الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبيد الهورة يستعيد ذكرياته مع طائر النورس وموسم الحصاد

عبيد الهورة يستعيد ذكرياته مع طائر النورس وموسم الحصاد
8 أغسطس 2011 23:12
عند غرفة الشيخ سعيد القاسمي في منطقة كلباء القديمة، يقع منزل الجد الكبير لضيف هذا اليوم عبيد موسى الهورة، وكان موقع المنزل بالضبط عند نصف الدوار الحالي في المدينة، وبحكم موقع كلباء بقرب البحر فقد كان الأجداد يعملون في البحر وكان كل الناس يتحدثون عن قوم الهورة كأشهر رجال يحفظون البحر عن ظهر قلب. قبيلة قوم الهورة يعرفون بالمراشدة ومنهم حسن وعبيد الأشهر في مجال الصيد، وقد كان جدهم جمعة هو المعلم والمرجع، ومن أشهر الحرف التي كانت تضاف إلى الأعمال التي كانت تدر عليهم ربحا تجفيف وتصدير الأسماك إلى إيران، كما كانوا يملكون خمس مزارع فيها الكثير من الفاكهة، بالإضافة إلى المانجو والليمون والبرتقال الأخضر والنارنج، إلى جانب الغلات مثل القمح والشعير والذرة ونبات الدخن الذي يشبه الذرة ويستخدم أيضاً كدقيق لصنع الخبز. موسم الحصاد عند موسم الحصاد كان الأهالي يفزعون ويهبون لمساعدة الجد جمعة الهورة في موسم الحصاد في إطار التكافل المجتمعي، وكان الجد رحمة الله عليه يقدم الحبوب للأهالي من أجل أن يكفيهم الحاجة إلى الشراء دون مقابل لأنهم يقدمون له المساعدة في الموسم الزراعي وعند الحصاد، فتتوفر لهم المواد الغذائية لعام كامل، كما تمنح حصة إلى الحكومة لأنها تقدم الدعم والحماية وكانت بديلاً عن الرسوم حيث لم تكن هناك رسوم مالية. سجل عبيد موسى الهورة للدراسة ضمن التعليم النظامي مع أول فوج للعام 1961-1962 وكان هناك صف واحد للأول الابتدائي للذكور، وفي العام الدراسي الثاني تم فتح أول صف دراسي للفتيات، وقد تطوع والده بجلب الدعون المصنوعة من النخيل وجعل منه حائطا أو ساترا بين البنين والبنات، وكان ضمن المجموعة التي درسوا معه محمود فكري وخليفة بن سيف رحمة الله عليه، وأحمد فكري ونصيب عبدالله ودرويش خميس وجاسم يوسف. صيد طيور النورس يواصل الهورة حديثه قائلا إن المدينة في ذلك الوقت لم تصل إليها الكهرباء، وقد تم مد خطوط للكهرباء في العام 1967، ولذلك كان جميع الطلبة يراجعون ويؤدون الواجبات على ضوء القناديل الزيتية أو الفنر، ولكنهم كانوا يفضلون أن يفعلوا ذلك في مجموعة كي يذكر كل منهم الآخر . يعترف عبيد أنه كان عاشقا منذ طفولته، وكان عشقه كله للبحر ولكنه مؤمن أن كل طفل كبر في مدينة كلباء يستحيل أن يكون قد كبر بعيدا عن البحر، ولو من باب الذهاب للعب والسباحة، وفي كثير من الأحيان لمراقبة الصيادين ولركوب الزوارق الخاصة بالصيد. بعد صلاة الفجر كان كل طفل قد جهز نفسه للذهاب إلى المدرسة، ولكن محمد يذهب عند الفجر مع بعض الرفاق إلى شاطئ البحر، وذلك من أجل صيد طيور النورس، وكان تكتيكهم للصيد يعتمد على شباك الصيد التي يقومون بالاختباء فيها، لأن تلك الشباك تكون مجموعة على هيئة أكوام، ويحمل كل طفل مجموعة من أسماك الجاشع المجفف. تلك الأسماك الصغيرة المجففة هي الطعام المفضل للنوارس، حيث يعرف كل صياد أن النوارس دوما تكثر وتحوم فوق المياه التي تسبح فيها أسماك السردين، ويبقى الأطفال ينتظرون بصمت حتى تأتي النوارس لتلقط تلك الأسماك الجافة وعندها يقبض الطفل بكل قوة على الطائر، ولم يكن هناك أي هدف لصيد النورس وكل طفل يعلم انه لا يمكن أن يؤكل، ولكن مجرد رؤية الطائر عن كثب كان بها الكثير من المتعة للأطفال، حيث يعتبرون ذلك إنجازاً ومفخرة. وظيفة وزواج الهورة يدرس ويراجع دروسه ولكنه كان يحب التواجد مع والده عندما يعمل، رغم ان هناك مجموعة من المزارعين المواطنين يشاركون العمل، وكان يحب موسم زراعة البطيخ والشمام والمانجو، حيث يتمكن من الاستحمام في المياه الباردة التي تجمع في حوض، وفي ذات الوقت تسقط إلى الأفلاج لتروي الأشجار والنباتات، ومنها أشجار النخيل التي يحلو للأطفال التقاط الرطب من تحتها وغسله في الماء الجاري ثم اللعب في المزرعة. استمر عبيد الهورة في دراسته حتى الصف الرابع المتوسط وهو ما يعادل الثاني الإعدادي، وعندما حصل عليها غادر كلباء إلى إمارة أبوظبي التي فتحت أبوابها لتستقطب الشباب لبناء الإمارة الناشئة عام 1969، حيث عمل في الشرطة، ولكن في العام 1974 استقال لأنه رغب في الانضمام إلى الهجرة والجوازات والتحق بمكتب العمل والعمال في خطم الملاحة. كان الهورة قد عاش لمدة ثلاث سنوات ونصف، ثم انتقل إلى الشرطة الاتحادية وسجل في قسم الجنسية والهجرة، وعمل في إمارة أبوظبي وبقي فيها لمدة ثلاث سنوات ونصف متواصلة دون أن يعود إلى كلباء، ولكن كان يحظى بزيارة من والده ما بين كل فترة وأخرى، ولكنه بعد ذلك انتقل إلى مدينة كلباء لأن الدولة فتحت نقطة خطم الملاحة ما بين الدولة وسلطنة عمان، وكانت عودته تلك للاستقرار حيث تزوج في العام 1977. خلال تلك الفترة لم تكن الكهرباء قد وصلت إلى نقطة الشرطة والتي هي نقطة دمغ الجوازات للدخول والخروج، وكان المقر عبارة عن خيمة وموتور يعمل بالديزل لتشغيل ذلك الجنريتر وهو بديل عن الكهرباء وصهريج يأتي بالماء، والعمل في مركز خطمة الملاحة كان يتم حسب نظام الورديات، وتكثر في المنطقة الكثير من الحشرات، وحين تسقط الأمطار أو تهب الرياح فإن العمل يصبح نوعا من المعاناة، ولطرد البعوض الذي كان يأتي إليهم في المساء من منطقة القرم، كانوا يجمعون الورق ويتم حرقة من أجل الحصول على دخان طارد للحشرات. حظهم السعيد جاء حين عبر إلى داخل الدولة مدير عام الجوازات قادما إلى الإمارات عن طريقة تلك النقطة، فشاهد الحال الذي عليه الرجال وأصيب بالدهشة، وبشرهم بأن الوضع سيتغير سريعا، وبالفعل كما يقول الهورة، وخلال عشرة أيام على تلك الزيارة، وصلت المركبات إلى المنطقة وتم بناء مقر حديث وإدارة للحدود ووصلت الخدمات للمنطقة. عشق السفر حين سألناه عن والده وماذا كان يعمل في تلك الفترة قال إنه قد ترك العمل في البحر في العام 1987 بسبب تأثيرات عاملي العمر والشيخوخة، ولكن ذلك لم يكن يعني أنه ترك الذهاب للبحر، وإنما تخلى عن مهنة الصيد، فكان عبيد يخرج بدلا عنه ولا زال يفعل ذلك، في ذات الوقت يعمل بجد ويترقى في وظيفته حتى وصل لرتبة رائد وبقي في عمله لمدة 26 عاماً. وهو ممن يحبون السفر مع العائلة وفي كل دولة يحرص على شراء تذكارات، وقد سافر إلى 26 دولة في أفريقيا وآسيا وأوروبا، وكلما سافر وجد نفسه يزداد حنينا لبلدته كلباء، والتي كان يعشقها من القلب، وكانت تمثل له الأمن والطمأنينة. تكافل اجتماعي يعمل اليوم عبيد الهورة في مزرعة خاصة للإنتاج التجاري والتسويق داخل الدولة، وهو يرى أن مدينة كلباء، رغم التطور الذي حدث فيها، إلا أن أهلها يحافظون على عاداتهم الأصيلة وخاصة التواصل بين الأهالي والتكافل الاجتماعي، وخاصة في المناسبات والأعياد، كما تحافظ المدينة على مظهرها الحضاري، وقديما كانت كلباء تحرص على توفير الغلات الزراعية، وتضع خطة للتخزين كان يتبعها الأهالي، لتوفير “الغلة” لكل أسرة.
المصدر: كلباء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©