الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفطار في طوكيو

9 أغسطس 2011 22:21
مغامراتي مع الصوم في الصيف تعيدني إلى زمن بعيد، لدرجة أن الصور قد تبدو بالأبيض والأسود، أو أنها صور غير واضحة، لكنني أذكر جيداً مثلاً أنني صمت أياماً من رمضان فائت في أوروبا، حيث يكون النهار طويلاً جداً فتمل من انتظار موعد الإفطار، وتجوع حتى تراودك نفسك على كسر صومك إلا أن الله يصبرك وتكمل صومك من دون نصب ولا تعب.. غير أن ذلك لا يزال هيناً ولا يذكر أمام صبر المسلمين الصائمين القاطنين في البلاد الإسكندنافية وما فوقها شمالاً، فمشكلتهم في طول النهار وقصر الليل، وقد يستمر النهار هناك نحو اثنين وعشرين ساعة بينما يُكتفى بالساعتين المتبقيتين من اليوم حتى تظلم الدنيا ويحل الليل، وأما في شتاء تلك الأصقاع، فتنعكس الآية، فيطول الليل ليصل إلى اثنين وعشرين ساعة ويقصر النهار ساعتين فقط، وهذا يجعلها أنسب مكان للصوم.. ولم يصادفني رمضان في تلك البقاع غير أنني صمت مرة في اليابان وكانت الشمس تغرب قبل الخامسة عصراً وتشرق في الثامنة صباحاً .. ولعلي لم أكن أرى الشمس أصلاً بسبب اختفائها خلف الغيوم طوال اليوم، وكان الصوم بها مناسباً والجو بارداً، والسماء تمطر يومياً، غير أنني كنت أنهي أعمالي قبل موعد الإفطار بنصف ساعة وأتوجه بعدها إلى مدينة مجاورة في رحلة قد تستغرق ساعتين بالقطار، أتنقل فيها في أكثر من محطة ثم أسير على الأقدام حتى أصل إلى مطعم هندي عماله من المسلمين الباكستانيين لتناول الإفطار، غير أنها رحلة تستحق المشقة، فلم أكن أطيق الطعام الياباني، ويستحيل أن أتناول إفطاري على طبق شوسي مثلاً، فضلاً عن أن الطعام الياباني عموماً لا يصلح للمسلمين، لأن معظم المطابخ يديرها وثنيون لا يدينون بديانة سماوية، لكن من حسن الطالع أن تكون هناك جاليات من المسلمين يسهل أن تجد أحداً منهم ويكفي أن تكون مسلماً لتقدم نفسك لديهم بحثاً عن مكان للصلاة أو مكان يقدم طعاماً حلالاً كهذا المطعم الهندي، وكان من بين من صادفتهم شاب سوداني يكمل دراسته العليا ويعمل مدرساً للغة العربية في جامعة طوكيو، كان هو من دلني على هذا المطعم الذي صرت زبوناً دائماً لديه لبقية الشهر الفضيل.. على أي حال ها نحن صامدون في شهر رمضان لهذا العام من دون سفر أو ترحال، وربما تكون تجربة هذا القيظ وهذا النهار الطويل تجربة تستحق لما لها من أجر وثواب الله وحده أعلم به، غير أنه فرصة أيضاً للعودة إلى التراث والتقاليد، خصوصاً أننا في موسم الرطب الشهي، والهريس والثريد.. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©