الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأصل والصورة

20 يناير 2015 23:20
يقولون دائماً إن أضعف الشعر هو شعر المعارضات وشعر المناسبات.. لأنّ هذين النوعين من الشعر مصنوعان وليسا ابني القريحة والبديهة وفيهما تكلف غير مستحب.. مثل أن يكتب أحدهما شعراً يعارض به شاعراً آخر على نفس القافية والوزن. وهو غير شعر النقائض أو الهجاء. فليست المعارضة هجاء ولكنها كتابة على نفس نمط الأصل وقافيته ووزنه. أما شعر المناسبات فهو أن يكتب الشاعر قصائد الرثاء في مناسبات التعازي أو قصائد المديح أو قصائد في مناسبات الأفراح والأعياد. هذان النوعان من الشعر لا عمر لهما ولا يعيشان طويلاً - لكن القاعدة لم تثبت عند شاعرين حديثين هما أمير الشعراء أحمد شوقي والشاعر نزار قباني. فقد كتب شوقي شعر معارضات على نهج قصائد للمتنبي والبوصيري وابن زيدون والحصري وللأمانة كانت قصائد معارضاته أقوى كثيراً من الأصول ونالت شهرة أكثر إذ عارض بردة البوصيري التي يقول فيها: أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ مـــــزجتَ دمعاً جرى من مقلةٍ بدمِ أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمةٍ وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ وقد قال شوقي في مطلع قصيدته نهج البردة ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً يا ســــاكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ وعارض شوقي قصيدة الحصري التي يقول فيها: يا ليلَ الصَّبِّ متى غَـــــــــدُهُ أقِيامُ السَّـــــاعَةِ مَوْعِدُهُ وقال شوقي: مُضناكَ جَفاهُ مَرقَـــــــــــــدُهُ وَبَكــــــــــاهُ وَرَحــــَّمَ عُوَّدُهُ أما نزار قباني فكتب شعر مناسبات رائعاً للغاية .. ولعلّ أهم ما كتبه مرثيتين في عميد الأدب العربي د. طه حسين والزعيم الراحل جمال عبد الناصر . وكانت مرثيته في حفل تأبين د. طه حسين درة أدبية رائعة إذ يقول فيها: ضوءُ عينَيْكَ أمْ هُمَا نَجمَتانِ؟ كُلُّهمْ لا يَرى وأنتَ تَراني ألقَ نَظَّارَتَيْكَ ما أَنْتَ أَعْمَى إنَّمــا نحنُ جَوْقَةُ العُمْيَانِ وهكذا وربما لأول مرّة تتفوق الصورة على الأصل في أشعار المعارضات والمناسبات. شمسة - العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©