الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السودان.. أزمة دارفور والطريق إلى المواجهة

29 سبتمبر 2006 23:25
حمد رامس: بعد أن شنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندليزا رايس هجوما عنيفا على الحكومة السودانية في اجتماع لوزراء الخارجية في نيويورك، ما أتبعته من تصريحات وتحذيرات في نفس السياق، أصبح السودان متأهباً للرد على أي شكل من أشكال تدخل قوات الأمن الدولية وهذا ما صرحت به الحكومة السودانية قائلة: إن اعتراض السودان سيكون بلا تحفظ وسيدافع عن موقفه قانونياً وعسكرياً ولن يسمح بتاتاً ـ على حد تعبير الحكومة السودانية ـ للقوات الغازية بأن تجد لها موطأ قدم في السودان والتي وصفتها بقوات احتلال تهدف الى استغلال الثروات· بهذا يمكننا ان نلاحظ وبوضوح ان السودان يقع تحت ضغط دولي هائل ولكن لا يجب إغفال وضع الداخل السوداني بما يختص بإقليم دارفور الذي شغل العالم خلال السنوات الثلاث الفائتة بسبب الصراعات الداخلية على الموارد الطبيعية المحدودة والذي تطور الى أن صار الى الوضع الحالي بعد تدفق الأسلحة من الدول المجاورة كتشاد التي يبلغ طول حدودها مع السودان ما يفوق الـ 1200 كيلومتر إضافة الى مصادر أخرى كأرتيريا وأثيوبيا وغيرها حيث إن جنوداً من هذه الدول يقومون بتزويد الأطراف المتصارعة بالأسلحة بمقابل مادى وهذا ما أدى إلى أن يعج الاقليم بالاسلحة القادمة من شتى الاطراف وهذا سبب رئيسي الى ان يصبح الوضع أكثر دموية في الاقليم بمرور الوقت القرار 1706 : للعلم فإن مساحة دارفور تقدر بخمس مساحة السودان، وتحد الإقليم ثلاث دول: من الشمال ليبيا ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، فضلاً عن متاخمته لبعض الأقاليم السودانية مثل بحر الغزال وكردفان من الشرق وقد مرت على إقليم دارفور الكثير من التطورات والتدخلات التي أثرت على اختلاف ثقافاته وتنوع أعراقه، خصوصاً مع توطن قبائل من الرحل من غير سكان الإقليم وأصبحت أكثر الصراعات القبلية في السودان تدور في دارفور·· تلك المنطقة التي تمتد على مساحة 510 آلاف كيلومتر، ويبلغ عدد سكانها ما يقارب 6 ملايين نسمة ولقد أكدت الحكومة السودانية وباستمرار معارضتها وبشدة للقرار 1706 القاضي بدخول قوات الأمن الدولية الى الأراضي السودانية بهدف العمل على حفظ الأمن في إقليم دارفور وهنا يتوجب علينا التنبه الى الثروات التي يزخر بها الإقليم كالذهب واليورانيوم إضافة الى ثبوت وجود النفط بكميات كبيرة في الإقليم الأمر الذي قد يثير المطامع الخارجية ونجد أن الوضع الاستعدادي الذي اتخذته الحكومة السودانية أكثر وضوحاً وجلاءً من دول أخرى تعرضت لمثل هذه الضغوط من قبل الأمم المتحدة او الولايات المتحدة الأميركية اذ ان الحكومة السودانية تصر على عدم وجود أي قانون دولي أو عرف دولي يسمح لهذه القوات دخول الأراضي السودانية دون قبول الحكومة بذلك وبذلك يتحتم على الحكومة السودانية بأن تقوم بكل ما يلزم لحماية أراضيها بصورة شرعية مباحة· تصعيد الأزمة وكل متأمل للوضع السوداني سيدرك أن للتصريحات الصاروخية المتبادلة بين الولايات المتحدة والحكومة السودانية بالغ الأثر في تصعيد الأزمة ومن أبرز الأمثلة على ذلك تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش القائل إنه لا حاجة للموافقة من قبل الحكومة السودانية لدخول القوات الدولية للسودان وهذا ما آثار حفيظة الحكومة السودانية التي حذرت بدورها من مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة لما قد تتسبب به من آثار سلبية كبيرة يمكن تلافيها في الوقت الحالي ومن امثلتها ان تكون السودان هدفاً للخلايا الإرهابية تعمل على إيجاد مناطق تمركز في الاقليم بناءً على حالة الفلتان الامني حيث إن الحكومة السودانية تعجز عن حماية هذه القوات إضافة الى عجزها عن التصدي لدخول مثل هذه التنظيمات اذ ان الحدود السودانية تبلغ ثمانية الاف كيلومتر تتجاور بها مع تسع دول ولا يمكن السيطرة على دخول الأفراد او الأسلحة عبرها علماً بأن الحكومة السودانية صرحت في أكثر من مرة بأن ابوابها مشرعة للحوار ومستعدة لجميع انواع وسبل الحلول التي يمكن ان تعمل على حل قضية دارفور ولكن بطرق تحول دون دخول أي قوات أجنبية لا تقبل السودان بتواجدها على اراضيها وتطرح الحكومة السودانية اقتراح تواجد القوات الافريقية في الإقليم والتي تحتاج الى الدعم المادي واللوجستي لكي تستطيع ان تقوم بمهامها الهادفة الى رتق النسيج الاجتماعي في الإقليم والقيام بمصالحة الأطراف المتنازعة عن طريق التسويات إضافة الى المهام الأخرى التي يمكن أن توكل اليها مع العلم بأنه يجب ان يكون تحرك هذه القوات مستقلاً متحرراً من سيطرة الأمم المتحدة وما يلاحظ عن الإعلام الغربي بانه عمل في تغطيته للوضع السوداني على إعطاء صورة أكبر من حجمها على ارض الواقع وهذا ما ادى الى نشوء فكرة خطيرة جداً الا وهي بان ما يحصل في السودان هو تطهير عرقي او استهداف من قبل القبائل العربية للافريقية ومهاجمة من قبل الحكومة السودانية لابناء شعبها وتصفيتهم جسدياً وهذا يؤدي في النهاية الى تضليل المتابع للقضية السودانية وبهذ يكون السودان العربي في وضع لا يحسد عليه اذ يقع بين المطرقة الدولية وسندان الوضع الداخلي المتأزم في دارفور·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©