نداء شمس، التي ترأس فرع باكستان إن الناس يحبون تعلّم الرسم وقد أتوا برسوماتهم دون ضغط من أحد، حول انعدام المرافق التعليمية المناسِبة والرعاية الفاعلة لمجتمعاتهم المحلية والتمييز في النوع الاجتماعي وانقطاع الكهرباء والبيئة وندرة المياه والإرهاب. تظهر إحدى رسومات "الخطوات المتكلّمة" على سبيل المثال أُماً تشاهد الأخبار حول انفجار قنبلة على جهاز التلفزة وهي قلقة لأن ابنتها تأخرت في العودة من المدرسة، كما تسرد رسومات أخرى قصة شاب حارب الفقر للحصول على شهادة جامعية، ليكتشف أن شهادته لا تضمن له وظيفة، فانتهى به اليأس في مركز تجنيد للإرهابيين. وسوف تواجه أفغانستان عدداً من القضايا الاجتماعية إذا ما تجاوزت هجمة التشدد الحالية. إلا أنه حتى هنا، فإن منظمة المجتمع المدني الأعلى صوتاً، وهي "الجمعية الثورية لنساء أفغانستان"، تستخدم الرسوم الفكاهية، وقد قامت بتطوير منتديات إلكترونية لإعلام العالم بالتحديات والآمال والتطلعات الخاصة بالمرأة الأفغانية. وبالإضافة إلى إسماع أصواتهم، فإن الأفغان التابعين لحملات الحقوق المختلفة يستفيدون كذلك من التقدم في تقنيات الإنترنت من خلال انضمامهم إلى مجتمع محرري الرسومات الكرتونية العالمي والمعجبين بالنقد الساخر السياسي. وهذه إحدى الطرق التي يتصل فيها الأفغان ببقية هذا العالم. فهل نتج عن الخربشة على الورق أي تغيير حقيقي في المواقف، حيث فشلت الأساليب التقليدية والحديثة؟ من المبكر الجزم في ذلك، لكنها غيّرت موقف الناشطين في هذا الجزء من العالم، حين يكتشفون للمرة الأولى مدى بساطة وانخفاض كلفة وفاعلية حملة القلم والورق. مسعود علام محرر سابق في خدمة الـ«بي. بي. سي» العالمية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©