الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المغتربون في رمضان.. أمم عربية على موائد الإفطار الجماعي

المغتربون في رمضان.. أمم عربية على موائد الإفطار الجماعي
7 أغسطس 2013 02:04
يعيش المغتربون في شهر رمضان المبارك أجواء مختلفة عن الآخرين وبخاصة العزاب منهم، إذ أن أغلبهم يعيشون بعيداً عن أسرهم فضلاً عن إصرارهم على طهي أطعمتهم بأنفسهم أو زيارتهم للمطاعم وكل هذا يتم وفق ما تقتضيه الظروف. وعلى الرغم من هذه الوحدة التي تظللهم طوال العام إلا أنها تتزايد كلما مضى قطار رمضان للأمام في ظل بعدهم عن التجمعات العائلية وجلسات السمر التي كانت تجمعهم بالأقارب والأصدقاء، وما من شك في أن الكثير من المغتربين في رمضان يحاولون كسر حاجز العزوبية عبر الإفطار الجماعي مع أصدقائهم أو من يجاورونهم في سكن مشترك. أشرف جمعة (أبوظبي) - يعيش على أرض الإمارات العديد من أبناء الجاليات العربية والأجنبية الذين جاؤوا من كل أقطاب الأرض طلباً للرزق وسعياً لتحقيق أحلام معينة لذا فهم يضطرون إلى خدمة أنفسهم وتعلم مهارات جديدة في الطبخ وشؤون الحياة كافة، وفي ظل أجواء شهر رمضان الكريم، فإن العديد منهم يعيشون ظروفاً مختلفة عبر الموائد الفردية أو الجماعية فضلاً عن التواصل مع الأهل ورغبة بعضهم في الحصول على إجازة من العمل ولو لأيام قليلة من أجل الراحة والاسترخاء ومن ثم أداء الفروض والعبادات بأريحية تامة خلال شهر رمضان الكريم. بواعث الإحباط حول حياة المغتربين في شهر رمضان ونسق معيشتهم والأثر النفسي الذي يترتب على إفطارهم بعيداً عن عائلاتهم وكيفية التأقلم مع الأمور التي تطرأ فجأة على واقعهم المعيش تقول الطبيبة بجناح العلوم السلوكية بمستشفى خليفة الطبية فاطمة الجابري: من الطبيعي أن يعيش أي مغترب ظرفاً استثنائياً في شهر رمضان الفضيل خصوصاً وأن أيامه موسم للتجمعات الأسرية وترسيخ لعادات وتقاليد أصيلة فضلاً عن أن الكثير من الناس يسترجعون طوال ثلاثين يوماً مواقف سعيدة عبر حديث الذكريات مما يشعر المغتربون بأنهم في حالة من الحرمان الحقيقي، وهذه الحالة لها انعكاسات نفسية سلبية للغاية تتمثل في تعرض الفرد لنوع من الضغط النفسي والشعور بالانعزال. وتذكر أن كل فرد لديه شخصية مختلفة لذا لا بد من النظر بعين الاعتبار إلى البيئة التي ينشأ فيها كل فرد ومدى إشباعها للجوانب النفسية والاجتماعية والحياتية لديه بوجه عام، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نحدد نوعين من الأشخاص، الأول يتمتع بصحة نفسية واجتماعية ولديه قدرة على التأقلم مع الظروف والمتغيرات، والثاني هو الذي عانى الحرمان في فترة الطفولة ويجزع للمتغيرات والأمور الطارئة، وعلى الرغم من أن الطبيعة البشرية تحتاج دائماً إلى الإشباع النفسي والشعور بأن الدور الاجتماعي لم يتقلص من حياتها، إلا أن شهرا عظيما مثل رمضان من الممكن أن يعالج أية بواعث إحباط نظراً للطبيعته الدينية الغالبة عليه والتي تجعل الأفراد يحلقون في أجواء العبادة، وبطبيعة الحال الارتباط بجوهر الدين الصحيح الوسطي يهذب من شخصية الفرد ويجعله اجتماعياً بالدرجة الأولى. علاقات اجتماعية وتتابع الجابري: من اللافت أن هناك ظاهرة طيبة للغاية نجدها متأصلة في كبار السن بالإمارات وتتمثل في أنهم يقومون في أحيان كثيرة وبشكل تلقائي بتوزيع وجبات على العزاب المغتربين، وهو ما يسهم في إيجاد نوع من التكافل الاجتماع ويخفف في حقيقة الأمر من وطأة الألم النفسي، ويجعل العديد من المغتربين يشعرون بأنهم يعيشون بين أسرهم ووسط ذويهم، وتشير إلى أنه من الضروري أن يواصل المغترب الحديث مع أهله عبر أيام شهر رمضان حتى يكون على صلة بالأجواء التي تعيشها أسرته في رمضان وهو يعطى انعكاساً إيجابياً على صحته النفسية، وتؤكد أن التخلص سريعاً من مشاعر الحزن والضيق والاكتئاب لدى المغترب يمكن أن تحدث عن طريق تكوين علاقات اجتماعية بالآخرين، ومن ثم الذهاب إلى النوادي الاجتماعية والتفاعل في المجتمع وأحداثه المسلية والطريفة في آن، وترى أن استرجاع المواقف الأسرية الدافئة المتعلقة بشهر رمضان يمنح المغترب أيضاً شعوراً بالسعادة والرضا عن النفس. إفطار جماعي ومن بين الذين يعدون إفطارهم بشكل يومي بأنفسهم مدير مشاريع بإحدى الشركات الخاصة أحمد عبد المنعم الذي يذكر أنه على مدار شهر رمضان الكريم يجهز لنفسه كل يوم وجبة، ويلفت إلى أنه يستمتع بدخول المطبخ ومن ثم تقطيع ثمرات الخضراوات ووضعها في إناء خاص مع لحوم الدجاج التي يفضلها ويقول: كنت أعيش مع أهلي في أثناء عملي بالمملكة العربية السعودية وفور انتقالي إلى الإمارات عادوا إلى مصر، وما من شك في أنني تعلمت الطبخ وأصبحت ماهراً فيه ومنذ قدوم شهر رمضان وأنا أستمتع بعمل وجبات الإفطار بنفسي على الرغم من أنني أشعر بحنين إلى أجواء الأسرة والأقارب والمعارف، إذ إن الشهر الفضيل يكون له وقع خاص معهم حيث جلسات السمر واجتماع كل أفراد العائلة، ويضيف منذ سنوات كنت أشعر بضيق رهيب وآلام نفسية كبيرة بسبب إفطاري وقضاء رمضان بعيداً عنهم لكنني مع مرور الأيام أصبحت أكثر إشراقاً ومن ثم تولدت لدي قناعة بأن شهر رمضان يصنع أجواءه بنفسه، بخاصة أن العديد من الأصدقاء يفطرون أحياناً معي وهو ما يوجد نوعاً من الفكاهة والمرح فضلاً عن أن الشركة التي أعمل بها دعت كل الموظفين بها إلى إفطار جماعي وهو ما أشعرني بأنني وسط عائلتي. ومن جهته يقول محمد إبراهيم مدرب في أحد النوادي الرياضية في أبوظبي: منذ بداية شهر رمضان وأنا أذهب إلى مطعم قريب من بيتي وأتناول طعام الإفطار به وعلى الرغم من أنني لا أحب أن تكون جميع وجباتي الغذائية من المطاعم إلا أنني أعد رمضان ظرفاً استثنائياً إذ إنني ليس لدي صبر على طهي الطعام خلال أيامه ولياليه ولا أنكر أن وحدتي تزداد في رمضان وأشعر أحياناً باكتئاب ويدفعني حنين جارف إلى استعادة ذكريات الإفطار مع أبي وأمي وإخوتي لكن حين يطغى عليّ هذا الشعور أفتح كتاب الله عز وجل وأواصل القراءة مدة طويلة فأشعر بسكينة وراحة نفسية فضلاً عن أنني أحاول أن أشغل وقتي كاملاً في العبادة حتى أستثمر الشهر الكريم في ما يجب أن يكون. آفاق رحبة أما خالد عبد العظيم محاسب فيؤكد أنه يحرص على الجلوس إلى مائدة مشروع إفطار بجامع الشيخ زايد الكبير إيماناً منه بأن الجلوس مع أعداد غفيرة من مختلف الصائمين حول العالم يشعره بأنه يعيش تجربة خاصة، هذه التجربة على حد قوله كفيلة بأن تنقله من حالة الفراغ والتفكير في أجواء رمضان بين أحضان أسرته إلى آفاق رحبة فيها تسامح وتعاطف وتقبل من الآخرين وينصح بعض المغتربين الذين لا يفطرون مع أصدقاء بإن يحلوا ضيوفاً على مائدة مشروع إفطار صائم بجامع الشيخ زايد الكبير. مشاعر الحرمان يجزم رئيس قسم الطب النفسي بمدينة خليفة الطبية الدكتور أحمد الألمعي بأن إفطار مجموعة من المغتربين مع بعضهم بعضاً بصورة دائمة خلال شهر رمضان يؤدي الى استقرار الحالة النفسية لديهم، وهو ما يشعرهم بأنهم يعيشون طقوساً عائلية حقيقية، ويبين أنه من المؤلم أن يؤثر بعضهم الإفطار بصورة منفردة، لأن هذا الوضع يشكل جانباً صارخاً من العزلة، ويبعث في النفس الإحباط والشعور بالحرمان المجتمعي، وعدم قدرة الفرد على ممارسة حياته الطبيعة، خصوصاً في هذا الشهر العظيم الذي ترتقي فيه النفس إلى مدارج الصفاء عبر مواصلة العبادة، وإقامة الفروض والاستماع إلى حلقات العلم في المساجد، ويلفت إلى أن محاولة الإفطار بشكل جماعي وبخاصة ضمن مشروع صائم بجامع الشيخ زايد الكبير تعد فرصة ذهبية لبعض المغتربين الذين حين يتوجهون إلى الجامع ويندمجون مع الآخرين سيشعرون بأنهم في جو عائلي متكامل الأركان، ويرى أن العديد من شباب المغتربين وبخاصة المثقفين منهم لديهم وعي بطبيعة الشهر الكريم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©