الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا.. إعادة توطين السلاح النووي!

25 أغسطس 2014 22:11
جريف ويت لندن على مدى عقود، كانت قوة بريطانيا البحرية النووية تتركز على ضفاف بحيرة «لوخ» باسكتلندا، حيث تغرق الجبال الخضراء العالية في مياه البحيرة الرمادية التي تملؤها اليخوت والغواصات المسلحة نووياً، حيث تنزلق الغواصات بهدوء كوحوش البحر بمحاذاة هذه المدينة التي تعد ثكنة عسكرية. وتخترق هياكلها الغامقة سطح الماء في طريقها من القاعدة إلى أعمق المحيطات، حيث تقضي فرق البحرية البريطانية شهوراً مديدة.ولكن إذا صوتت اسكتلندا بـ«نعم» خلال الاستفتاء على الاستقلال الذي سيجرى الشهر المقبل، فقد تصبح هذه الغواصات هياكل مسلحة نووياً هائمة على وجهها لا تجد ميناء يتيح لها إمكانية الاتصال بالوطن. وباعتبار بريطانيا هي أقرب وأهم حليف لواشنطن، فإن هذا يؤثر على قدرتها في مجال الردع، خاصة في وقت تُطرق فيه حدود أوروبا مجدداً من قبل روسيا الثائرة. وقد ذكر «جورج روبرتسون»، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، وهو اسكتلندي، في واشنطن خلال هذا العام أن التصويت من أجل الاستقلال سيكون «كارثياً» للأمن الغربي، وأن إخراج الغواصات من اسكتلندا سيكون بمثابة «نزع سلاح ما تبقى من المملكة المتحدة». وعلى الفور، اتهمت الحملة المؤيدة للاستقلال «روبرتسون» بإثارة الذعر بشكل مفرط. ولكن إمكانية أن تصبح بريطانيا هي العضو الوحيد الدائم في مجلس الأمن الدولي الذي ليس لديه رادع نووي، تؤكد مدى الخطورة التي تكمن وراء الخلجان الصامتة والجبال الخضراء عندما يذهب سكان اسكتلندا البالغ عددهم 5 ملايين نسمة للاقتراع في 18 سبتمبر. ويرى «فيليب أوبراين»، الذي يدير المركز الاسكتلندي لدراسات الحرب بجامعة جلاسكو، أن «فقدان اسكتلندا سيكون أمراً جللاً بالنسبة للمملكة المتحدة ولا يتعلق الأمر فقط بخسارة نسبة 10 في المئة من الشعب التي تمثلها اسكتلندا. كما سيكون له أثر عميق على القوة الداخلية والخارجية للمملكة المتحدة. وتعد الأسلحة النووية جزءاً من ذلك». من جانبهم يقول قادة الحركة الانفصالية في اسكتلندا إن وطنهم المستقل سيكون منطقة خالية من الأسلحة النووية في غضون أربع سنوات من الانفصال عن بريطانيا. ويعد هذا التعهد وعداً شعبياً يدغدغ أهواء المصوتين اليساريين في الحركة بشكل خاص.ولكن مع وجود نسبة كبيرة من الناخبين الحائرين، يشعر المسؤولون البريطانيون بالتوتر من احتمال انفصال اسكتلندا -وأن يصبح البرنامج النووي هو الضحية. ويقدم هذا الاحتمال خلفية غير مريحة لقمة «الناتو» المقرر أن تستضيفها بريطانيا في «ويلز» في 4 و5 من شهر سبتمبر. وفي ظل وجود ترسانة بريطانية تتألف من 160 صاروخ «ترايدنت» في اسكتلندا، فإن التصويت بـ«نعم» سيترك لما تبقى من المملكة المتحدة مهمة البحث مجدداً عن مكان آخر للأسلحة، وأربع غواصات من فئة «فانجارد» يمكن استخدامها لإطلاق الصواريخ. ولكن لا يوجد مكان آخر. وقد يستغرق بناء قواعد مناسبة لإيواء الصواريخ والغواصات عشر سنوات على الأقل، كما يقول الخبراء، إلى جانب تكلفة تقدر بالمليارات من الدولارات لا تستطيع الحكومة تحملها. وقد ذكر «أوبراين» أن بريطانيا قد تقرر إلغاء برنامجها النووي بدلاً من إجراء تخفيضات مؤلمة في قطاعات أخرى. وحتى بدون مشكلة إعادة توطين صواريخ «ترايدنت»، هناك خطط لخفض القوات المسلحة البريطانية بنحو 30 ألفا بحلول عام 2020، وقد تساءل وزير الدفاع الأميركي السابق «روبرت جيتس» في وقت سابق من هذا العام عما إذا كان بوسع بريطانيا أن تكون «شريكاً كاملاً» لواشنطن نظراً لحجم هذه التخفيضات. وقد تعززت تلك الشكوك خلال هذا الشهر عندما أعلن الرئيس أوباما عن شن غارات جوية على متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق ورفضت بريطانيا المشاركة. ولكن بقدر ما قد تتراجع بريطانيا عسكرياً، فإن هذه العملية قد تتسارع إذا انقسمت المملكة المتحدة إلى دولتين بعد مرور ثلاثة قرون من اتحاد بريطانيا واسكتلندا. من جانبه، ذكر «مالكولم تشالمرز»، مدير الأبحاث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن تصويت الاستقلال قد تتبعه سنوات من المفاوضات، والمرحلة الانتقالية يمكن أثناءها تقسيم القواعد والأجهزة والأفراد. كما سيتعين على اسكتلندا أيضاً بناء قواعد للدفاع الذاتي، بينما ستكون بريطانيا «مشتتة الفكر» جراء الخيارات الصعبة حول ما يمكنها الاستغناء عنه.وقال «تشالمرز» إذا لم يقرر المسؤولون البريطانيون الاحتفاظ بصواريخ «ترايدنت»، فإن دافع ذلك سيكون لعدم رغبتهم في «مزيد من الإذلال، لأنهم مجبرون على نزع السلاح» بعد أن فقدوا ثلث كتلة اليابسة في المملكة المتحدة. وبالطبع، فإن بريطانيا ليست هي أولى القوى النووية التي تجبر على التشرذم. فعندما انقسم الاتحاد السوفييتي السابق، انتشرت الأسلحة النووية في جميع أنحاء الجمهوريات. ولكن روسيا كانت لها حصتها ولم تحتج إلى نقل مرافقها للاحتفاظ بقوة ردعها. يذكر أن بريطانيا، التي تمتلك أسلحة نووية منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، اختارت في الأصل الرؤوس الحربية التي يمكن إسقاطها من قاذفات السلاح الجوي الملكي. غير أن هذا البرنامج تم استبداله في أواخر الستينيات بنظام يعتمد على غواصات تقع في هذا المدخل المنعزل عند مصب نهر «كلايد». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©