الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأقصر بلد السياح تتحول إلى مدينة أشباح

الأقصر بلد السياح تتحول إلى مدينة أشباح
31 ديسمبر 2013 21:40
الأقصر (مصر) (أ ف ب) - من قبل كانت أعياد الميلاد بالنسبة لصلاح فترة ازدهار، ولكنه اليوم يقف عاطلاً إلى جوار حصانه الذي اعتاد في الماضي أن يجوب بالسياح مدينة الأقصر. فبعدما كان يرزق ما يكفيه بفضل الكنوز الفرعونية، لم يعد الآن يعرف كيف يعيل أولاده. بالنسبة لهذا الرجل الذي بدأ للتو عقده السادس، والذي يرتدي جلباباً تقليدياً أسود اللون، فإن السياح اختفوا من الأقصر منذ 25 يناير 2011،عندما هبت رياح الربيع العربي على مصر، وأخذت معها نظام حسني مبارك. ويقول صلاح وهو سائق حنطور وأب لأربعة أبناء، إنه كان يكسب قبل ثورة 2011 «ما بين 2 و3 آلاف جنيه شهريا (200 -300 يورو) واليوم عندما يكون في جيبي عشرة جنيهات أكون سعيداً». في هذه المدينة الواقعة على ضفاف النيل، تعتمد كل الأسر بشكل كامل أو بدرجة كبيرة على السياحة، وهو قطاع كان حتى وقت قريب يسهم بـ 11% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل لأكثر من أربعة ملايين مصري. ولكن الأيام الحلوة التي كانت تشهد تدفق 10 آلاف سائح يوميا على معبد الكرنك، أو على وادي الملوك انقضت. ففي سوق المدينة ورغم موسم الأعياد يعد السياح على أصابع اليدين، بينما يزور عشرات آخرون متحف حتشبسوت الملكة التي حكمت مصر قبل 3500 سنة. في كل هذه المواقع الأثرية التي لم يكن المرء يجد فيها موطئ قدم قبل ثلاث سنوات، لم يعد هناك إلا بضعة أشخاص، كثير منهم مرشدون لا يجدون عملا، يتسكعون وسط الأعمدة المهيبة للمعابد الفرعونية. في منزله المكون من ثلاث غرف، إحداها حظيرة صغيرة مخصصة لحصانه وبعض الدواجن، يحكي صلاح معاناته: «كان لدي حصان آخر، ولكنني بعته، هل يعقل أن اشتري غداء لحيوان بدلاً من أن أوفر الأكل لأبنائي». ويضيف أن 20 من سائقي الحنطور، وهم في الإجمالي 340 سائقا في الأقصر، لم يتمكنوا من شراء العلف لجيادهم فنفقت. ولكي يتمكن من تغذية الحصان، الذي يشكل رأسماله ورأسمال والده من قبله، يذهب صلاح لقطع العشب من على ضفاف النيل ويعود محملا بأكياس كبيرة، لأنه لم يعد بوسعه أن يدفع 16 جنيها يوميا لشراء العلف. وليس صلاح حالة فردية إطلاقا، فالأقصر باتت اليوم مدينة أشباح: مدرج المطار خال وسائقو الحنطور وسيارات التاكسي يقفون بلا أمل أمام أبواب الفنادق التي لا يخرج منها احد.وقالت ماري فرانس جربر، وهي قنصل فخري لفرنسا في الأقصر، تقيم في مصر منذ 14 عاما وتلاحظ أنه «أصبح هناك فقر لم تره من قبل» حتى لو كانت بعض الدول بدأت ترفع الحظر المفروض على السفر إلى مصر. أما محافظ الأقصر طارق سعد الدين، فيؤكد انه متفائل ويقول «قبل ثلاثة أشهر كانت نسبة الإشغال في الفنادق أقل من 1%، اليوم بلغت 18% وهي تتزايد كما بدأت البواخر السياحية في العمل. وتابع »من بين 255 باخرة سياحية كانت واحدة فقط تعمل خلال الشهور الأخيرة، أما الآن فإن 26 مركبا تعمل«. في السوق، يشكك البائعون القليلون الذين لم يغلقوا بعد محالهم في هذه الأيام، ويقسم محمد حسين انه لم يبع شيئا منذ شهور، ويؤكد انه إذا كان هو وزملاؤه ما زالوا قادرين على العيش، فذلك بفضل مدخراتهم، ولأنهم يبيعون حلي زوجاتهم الذهبية. ومثل كثيرين غيره، لم يعد محمد حسين قادرا على دفع فاتورة استهلاك الكهرباء الخاصة بمحله »منذ سنة أشهر«. ولجذب السائحين النادرين، يقوم الباعة بعرض بضاعتهم بأبخس الأثمان، وبعضهم يجدون رغم كل شيء مكانا للسخرية. فقد وضع بائع لافتة كتب عليها بالفرنسية «هنا أقل سعراً» في إشارة إلى سلسلة محال فرنسية شهيرة تبيع بضائع رخيصة ويقول البائع ضاحكا «إن الأسعار منخفضة إلى حد أنه يمكنك حتى شراء هدايا لأشخاص لا تحبهم».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©