الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الله المحيربي: اللقاءات الرمضانية فرصة للتعارف وإعلاء القيم النبيلة

عبد الله المحيربي: اللقاءات الرمضانية فرصة للتعارف وإعلاء القيم النبيلة
1 أغسطس 2012
ذاكرة الحاج عبدالله المحيربي الرئيس الأسبق للمجلس الوطني الاتحادي، وأول سكرتير للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه تختزن التفاصيل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمدينة أبوظبي وسيرورة تطورها، حيث يشغل شهر رمضان مكانة مميزة في قلب المحيربي، الذي أكد أن المجالس الرمضانية كانت فرصة للحديث والتعارف وإعلاء القيم النبيلة ورسائل التوعية بالإضافة للترفيه وتزويج بنات الفريج. قال الحاج عبدالله المحيربي، كانت البساطة عنواناً رئيسياً لتفاصيل الحياة اليومية، والمحبة والتعاون بين أهل الفريج أساس متين يوثق العلاقات بينهم، موضحاً أن النساء كانت تتكفل بكل مجريات البيت، من جلب الماء والحطب في ظل غياب الزوج عن البيت مدة طويلة في رحلات الغوص أو في العمل في الجزر في بداية اكتشاف النفط. وأضاف صمنا شهر رمضان السابق وقت ارتفاع درجة الحرارة أيضاً، ولم تكن هناك وسائل نقل، حيث كنا نمشي مسافات على الرمل الثقيل للوصول إلى شاطئ البحر لجلب السمك من الصيادين والوقود، أو المياه من الطوي«البئر»، حيث كانت الحياة تتسم بالصعوبة، إذ كنا نسكن في منطقة الحصن، وكان هناك بئر واحد يأتيه الناس من كل أنحاء أبوظبي لجلب الماء، ولم يكن هذا الماء عذباً في كل الأوقات، حيث إن امتداد البحر يزيد ملوحته، أما في حالة الجزر فيصبح الماء حلواً، لكن تواجدت بعد ذلك محطة صغيرة لتوزيع الماء وكانت قرب السفارة البريطانية آنداك. وأضاف: شكلت منطقة«البصرة»، وهي منطقة سميت بهذا الاسم، لأنها تحتوي على نخيل كثير، وهي منطقة خلف قصر الحصن، مكانا آمنا للعب الصغار في رمضان وباقي المناسبات، وفي تلك الفترة، كان الاعتماد في الوقود، على طحالب البحر، فعندما كان يخرج الصياد شباكه تخرج معها هذه البقايا، حيث كانت النساء تنتظر على شاطئ البحر لحظة نزع الشبكة التي يلقيها في البحر لصيد الأسماك، وتجر معها الطحالب والأعشاب البحرية، فكانت تجمعها النساء وتعمل على تجفيفها، وتستعملها بديلاً للأخشاب في طهي الطعام، مما كان يساعد على تلاقي الأمهات والأطفال على الشاطئ، فشكل ذلك حياة سعيدة، يتعارف من خلالها الكبار والصغار، وتتكون لحمة وألفة وتكافل بين الجميع، حيث يلعب الصغار على الرمال، وتمارس الصغيرات الألعاب الشعبية. ويعود المحيربي بذاكرته إلى هذا الزمن الجميل ويذكر بعض الطرائف التي صادفها في طفولته على شاطئ جلب الوقود البحر: كنت صغير السن، مقبل على الحياة، مندفع نحو الفرح، رأيت مجموعة بنات تنعش على الشاطئ، فحاولت أن أظهر مهارتي بالرقص بالسيف رفعته عاليا وأطلقته في الهواء مما أصابني بجرح غائر، سال دمي على أثره، ولازالت علامته محفورة في راحة يدي. ويضيف: لم تكن هناك تعقيدات، حيث كانت البساطة وعدم التفاخر هو سمة المجتمع، وعندما نسمع زواج أحد أو خطبته، يهب الجميع للمساعدة، كل يساهم بقدر استطاعته، وتفتح البيوت على بعضها البعض، فيعم الفرح الفريج بأكمل. تكافل وذكر المحيربي أن النساء في رمضان كن يجتمعن للطبخ، كما كانت العائلات تتجمع في بيت واحد، لا فرق بين الجيران، فقد شكل رمضان فرصة لتلاقي العائلات وتزاورهم وتعارفهم، حيث كانت الأمهات تعرفن كل الفتيات اللواتي هن في سن الزواج، مما يدفع الأم لخطبة هذا الفتاة أو تلك التي تناسب ابنها، الذي يتزوج وعمره لا يتجاوز أحيانا 15 سنة، وذلك بغرض أن ينجب أولاداً يساعدون في البيت وهكذا تتوسع الأسرة. وقال عبدالله المحيربي إن شهر رمضان كان فرصة اجتماعية لحل مشكلة الزواج، بحيث كان ذلك يتم تلقائيا، فالأم كان تصحب معها بناتها لزيارة الجيران والأقارب، وكانت البيوت مفتوحة للجيران وأولادهم، مما يجعلهم يلعبون في ساحته ولم يكن هناك تفريق بين الأولاد والبنات، بحيث يلعب الجميع في مكان واحد، أما اليوم فالأمر اختلف، فبنات اليوم لا ترغبن في مرافقة أمها، فكبرت الفجوة بين البنات اللواتي يرغبن في الزواج وبين الذكور، أما بالنسبة للطعام فإن الأمهات كن يطبخن الأكلة الشعبية «هريس» واستعملن فيه الدجاج، نظراً لعدم توافر اللحوم وغلائها، فأصبح ذلك تقليدا، ولم يكن ذلك يطبخ كل يوم، لكن مرة في الأسبوع. وعما تحمله ذاكرة الحاج المحيربي من تفاصيل عن المسحراتي في رمضان يقول: كان يعم الهدوء أبوظبي، فلا سيارات، ولا صوت مكيفات، وأذكر أنه كان هناك مسحراتي في البطين وواحد في مدينة زايد، وكان يركب حمارا، ويسمع صوته في كل مكان، أما بالنسبة للصلاة فكانت تتم في مسجد زايد الأول، أما مساجد الأحياء فكانت صغيرة ومنها من هو دون سقف أو جدران. وأضاف المحيربي: لم يشكل رمضان فرصة لراحة الأولاد وسعادتهم، بل للكبار أيضا، حيث كانت تشارك النساء والرجال أيضا في لعب الألعاب الشعبية، ومن هذه الألعاب أذكر لعبة«هوريد»، وكانت تتكون من فريقين، الأول يختبئ والثاني يبحث عنه، حيث كان يتم ذلك تحت ضوء القمر، وهكذا شكل رمضان فرصة للسعادة بالنسبة للجميع، وكان الكل يخاف على الكل، والجار كأنه الوالد. ويتابع المحيربي، أما التجهيز للعيد، فكان يبدأ بعد دخول الشهر الكريم بفترة قصيرة، وتبدأ النساء في حياكة «الكنادير» النسائية، والرجالية، التي كانت لا تتجاوز واحدة لكل فرد في الأسرة، وكانت النساء تقوم بذلك أيضا بالنسبة للبنات والذكور، وليلة العيد تتحنى البنات، بشكل بسيط مفرح، حيث شكل يوم العيد مناسبة عظيمة لأهل الفريج، وكانت تفتح الأبواب وتستقبل الضيوف والمباركات، ونحن أطفال نتسابق للبيوت للمعايدة، وهذه العادات الاجتماعية علمت الأطفال التواصل، لأن كل طفل كان يعرف طريقة السلام وإلقاء التحية، والمباركة، أما اليوم فهذه الأشياء بدأت في الاندثار وتراجع الترابط الاجتماعي أما المعايدات الإلكترونية حتى أصبح البعض لا يعرف أفراد عائلته بأكملها، كما أن الأهل كانوا يلعبون دوراً كبيراً في مواجهة المشاكل الاجتماعية وحلها، لذلك كانت نسبة الطلاق قليلة، نظرا لقيام الأسرة بدورها في التدخل وحل المشاكل الزوجية. حكاية المجالس ويشده الحنين لهذه الفترة التي طواها الزمان، فينساب حديثه عن المكان الذي غاص وسط الأنوار، فاكتفى بالإطلالة من نافذة مكتبه الذي أبى إلا أن يكون في نفس المساحة التي عاش فيها، ربما ليظل قريبا من الذكريات الجميلة، وبما أحاطها من ألفة اجتماعية وحكايات إنسانية شهدت الفرح والحزن والكفاح والجد، مساحات زمنية شكلت الصور المعلقة في مكتبه ملخصا لرحلته الزمنية وشهد عصر على تطور أبوظبي وجزء من ذاكرته، كان عمر المحيربي لا يتجاوز 18سنة، عندما تولى مهمة السكرتارية لدى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مما ساهم في صقل شخصيته وتشرب الكثير من القيم والمبادئ، رحلة دامت 7 سنوات لخصها في قوله أن عمله كان بالطريقة التقليدية لتدوين كل ما كان يخططه ويرغب فيه المغفور له بإذن الله بأدوات بسيطة منها دفتر وقلم، وفي مرحلة أخرى من عمره عمل المحيربي في شركات النفط بجزيرة داس، وقضى أشهرا من رمضان في الجزيرة. ويقول عن هذه الفترة: بالنسبة لنا رمضان في الجزيرة كان صعبا، وعليه قررنا ابتكار فكرة تؤنسنا، فأسسنا مجالس رمضانية، وكانت عبارة عن خيمة يدخلها كل مار من الطريق ومفتوحة لكل الناس، لم يكن هناك تلفزيون أو أي وسائل أخرى للترفيه، ورغم عملنا مع الأجانب فإنهم أنشأوا لنا مساجد واحترموا صيامنا وقيامنا وقللوا ساعات العمل إلى 5 ساعات فقط على شكل ورديات، ومن يعمل في الورشات فإن الراتب كان يضاعف في رمضان أكثر من الأيام الأخرى، وبالنسبة للصلاة فإن عمي عبيد بن سعيد المحيربي والذي كان قاضيا في جزيرة داس هو من كان يأمنا ويصلي بنا، كما كنا ندرس اللغة الإنجليزية، وبالنسبة للعطلة السنوية بعد عام كامل من العمل فإننا كنا نأتي فيها إلى أبوظبي عن طريق باخرة تستغرق رحلتها يومين في عرض البحر، ومدة الإجازة 21 يوم، وعن طريقة التواصل مع الأهل، فأشار إلى أن الأغلب لم تكن لهم دراية بالقراءة والكتابة، ومن يعرف يكتب لهم رسائل يبعثونها لأهاليهم مع كل قادم إلى أبوظبي. تجارب شخصية وعين المحيربي له 9 أولاد رئيسا للمجلس الوطني الاتحادي، حيث شهد إعلان الدستور الدائم للدولة، هكذا خبر المجال وداره سنوات عدة، ولازال يقدم استشارته إلى اليوم، رغم تفرغه لأعماله الحرة. ويقول: اعتمدت على نفسي على رغم صغر سني، بحيث كنت اُكلف بعدة مهام ليشتد عودي، تعلمت القرآن الكريم وهذا أكسبني الكثير من القيم، وأعطاني التوازن في الحياة، والاعتدال في النظر لبعض الأمور الأساسية فيها. إضاءة قال الحاج بن عبدالله المحيربي الرئيس الأسبق للمجلس الوطني الاتحادي: في عام 1959 التحقت بأول وظيفة، وكانت في شركة تنقيب عن النفط في جزيرة «داس»، وتعلمت اللغة الإنجليزية عبر ورش اللغة التي كانت تقيمها إدارة شركة النفط التي عملت بها، وعندما أسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، المجلس البلدي في إمارة أبوظبي تم تعييني رئيساً للجنة الخدمات وبناء البنية التحتية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©