الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان فرصة لتطهير القلوب وصلة الأرحام

رمضان فرصة لتطهير القلوب وصلة الأرحام
8 أغسطس 2011 23:12
القلب هو حقيقة الإنسان، وما سمي كذلك إلا لسرعة تقلبه، فمثله كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة تقلبها الريح ظهر بطن، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَخَافُ عَلَيْنَا، وَقَدْ آمَنَّا بِكَ، وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَانِ، عَزَّ وَجَلَّ، يُقَلِّبُهَا) (ابن ماجه). وقد احتل القلب مكانة كبيرة في الشرع فورد ذكره في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وما ذاك إلا لأهميته وخطورته، فهو الموجه والمخطط، وعلى صلاحه أو فساده، يتوقف مصير الإنسان، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِي الْقَلْبُ". (الْبخَارِي) وقد جعل القرآن أساس النجاة في الآخرة هو سلامة القلب من كل معصية تحجبه كالشرك والنفاق، ومن كل آفة تلوثه، كالكبر والعجب والغرور، والحقد والحسد وغيرها. والمتأمل في التكاليف الشرعية التي أوجبها الله على عباده أمراً أو نهياً، يجدها نوعين منها ما يتعلق بالأعمال الظاهرة التي تقوم بها جوارح الإنسان، ومنها ما يتعلق بالأعمال الباطنة، ومحلها القلب، ولهذا قال الله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) "الشعراء، 88". فالأعمال الباطنة هي الأساس، ولا فائدة ترجى من عمل الجوارح إن كان القلب على خلاف ذلك. ولهذا يتفاضل المؤمنون بسلامة القلب، ويتوقف حظ المرء من القرب إلى الله تعالى على مدى صلاح قلبه وصلته بخالقه عز وجل. الأعمال الصالحة وأصحاب القلوب السليمة يدركون من الأجر، ويبلغون من المنازل، ما لا يبلغه الصائمون القائمون بصيامهم وأعمالهم الصالحة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)، فطلع رجل من الأنصار تَنْطِفُ لحيتُه من وضوئه قد تعلَّق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغدُ قال النبي صلى الله عليه وسلم مثلَ ذلك، فطلع ذلك الرجل مثلَ المرةِ الأولى، فلما كان اليومُ الثالثُ قال النبي صلى الله عليه وسلم مثلَ مقالتِه أيضاً، فطلع ذلك الرجلُ على مثل حاله الأول، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيتُ أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويَني إليك حتى تمضيَ، فعلتُ، قال: نعم، قال أنس: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعارَّ وتقلَّب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبَّر، حتى يقومَ لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبدالله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هَجْرٌ ثَمَّ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاثَ مرار فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملُك فاقتدى به، فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهى التي لا نطيق). وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد). قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ وَحَرِ صَدْرِهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ). يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ، وَيُذْهِبُ مَغَلَّةَ الصَّدْرِ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا مَغَلَّةُ الصَّدْرِ، قَالَ: رِجْسُ الشَّيْطَانِ). اللهم طهر قلوبنا من الحقد والحسد والضغينة، واجعلها قلوباً سليمة مطمئنة يا رب العالمين. مودة وتواصل وتراحم إن شهر رمضان فرصة عظيمة لتطهير القلوب من أدران الحسد والبغضاء، والكراهية والشحناء، وفرصة لوصل أرحام قطعت، وزيارة أصحاب هجروا. إنه مناسبة جليلة لإزالة أسباب الخلاف والنزاع بين المتخاصمين، ووضع حد للمتهاجرين والمتقاطعين. إنه فرصة لأن تسمو فيه النفوس على حظوظها، وتتطهر فيه القلوب من أدرانها وغلوائها، فتمتد فيه الأيدي بالمصافحة، وتطرق فيه الأبواب للزيارة، وتجتمع فيه الأرحام بعد التفرق والانقطاع. د. أحمد نور الدين الزامل
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©