الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الفيدرالية العصيَّة في العراق وموقف السياسيين

29 سبتمبر 2006 23:25
د· رسول محمد رسول: بعد جدل واسع شاركت فيه أغلب النخب السياسية العراقية، تم الإعلان في بغداد يوم الأحد الموافق 25 سبتمبر الجاري عن تأجيل مشروع فيدرالية العراق الجديد إلى نحو عام ونصف، وتجميد البحث فيه إلى ذلك التاريخ· جاء ذلك خلال اجتماع لرؤساء الكتل السياسية في بغداد على أن تبدأ مدة الثمانية عشر شهرا ابتداءً من موافقة (مجلس النواب العراقي) على هذا القرار· وكان الشهر الجاري قد شهد تحركات واسعة لعدد من الأطراف السياسية العراقية من أجل إرجاء العمل بقانون الفيدرالية؛ فقد زار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المرجع الديني الأعلى علي السيستاني في النجف، ونقل إليه مواقف عدد من السياسيين السُّنة المعارضين لمشروع الفيدرالية، وطالبه بالضغط على عبدالعزيز الحكيم، رئيس قائمة الائتلاف الموحَّد، الذي يطالب على نحو فاعل بتطبيق الفيدرالية في العراق· وكان السيستاني قد وعد المالكي بممارسة شيء من الضغط على الحكيم· ولم يغفل المالكي يوم كان في مدينة النجف أن يطالب مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بموقف من شأنه إرجاء المطالبة بمشروع الفيدرالية، وبالفعل أعلن ناطق باسم التيار الصدري عن تحفُّظ مقتدى الصدر على مشروع الفيدرالية، وبذلك ضمنَ المالكي طرفين من أهم أطراف قائمة الائتلاف الموحّدة في محاولة لإرضاء الأطراف المناهضة لمشروع فيدرالية العراق التي سبق وأن طالبت في أثناء مؤتمر عشائر العراق بإرجاء مشروع الفيدرالية إلى مدة أقصاها خمس سنوات· لقد أبدت شخصيات سياسية عراقية مختلفة مواقفها من مشروع الفيدرالية، وأكدت تلك الشخصيات حرصها على تطبيق النظام الفيدرالي، وقد استطلعنا آراء ثلاث منهم، وهم: همام حمودي عن قائمة الائتلاف الموحد، وحميد مجيد موسى عن الحزب الشيوعي العراقي، وعدنان المفتي عن منطقة كردستان العراق· ولاية الإنسان ''·· نحن نعتقد بضرورة تطبيق الفيدرالية ''·· هكذا قال همام حمادي، عضو مجلس النواب العراقي عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد، وأحد العاملين في (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق)، وأضاف: لابد من إعطاء كل منطقة الخصوصية والبروز من دون أن تمس الوحدة العراقية· ولما كان حمودي من الناشطين الإسلاميين فقد ربط بين النظام السياسي الإسلامي وبين نظام الفيدرالية، فقال: اعتقد أن الفيدرالية هي أقرب إلى الفكر الإسلامي الإنساني؛ فهي تعطي الحرية، وتؤمن بولاية الإنسان على نفسه، وولاية المنطقة على نفسها، ولا يحق لمنطقة أخرى أن تفرض ولايتها على هذه المنطقة أو تلك، وبالتالي كل منطقة من خلال رجالها ونسائها تنمو· أما ما يتعلَّق بالسقف الزمني الذي يمكن تحديده لبدء تطبيق الفيدرالية فأكد حمودي قائلاً: نحنُ لا نقول يجب أن تكون الفيدرالية الآن وغداً فعلاً ستكون هناك فيدرالية؛ إذ أن الفيدرالية يجب أن تكون لها استعدادات إدارية واقتصادية وقدرات بشرية من أجل هذه المنطقة أو تلك· وإذا كانت رؤية همام حمودي تمثل اليوم إحدى الرؤى التي يتزعمها الإسلاميون العراقيون فإن للشيوعيين العراقيين موقفهم الأكثر وضوحاً فيما يتعلق بالرغبة في إحلال النظام الفيدرالي في العراق الجديد، ومن ذلك ما أكده حميد مجيد موسى، عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب الشيوعي العراقي الذي قال: نحنُ من أنصار الفيدرالية، كنا قبل سقوط النظام قد تبنيناها أيام كانت المعارضة لها خصائصها السياسية، ومن ثم تبنيناها في (قانون إدارة الدولة الانتقالي)، ومن ثم في (الدستور) الجديد· وعن مدى تشبثه بالنظام الفيدرالي قال موسى: لا أعتقد من الصحيح ولا من المناسب التشكيك بجدوى الفيدرالية أو التراجع عنها، فكل الظروف، وكل الأجواء تستدعي تطوير شكل الإدارة العراقية إذا كان ثمَّ من جدل؛ فالجدل ينصب بل ينبغي أن يتركز على أشكال وآليات تطبيق الفيدرالية· لكن موسى نقد البعد الطائفي في قيام أي فيدرالية عراقية، وقال في هذا الصدد: إذا كانت الفيدرالية ضرورية وحاجة ملحة فيجب أن نبتعد عن أية شبهة بأن توضع على أساس طائفي، وإذا قررنا ـ نحن العراقيين ـ وضع شكل الفيدرالية العراقية فنشكلها تبعاً للظروف والخصوصيات العراقية والرغبة الشعبية وحينها ستمتلك هذه الفيدرالية مقومات النجاح والديمومة· الدولة والطائفية القاضي ''وائل عبداللطيف''، عضو مجلس النواب العراقي، تحدث برؤية قانونية عما ورد في الدستور العراقي بشأن تطبيق الفيدرالية، وبدا رأيه أنه يميل إلى القول إن الفيدرالية إنما تبدأ بالمحافظة الواحدة· وراح يوصف الأسس القانونية للنظام الفيدرالي كما نص عليها الدستور العراقي في المواد (1)، و (116)، و(124)، و(119)، و(122)، و(125)، وغيرها من مواد الدستور العراقي الجديد· أما عن الحاجة والمكونات الخاصة بالفيدرالية فرأى عبداللطيف أن الفيدرالية لا يمكن أن نبنيها بخطاب سياسي أو رغبة جماهيرية فقط، إنما هي خطوات قسمٌ منها مرتبط بالسلطة التشريعية، وقسم مرتبط بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وقسم مرتبط بالشعب في حالة طلبهم لذلك· أما جدوى عن النظام الفيدرالي فقال عبداللطيف: إن الفيدرالية تسعى إلى تحقيق أقصى قدر من الخدمات، ومن ثمَّ لا تريد نقل العبء من الحكومة المركزية إلى الحكومة الاتحادية الجديدة· ولرئيس برلمان إقليم كردستان عدنان المفتي موقف آخر من الفيدرالية، فهو يعتقد أنه منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921 لم تراع خصوصيات الشعب العراقي ومكوناته القومية، إذ أنه يتكون من قوميتين رئيسيتين وقوميات أخرى، وكونه ذا تنوعات مناطقية ومذهبية وحزبية لذلك فشلت هذه الدولة، وعندما بدأت بوادر السقوط اضطر الحكّام إلى السلوك الديكتاتوري، وفرض إرادة اللون الواحد، والحزب الواحد، والقومية الواحدة بالقوة والجبر، وأدّت تلك السياسة الديكتاتورية إلى المحافظة على كيان الدولة، والى اندلاع حروب وقتال، والى تعميق الخلافات· ورغم وجود القواسم المشتركة بين أبناء الشعب العراقي، ووجود علاقات تاريخية طيبة، إلا أن هذه الدولة الديكتاتورية وتلك الحكومات الديكتاتورية أجَّجت الجوانب السلبية، ورسَّخت التعصب الطائفي والقومي، وكادت أن تودي بالجوانب الايجابية المتبقية أيضاً· أما بشأن الكيفية التي تتشكَّل فيها الأقاليم الأخرى غير الكردية في العراق قال المفتي: نحنُ مع إرادة السُّكان في المحافظات سواء ارتأوا تشكيل أقاليم من محافظة واحدة أو ثلاث محافظات أو في تكوين فيدرالية الوسط والجنوب، ونحترم كل التوجهات والرغبات في تكوين الأقاليم على أن يتم ذلك وفق آليات وإجراءات ديمقراطية حقيقية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©