الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القدرة الإقصائية».. سرُّ النمو الاقتصادي

4 أغسطس 2015 22:36
ربما يمكن القول إنه لا شيء أكثر أهمية وأكثر غموضاً في علم الاقتصاد من «الإنتاجية»، وهي التي تفصل بين المجتمعات الاستهلاكية الحديثة في الدول الغنية، ومجتمعات مزارعي الكفاف التي تعيش على حافة المجاعة. وإذا ما تباطأت الإنتاجية، فعلينا أن نتوقع تراجع مستويات معيشتنا نحو مرحلة الركود، بصرف النظر عن الخطوات الأخرى التي نتخذها. والمشكلة التي نواجهها راهناً، هي أن نمو الإنتاجية آخذ في التباطؤ. فبعد عقود من النمو القوي، تعثرت الإنتاجية مجدداً، مما أدى إلى تنامي القلق خوفاً من أن تكون ثورة تقنية المعلومات مجرد متنفس محدود، وقصير الأمد، بعد فترة من الركود الذي يأبى أن يتزحزح.لكن تقريراً حديثاً لـ«منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» يرسم صورة أكثر دقةً وتفصيلاً. فالمنظمة المشكَّلة من الدول المتقدمة الرئيسة في العالم، نظرت إلى الإنتاجية على مستوى الشركات، وخلصت إلى أن الشركات المختلفة تستخدم تقنيات مختلفة، وأنظمة إدارية مختلفة، ومستويات مختلفة من المواهب. وخلصت إلى أنه في عدد محدود من الشركات العابرة للحدود لم يحدث تباطؤ لنمو الإنتاجية على الإطلاق، وهو ما كان ينطبق بشكل خاص على صناعات الخدمات. فالشركات التي تفوقت في أدائها مضت بسرعة ملحوظة بينما تباطأت الشركات الأخرى أو أصبحت أقل إنتاجية. وهنا ينبغي الرجوع للبحث الذي أجراه أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك «بول رومر»، وهو أحد كبار منظري النمو الاقتصادي في العالم. الجزء الأكبر من البحث الذي أجراه هذا العالم يدور حول ما أسماه «القدرة الإقصائية»، أي قدرة الشركات على إقصاء الشركات الأخرى والحيلولة بينها وبين الوصول إلى أسرارها. و«القدرة الإقصائية» تعني أن انتقال المعرفة التكنولوجية من شركة إلى أخرى ليس ضرورياً. ورأى رومر أن هذه القدرة الإقصائية التي تتمتع بها بعض الشركات المتقدمة العالمية النطاق مهمة جداً للنمو الاقتصادي. فالشركات التي تتفاعل مع غيرها عبر «سلاسل الإمداد» ستميل بالطبيعة لتبادل الأفكار، لأن كل شركة في السلسلة ترى ما تفعله الشركات الأخرى. وأدى ظهور العولمة إلى السماح بعملية انتقال ضخمة للمعرفة بين سلاسل الإمداد. وهناك احتمال آخر لم يشر إليه تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو قانون الملكية الفكرية، والذي يجعل من استخدام بعض الشركات للأفكار المطورة في شركات أخرى، أمراً أكثر صعوبة من ذي قبل. ومهما كان السبب في تفاوت أداء الشركات، فإننا بحاجة للعثور على ذلك السبب ومعالجته، إذا ما كان ذلك بمقدورنا، فذلك التفاوت قد يكون مؤثراً على أشياء أكثر من مجرد الإنتاجية. وتشير أبحاث عديدة أجريت في العقد الماضي، إلى أن جزءاً كبيراً من عدم المساواة في الأجور في الدول المتقدمة، يرجع إلى التفاوت في الأجور بين الشركات المختلفة. بمعنى أن الموظف إذا ما كان يعمل لدى شركة جيدة، فإنه غالباً ما يحصل على راتب جيد، بينما يحصل موظف آخر يؤدي نفس العمل، وبنفس الكفاءة والجهد، ويعمل في شركة لا تسير أمورها بشكل جيد، على راتب متدنٍ. ومعالجة مشكلة التفاوت في الإنتاجية قد تساعدنا على مواجهة ظاهرة عدم المساواة في الأجور أيضاً. لذلك يتعين على حكومات العالم المتقدم، التفكير في الكيفية التي يمكن لها بها تحطيم الأسوار القائمة بين الشركات، لأن مستقبلنا الاقتصادي يتوقف على قيامها بذلك. نوح سميث* *أستاذ المالية المساعد بجامعة ستوني بروك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©