مسيحيون في العراق يستعدون للهجرة

بدأت العديد من العوائل المسيحية داخل العاصمة العراقية بغداد وفي محافظات عراقية اخرى كالموصل والبصرة وكركوك الاتصال بأقاربها في دول أخرى، من اجل ترتيب إقامات لها فيها بعد إعلان تنظيم “القاعدة” استباحة دماء المسيحيين في العراق. فقد أبلغ قائم مقام قضاء تلكيف شمالي العراق باسم بلو “الاتحاد” في بغداد أن العديد من العوائل المسيحية بدأت التفكير في الهجرة من العراق، بعد مجزرة كنيسة “سيدة النجاة” في بغداد يوم الأحد الماضي. وأكدت مسيحية عرفت نفسها باسم “أم مريم” في قرية برطلة ذات الكثافة المسيحية شمال الموصل أن عائلتها اتصلت بأقاربها في كندا، وستشد الرحال إليهم قريبا لأن الأوضاع لم تعد آمنة بالنسبة لغالبية المسيحيين في العراق، وهاجر العديد من المسيحيين من العراق بعد ماتعرضوا له من تضييق على الحريات وقتل وملاحقات واختطاف على أيدي مسلحي تنظيم “القاعدة” والتنظيمات التابعة له خلال السنوات الثلاث الماضية. وأبلغ رئيس “منظمة حمو رابي لحقوق الإنسان” وليم وردا “الاتحاد” أن عودة مسيحيين من الخارج لم تكن سوى عودة طفيفة لبعض أصحاب الكفاءات خاصة أساتذة جامعات ومهندسين ارتبطوا بعقود عمل في جامعات عراقية ومشاريع إعادة إعمار، وأغلبهم في اقليم كردستان شمالي العراق. أما بشأن عودة المهجرين داخل العراق إلى ديارهم، فقد سجلت المنظمة عودة اكثر من 800 عائلة من مهجري الموصل الى بيوتهم، ولكن تصاعد حالات قتل الشباب والاعتداء على الكنائس وتفجيرها في الموصل، خاصة في شهر ديسمبر الماضي ينذر بهجرة جديدة للمسيحيين مرة أخرى. وعلى الصعيد نفسه، اكد نائب رئيس”مجلس الاقليات العراقية” لويس اقليموس أحد الرهائن الناجين من مجزرة “سيدة النجاة” أن العديد من المسيحيين الذين التقاهم بعد ذلك يفكرون في مغادرة العراق، لكنه يحثهم على البقاء وعدم اعطاء فرصة للارهاب كي يحقق اغراضه، وشدد على ان الحكومة العراقية يقع عليها العبء الاكبر في حماية ارواح الابرياء من مسيحيين وغيرهم من الاقليات التي تهددها الجماعات المتطرفة. ودعا العراقيين مسيحيين ومسلمين إلى “التكاتف في الوقوف بوجه مثل هذه العمليات التي تستهدف السلام والامن في كل دول العالم”. من جانب آخر، دعا عدد من الناشطين في مجال الدفاع عن الحريات العامة في بغداد إلى عقد مؤتمر إقليمي لحماية المسيحيين في دول الشرق الأوسط وعلى رأسها العراق، من خطر التهديدات التي تطالهم في بلادهم ومحاولات إفراغ المنطقة من وجودهم. وقال الناشط هادي جلو مرعي “إن العمليات الإرهابية التي ضربت التجمعات المسيحية في العراق خلال المدة الماضية والتهديدات الموجهة للكنائس القبطية في مصر واحتمالات انتقالها إلى بلدان تشهد حضورا مسيحيا كسوريا ولبنان والأردن، تدفع إلى ضرورة الدعوة الجادة إلى عقد مؤتمر موسع تحضره قيادات سياسية ودينية وأكاديمية ومنظمات مجتمع مدني في بلدان الشرق الأوسط، لبحث وقف التدهور الحاصل في ملف حماية الأقليات الدينية والعرقية”. وأضاف “الخطر الذي يستهدف المسيحيين يؤشر إلى احتمال إفراغ المنطقة من وجود استمر لآلاف من السنين وساهم في بناء حضارة وثقافة ومعارف المنطقة”، وتابع “هذه المخاطر لا يمكن للمسيحيين تحملها وحدهم ما لم تتضافر الجهود الدينية والسياسية والاجتماعية لتبيان مخاطر انهاء الوجود المسيحي في الشرق الاوسط”. وطالب مرعي “المرجعيات الدينية الفاعلة في البلاد العربية والإسلامية” بالانتقال من حال الإدانة والاستنكار إلى إصدار “فتاوى ملزمة للمسلمين” باحترام الأقليات الدينية والعرقية الموجودة في تلك البلاد في مؤتمر إقليمي.