الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاهدة لشبونة... ودواعي التغيير

5 نوفمبر 2010 22:12
يبدو أن الدبلوماسية الألمانية بقيادة المستشارة ميركل قد حقت نصراً مهماً يوم الجمعة (29 أكتوبر المنصرم)، وذلك عندما وافق قادة الاتحاد الأوروبي على مقترح قدمته ألمانيا بالمشاركة مع فرنسا، كان ينظر إليه حتى فترة قريبة، على أنه قد يكون سبباً في حدوث أزمة أكثر عنفاً بين دول الاتحاد الأوروبي. وقد أعلنت الحكومتان الألمانية والفرنسية الأسبوع قبل الماضي، أنهما يسعيان من خلال المقترح المقدم منهما إلى إيجاد آلية دائمة لتجنب حدوث أزمة لليورو على غرار الأزمة اليونانية، التي هزت أركان الاتحاد خلال الشهور الماضية. وفي الأيام التي سبقت انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في بروكسل، دأبت وسائل الإعلام الغربية على إطلاق أوصاف على الحكومتين منها على سبيل المثال أنهما"معزولتان" و"تمارسان البلطجة"، أما وسائل الإعلام الألمانية فقد تناولت موضوع تقديم الاقتراح والموافقة عليه على أنه يمثل تحدياً كبيراً لميركل يمكن أن ينتهي على نحو محرج بالنسبة لها. ولكن عندما انتهت القمة ذلك اليوم، بموافقة المشاركين على تعديل معاهدة لشبونة"، التي صيغت من جديد مؤخراً، والتي استغرق الأمر ثماني سنوات لتمريرها، قال المحللون إن الضغط الدبلوماسي، والحجة التي قدمها التحالف الفرنسي - الألماني كانا فاعلين على ما يبدو في فرض ذلك التغيير على تلك الاتفاقية، والذي كان يبدو مستحيلاً الشهر الماضي فقط. ومن المتوقع إعلان التفاصيل الدقيقة للتغييرات، التي ووفق على إدخالها على الاتفاقية فـي شهـر ديسمبر مـن خـلال تقرير يقدمه رئيس الاتحاد الأوروبي"هرمان فان رومبي". والشيء الذي لم يتمكن الألمان والفرنسيون من تحقيقه هو فرض اتخاذ إجراءات عقابية -مثل فقدان حق التصويت- على البلدان التي تتضخم عجوزاتها على نحو خطِر كما حدث بالنسبة لليونان. ومعاهدة لشبونة التي بدأ سريانها عام 2009، تحدد الطريقة التي يعمل بها الاتحاد الأوروبي بما في ذلك كيفية ممارسة أعضائه لمسؤولياته المناطة بهم، والوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم، وهي تلك المسؤوليات والالتزامات التي تعرضت لاختبار عسير في وقت سابق من العام الحالي. وقد قدمت ميركل التغييرات الموافق عليها، باعتبارها تغييرات معقولة وضرورية وسوف تؤدي لخلق الاستقرار، وأنها ستكون في صالح أوروبا بشكل عام. وقالت ميركل في تصريح لها أمام الصحفيين اليوم" إننا نفعل كل ما في وسعنا لضمان عدم تكرار الأزمة التي عانينا منها في الشهور الأخيرة... واعتقد أنه من الضروري بمكان العمل على خلق ثقافة استقرار في القارة، تساهم في تحقيق المزيد من التلاحم داخل الاتحاد الأوروبي... صحيح أن أوروبا تجعلنا أقوياء، ولكنها بحاجة بالتأكيد إلى قواعد وأنظمة لتنظيم العمل". والنسخة "المخففة" من المعاهدة التي ووفق عليها، قد لا تتطلب ذلك النوع من "الاستفتاءات العسيرة"، التي يتم فيها تمزيق ملابس الأطراف المتنازعة"مثل الاستفتاء الذي جرى في أيرلندا العام الماضي من أجل التصديق على تلك المعاهدة، كما يقول رئيس الوزراء الأيرلندي. والتعديلات التي جرى إدخالها على المعاهدة كانت في غاية الدقة والتفصيل بحيث لا تترك إمكانية لإضافة المزيد من التغييرات، أو القيام بمزيد من المبادرات بشأنها، وهو ما يؤدي بدوره لتبديد الهموم، التي يشعر بها بعض القادة الأوروبيين مثل رئيس الوزراء المجري"فكيتور أوربان" على سبيل المثال، والذي نسب إليه هذا الأسبوع القول"إن فتح معاهدة قد يكون أمراً يسيراً ولكن إغلاقها بالتأكيد أمر في غاية الصعوبة". وقال محللون في نهاية قمة الاتحاد الأوروبي، التي استغرقت يومين، إن من بين الحجج الأكثر إقناعاً التي قدمتها ألمانيا وفرنسا خلال التجاذب السياسي المتبادل والمكثف الذي تم هي أن صندوق إنقاذ اليونان الحالي الذي تم تخصيصه في مايو عندما كان سعر "اليورو" يهبط بشكل حثيث سوف ينتهي العمل به في عام 2013، وهو ما يجب الاستعداد له منذ الآن ويستلزم بالتالي إدخال تعديلات على المعاهدة. في الداخل تواجه ميركل قاعدة انتخابية متشككة، شعرت بالغضب بسبب قيام ألمانيا بدفع ديون دول أخرى تقف على حافة الإفلاس. وقد أبرزت وسائل الإعلام الألمانية المختلفة مبادرة ميركل بهذا الخصوص باعتبارها شيئآً لم يكن لها شخصيا فضل في الدفع إليه، سواء لأسباب سياسية أو لأسباب دستورية خاصة بألمانيا. في الوقت نفسه، كانت هناك أيضاً مشاعر استياء واضحة في عدد من العواصم الأوروبية حول عدم قيام الحكومة الألمانية بالتشاور على نطاق واسع مع شركائها الأوروبيين. ولكن رد فعل المستشارة على ذلك هو التأكيد أن حساسية الناخبين الألمان يجب أن تكون هي المعيار، الذي يؤخذ في الاعتبارات عند اتخاذ القرارات من قبل الحكومة. ويُشار إلى أن ألمانيا، وهي الدولة الأكبر وصاحبة الاقتصاد الأقوى في منطقة "اليورو"، قد شهدت هبوطاً كبيراً في نسبة البطالة التي وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال الثمانية عشر عاماً الأخيرة، وهو ما سيعني بالتالي أن نفوذ ميركل سوف يتزايد. وكتبت "الإيكونوموست" البريطانية مقالًا جاء فيه: "سواء كان ذلك لأسباب سياسية أو قانونية، فإن ميركل تريد تغيير المعاهدة... وما يحدث في أوروبا اليوم هو أن ما تريد المستشارة الألمانية أن تحصل عليه في الأغلب الأعم من الحالات. روبرت ماركواند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©