الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقديشو: مرحلة ما بعد انسحاب «الشباب»

مقديشو: مرحلة ما بعد انسحاب «الشباب»
8 أغسطس 2011 23:24
انسحـب تنظيم "الشبـاب المجاهديـن" من العاصمة الصومالية، مقديشو، يوم السبت الماضي، مخلفاً وراءه شوارع مقفرة وسكاناً متخوفين، فضلاً عن إعلان حكومي تلاه الرئيس شريف شيخ أحمد أمام الصحفيين قال فيه إن الحكومة انتصرت على الحركة المتطرفة التي بثت الرعب في أنحاء الصومال لسنوات. ولكن على رغم الانسحاب لم يُعرف بعد ما إذا كان تنظيم الشباب قرر مغادرة العاصمة نهائيّاً، أم أن الأمر ينطوي فقط على تحرك تكتيكي يعقبه هجوم أكبر على المواقع الحكومية وشن حملة موسعة على العاصمة. وعلى مدى الشهور الماضية تعرضت قوات "الشباب" إلى ضربات متوالية من القوات الحكومية التي يدعمها جنود من الاتحاد الأفريقي يصل قوامهم إلى تسعة آلاف جندي، فضلاً عن ضربات الطائرات الأميركية بدون طيار التي استهدفت في الفترة الأخيرة قادة التنظيم الإسلامي المتشدد. وبعد معارك دامية دارت بين القوات الحكومية وعناصر "الشباب" ليلة الجمعة الماضية شوهدت العربات التابعة لحركة "الشباب" قبل فجر السبت وهي تخرج من المدينة متوجهة على الأرجح إلى المناطق الجنوبية من الصومال التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم وتمثل معقله الأساسي في البلاد، وهي منطقة جرداء تمتلئ بآلاف العائلات الصومالية التي تعاني من مجاعة قاسية بسبب ما يوصف بأنه أسوأ موسم جفاف يضرب القرن الأفريقي. وهذا الجفاف كان له الدور الأكبر في نزوح الآلاف من الصوماليين الجوعى إلى الشمال نحو مقديشو، أو عبور الحدود إلى كينيا حيث مخيمات اللاجئين التي تشرف عليها الهيئات الدولية. وفي تعليقه على انسحاب قوات "الشباب" من العاصمة قال الرئيس شريف شيخ أحمد إن البلاد "ترحب بنجاح القوات الحكومية المدعومة من جنود حفظ السلام من الاتحاد الأفريقي في دحر العدو"، مضيفاً "لقد حان الوقت لجني ثمار السلام، ولذا أدعو كافة الصوماليين لمساعدة القوات الحكومية في تعقب عناصر «الشباب» المختبئين في البيوت، والذين لم يخرجوا بعد من العاصمة". وفي المقابل صرح "علي محمود راج"، المتحدث الرسمي باسم "الشباب" لإحدى المحطات الإذاعية قائلاً: "نحن تركنا مقديشو لكننا ما زلنا نسيطر على مدن وبلدات أخرى، ولن نتخلى عن الأهالي، بل سنواصل الدفاع عنكم وحمايتكم وسيستمر القتال مع القوات الحكومية". غير أن تنظيم "الشباب" الذي يسعى إلى تطبيق نسخة متطرفة من فهم الدين وإقامة الحدود على السكان لم يكن، عكس ما يروج له "الشباب"، يحظى بتأييد واسع بين السكان الذين سئموا التضييق عليهم وتقييد حرياتهم. وفي كثير من الأحيان كان السكان في مقديشو يجدون أنفسهم عالقين في عمليات تبادل إطلاق النار بين القوات الحكومية، وعناصر "الشباب"، وشاهدوا كيف تحولت العاصمة المطلة على المحيط الهندي إلى مجموعة من المباني المتداعية المليئة بثقوب الأعيرة النارية. وكانت الولايات المتحدة التي تدعم الحكومة في مقديشو متخوفة من أي دور محتمل قد يلعبه تنظيم "الشباب"، الذي يعتقد أنه له صلات مع "القاعدة" باليمن، في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، لاسيما بعد التفجيرين اللذين نفذهما "الشباب" في عام 2010 في أوغندا وأسفرا عن مقتل 76 شخصاً كنوع من العقاب لأوغندا التي تشارك قواتها في بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال. وأكثر من ذلك أظهر عناصر تنظيم "الشباب" قسوة منقطعة النظير تجاه مواطنيهم بعدما منعوا وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة بالجفاف الخاضعة لسيطرتهم. وقد تعرض التنظيم أيضاً لانتقادات شديدة لمنعه هروب مئات الآلاف من الصوماليين إلى المعسكرات التي أقامتها الوكالات الدولية بعد اشتداد أزمة المجاعة، ولذا فمن المتوقع أن يساهم انسحابهم من مقديشو في تسريع توزيع الغذاء وباقي الإمدادات على الآلاف من المزارعين الذين هجروا مناطقهم القاحلة نحو العاصمة. وكانت عناصر التنظيم قد بدأت التسرب إلى مقديشو في عام 2007 بعد عام على دخول القوات الإثيوبية إلى البلاد وسعي الحكومة الانتقالية إلى فرض نوع من الاستقرار وإنهاء الصراعات بين الفصائل الصومالية المتناحرة. وعلى رغم المساعدات المالية المهمة التي حصلت عليها الحكومة من الدول الغربية فقد حال الفساد المستشري والصراعات بين القبائل دون تحقيق تقدم في الميدان. ولكن مع مجيء القوات الأفريقية بتفويض من الاتحاد الأفريقي بدأت قبضة "الشباب" تضعف على العاصمة، هذا فضلاً عن الانقسامات داخل صفوف المتمردين أنفسهم، إذ رغم الاتفاق على الانسحاب صبيحة السبت الماضي فقد قامت عناصر من "الشباب" بتنفيذ هجوم أخير على المقرات الحكومية ليلة الجمعة. غير أن القوات الحكومية استطاعت "صد الهجوم وإرغام المتمردين على الانسحاب" على حد قول "عبدالرحمن عمر عثمان"، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الصومالية.وقد راقب الأهالي خروج عربات تنظيم "الشباب" من المدينة بترقب واضح، حيث قال "عثمان فارول"، أحد قاطني مقديشو: "لقد رأيت موكباً يضم عشرات العربات التي تقل المتمردين يخرج من المدينة، ورأيت أيضاً سيارتي دفع رباعي بنوافذ مظللة يبدو أنهما تحملان قادة التنظيم". جيفري فليشمان لطفي شريف محمد مقديشو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©