الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«جرافيت» هشام الخشن.. أحداث من القرن الماضي

«جرافيت» هشام الخشن.. أحداث من القرن الماضي
25 أغسطس 2014 22:52
إيهاب الملاح (القاهرة) ?? استدعت السنوات الثلاث الأخيرة التي مرت بمصر، منذ 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013، الكثير من الموضوعات والقضايا الإشكالية، مثل نشأة تيارات الإسلام السياسي، والظرف السياسي والاجتماعي الذي ظهرت فيه جماعة الإخوان المسلمين بالتزامن مع الحراك الفكري والثقافي الذي شهدته مصر في النصف الأول من القرن العشرين، كما دعت الروائيين والكتاب إلى التنقيب في تاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي، القريب والبعيد على السواء، لاستكشاف الجذور والبحث عن إجابات لتلك الأسئلة والموضوعات. ? في هذا السياق، وبغلاف لافت أنيق، في 222 صفحة من القطع الصغير، صدرت رواية «جرافيت» أحدث إصدارات الكاتب والروائي هشام الخشن، الصادرة عن مكتبة الدار العربية للكتاب، حيث لا تفارق «جرافيت» مجال قراءة التاريخ وإعادة النظر في أحداث فارقة ومهمة في مسار حركة الفكر المصري الحديث، فلم يكن العام 1928 عاما عاديا في حياة المصريين، إذ شهد هذا العام ظهور جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا، وهو العام ذاته الذي شهد ابتعاث الدفعة الأولى من الفتيات المصريات إلى الجامعات الأوروبية «الفرنسية والبريطانية»، لإكمال دراستهن، وكانت من ضمنهن الرائدة المصرية في مجال الدفاع عن حقوق المرأة «درية شفيق»، التي تظهر كأحد أبطال الرواية، وشخوصها المحورية. ? تطرح الرواية أسئلة تتعلق بالسياق الاجتماعي والسياسي المصري في النصف الأول من القرن العشرين، من قبيل متى بدأت رحلة كفاح المرأة المصرية لنيل حريتها والدفاع عن كرامتها ومواجهة التمييز الصارخ الذي كان يمارس ضدها وما زال؟ كيف بدت القاهرة المحروسة في النصف الأول من القرن العشرين؟ وهل كانت كما تذكر كتب التاريخ وسجلات الرحالة الأوروبيين «قطعة من أوروبا» و»تجمعا كوزموبوليتانيا فريدا» يتسع للمصريين وغيرهم من الطوائف والعرقيات المختلفة، أرمن ويونان ويهود وغيرهم؟ ? فمن مصر إلى باريس، ومن القاهرة إلى الإسماعيلية، وبين أحياء المحروسة العريقة، الأزبكية والمبتديان وعابدين والعتبة الخضرا، تدور أحداث الرواية التي أراد لها مؤلفها أن تكون «بانوراما منمنمة» لجوانب من حياة المصريين وحراكهم السياسي والثقافي والاجتماعي في الربع الثاني من القرن العشرين، فينقلنا هشام الخشن إلى مطالع القرن الفائت بكل خصائصه وأجوائه وألوانه وأن يرسم لنا صورة مكثفة للمجتمع المصرى فى ذلك الوقت، وهو أيضا الذي تبلورت خلاله ملامح الهوية المصرية المتميزة. ? كما تسلط الرواية الأضواء على قضية تحرير المرأة فى مصر في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي حيث تدور أحداثها خلال الفترة من العام 1928 وحتى قيام ثورة يوليو في العام 1952 حيث بدأت المرأة فى نيل بعض من حقوقها السياسية. ?وعبر خطين رئيسيين يجمعان شتات الأحداث والشخوص، هما «قضية المرأة» والدفاع عن حقوقها ومقاومة أشكال التمييز ضدها، والخط الثاني ظهور أو نشأة جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا، ومن عباءتها خرجت كل تيارات العنف والتطرف والإرهاب التي ما زلنا حتى اللحظة نكتوي بنارها وندفع ثمن ظهورها الأسود، مع ما ترتب عليه من تغيرات سياسية واجتماعية ودينية وطائفية، وكلها لعبت دورا مباشرا أو غير مباشر فى إهدار حقوق المرأة والانتكاسة التى حدثت لها على مر السنين. ? أما الخط الأول، فقد بناه الروائي على حدث ثقافي تاريخي، وهو بعثة الفتيات التي أرسلتها وزارة المعارف المصرية آنذاك لاستكمال دراستهن الجامعية في إنجلترا وفرنسا، ضمت 12 فتاة، منهن «نوال عارف»، ذات الثمانية عشر عاما، تخرجت في مدرسة المير دو ديو، وإحدى المبتعثات إلى السوربون لإكمال دراستها والحصول على درجتها العلمية، سافرت إلى فرنسا بتشجيع من والدها المستنير، «محمد عارف»، وهو رجلٌ تحدى التقاليد وتصدى لمقاومة أفراد عائلته الذين كانوا يرفضون بعنف سفر ابنته إلى الخارج لإكمال تعليمها، وكانت الصديقة المقربة لدرية شفيق، ورفيقتها في البعثة، والتي سيبرز اسمها بارزا بصفتها رائدة الدفاع عن حقوق المرأة. ? أما الخط الثاني، الذي سارت فيه الرواية فينطلق من النموذج النقيض لـ»نوال عارف» و»درية شفيق»، من «بهيجة» ابنة عم نوال، وزوجة «حلمي أفندي الأهواني»، الذي سيتعرف على حسن البنا من خلال صداقته ومعرفته بأحمد السكري أحد أقرب أعوان حسن البنا ممن ساهموا في نشأة التنظيم وتكوينه، ومن خلال السرد نتعرف على تفاصيل غاية في التشويق والإثارة فيما يتعلق بنشأة التنظيم ومولده في الإسماعيلية ثم انتقاله إلى القاهرة بعد ذلك. ? وتبدو «بهيجة» ابنة عمة نوال، النموذج النقيض لحلم «المرأة المصرية الصاعد»، فهي امتداد لأمها وجدتها، مستكينة راضية بحالها، شديدة التمسك بما درجت عليه وتربت في كنفه، لا تعرف إلا العادات الموروثة والتقاليد المرعية، متواضعة التعليم والفكر، أقصى ما تطمح إليه أن تنال رضا زوجها وتنجب له الأطفال وأن تسعى بغاية جهدها وطاقتها إلى البحث عما يجعلها «مرغوبة» دائما في عينيه، ولا تنسى أن تكون «طباخة ماهرة» كما أوصتها جدتها كي تزداد شرفا ومكانة في عيون زوجها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©