الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات الحكومية تهيمن على احتياطيات النفط في العالم

27 سبتمبر 2006 23:31
إعداد- محمد عبدالرحيم: من المعلوم أن شركة اكسون موبيل تأتي في المرتبة الأولى في العالم لجهة كبر حجم رأس مالها السوقي الذي يبلغ 412 مليار دولار، ولكن وفي حال عقد مقارنة بين الشركات النفطية في العالم فيما يتعلق بالاحتياطي الذي تهيمن عليه تحت الأرض فإن هذه العملاقة الأميركية سوف يتدحرج تصنيفها للمرتبة الرابعة عشرة، أما الغريب في الأمر فإن الشركات الثلاث عشرة التي تسبقها في القائمة جميعها هي شركات نفط وطنية أي شركات تمتلكها الدولة بشكل جزئي أو كامل وتهيمن الحكومات من خلال هذه الشركات على الإيرادات والأرباح، ونسبة لأن هذه الشركات الوطنية تسيطر على مقدار يصل إلى 90 في المائة من النفط والغاز العالمي فإن بإمكانها وبقدر أكبر بكثير مما هو متاح للشركات الخاصة الأخرى مثل اكسون تهدئة المخاوف الحالية بشأن الإمدادات والمعروض والتأثير على ارتفاع الأسعار القياسية المصاحبة· ولكنها مثل معظم الشركات الحكومية الأخرى تظل دائماً عرضة للتكدس بالموظفين والمستخدمين وتعاني من البطالة المقنعة وفقدانها للاستثمارات الكافية والتدخلات السياسية ثم الفساد الذي يضرب بأطنابه في جميع المستويات· وكما ورد في التقرير الخاص الذي أوردته مجلة الايكونوميست اللندنية مؤخراً فإن شركة ''بتروليوس دي فنزويلا'' المعروفة اختصاراً باسم )ذضسء( احدى أكبر الشركات التي يمكن أن توفر حكاية ومثالاً حياً على مدى التدهور والسوء الذي يمكن ان يلحق بهذه الشركات الحكومية· ومن الناحية التاريخية فإن فنزويلا عرفت تصدير النفط منذ بواكير القرن السادس عشر عندما طلبت والدة امبراطورها هابسبرج شارلس الخامس شحن كمية إلى اسبانيا من أجل معالجته من داء النقرس العضال الذي كان يعاني منه، ثم جاءت الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات مثل رويال دويتش شل لكي تؤسس موضع قدم لها في فنزويلا قبل قرن من الزمان، وبحلول حقبة الثلاثينات من القرن الماضي كانت فنزويلا قد أصبحت ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في العالم ولكنها الأولى على الاطلاق في قائمة الدول الأكثر احتياطياً في النفط الثقيل في العالم، وشأنها شأن العديد من الدول النامية الأخرى، فقد عمدت فنزويلا إلى تأميم صناعتها النفطية في فترة السبعينيات إلا أن السياسيين كانوا مدركين لتلك الفوضى العارمة التي خلفتها شركة بيميكس الحكومية النفطية الأكبر من نوعها في أميركا اللاتينية آنذاك في حقول النفط المكسيكية منذ حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، لذا فقد عمد الفنزويليون منذ البداية إلى إرساء نظام هيكلي في الشركة يقلل من حجم التضارب والبيروقراطية ويعمل على ترسيخ مبدأ الاحترافية والكفاءة، وظل هنالك اعتقاد سائد بأن الشركة خالية نسبياً من الفساد والمحسوبية اللتين انتشرتا في كامل أنحاء فنزويلا بدعم من توفر الثروة النفطية·· وبحلول حقبة التسعينيات دخلت شركة النفط الفنزويلية في مشروع يهدف لزيادة الانتاج إلى 6,5 مليون برميل يوميا عبر تخصيص المزيد من الامتيازات والحقول للشركات الأجنبية من أجل استقلال التكنولوجيا ورؤوس الأموال التي بحوزة الشركات المتعددة للجنسيات، وبحلول العام 1998 تمكنت 36 شركة أجنبية تقريباً من ترسيخ أقدامها في الدولة قبل أن تتمكن بسرعة من توسعة الانتاج، وفي هذه الاثناء بعد أن وصل انتاج الشركة إلى مستوى 2,9 مليون برميل يومياً بدأت شركة ذضسء تطلب من الحكومة استثمار المزيد من الأموال حتى يتسنى الوصول إلى مستوى الانتاج المستهدف بحجم 6,5 مليون برميل يومياً، إلا أن الرسوم التي تدفعها الشركات الأجنبية للحكومة بدأت تنخفض مع انخفاض الأسعار ومع اقتراب موعد الانتخابات عمدت الحكومة عوضاً من ذلك إلى إلغاء ميزانية الاستثمار الخاصة بالشركة، ومنذ ذلك الحين بدأ مستوى الانتاج في التراجع ولم يتمكن من العودة إلى مستوياته السابقة على الإطلاق· ومما يدعو إلى نوع من الارتياح فإن شركات النفط الحكومية لا تدار جميعها بذلك السوء الذي تدار به شركة النفط الفنزويلية، إلا أن مشاكلها متشابهة وإن لم تكن بنفس مستوى الحدة والتفاقم، لذا فإن العديد منها يعاني من التدخلات الحكومية بشكل أو بآخر، ونجد في روسيا أن الحكومة تستخدم شركاتها غاز بروم وروزنيفت كأداة لغرص سياسات الدولة الخارجية، وبينما تقوم حكومات في دول مثل الصين والهند بإجبار شركاتها الحكومية ببيع البترول للمواطنين بأقل من السعر العالمي في محطات التوزيع حتى في وقت يتعين فيه على هذه الدول شراء كميات هائلة من هذه السلعة في السوق المفتوح نجد أن حكومة بوليفيا في نفس الاثناء لا تستطيع أن تقرر بالضبط ما إذا كانت تحتاج أصلاً إلى شركة نفط حكومية· فقد فتحت بوليفيا أبواب صناعتها النفطية أمام الاستثمارات الأجنبية قبل أن تقوم بتأميم هذه الصناعة أكثر من ثلاث مرات على الأقل· وكذلك فإن جميع هذه الشركات تقريباً تعاني من قلة الاستثمارات مما جعل اندونيسيا تصبح إحدى الدول المستوردة بالكامل للنفط رغم وجود احتياطيات هائلة في أراضيها، وذلك بفضل فشل شركة بيرتامينا الحكومية في تطوير حقول جديدة، ومما لا شك فيه فإن حقيقة استلقاء شركات النفط الحكومية على الغالبية العظمى من النفط العالمي مع ضخها بالكاد لحوالي نصف الانتاج العالمي إنما يؤكد أن هذه الشركات قد وقعت ضحية لفشل منتظم وممنهج في عملية الاستثمار·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©