الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شغب لندن... أصداء اقتصادية واجتماعية

شغب لندن... أصداء اقتصادية واجتماعية
9 أغسطس 2011 23:40
طرحت موجة من أعمال الشغب والنهب في لندن، فجرها قتل عضو عصابة مفترض، اختباراً لقدرة بريطانيا على حفظ الأمن على بعد 12 شهراً من الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة البريطانية العام المقبل. كما أثارت أسئلة بشأن التأثيرات الاجتماعية للمخطط التقشفي لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، والذي يمتد على فترة خمس سنوات ويقضي بتقليص الإنفاق الحكومي بشكل دراماتيكي – مخطط يرمي إلى تقوية الاقتصاد البريطاني وسط أزمة اقتصادية أوروبية. ويوم الاثنين عاد النظام والهدوء إلى مناطق من لندن عقب بعض من أسوأ الاضطرابات في العاصمة منذ أزيد على 25 عاماً، والتي بدأت ليلة الخميس الماضي بعد أن أطلقت الشرطة النار على رجل وأردته قتيلاً في "توتنهام"، التي تتميز بتنوعها العرقي. ذلك أن منطقة شمال لندن الفقيرة كانت مسرحاً لأعمال شغب عرقية في 1985 قُتل فيها الشرطي "كيث بليكلوك" على أيدي الغوغاء. أعمال الشغب والنهب، التي تقول الشرطة إن بعضها كان مجرد إجرام، انتشرت وامتدت إلى ضواحٍ أخرى من لندن خلال عطلة نهاية الأسبوع. ورداً على ذلك، قام مسؤولو شرطة لندن بمضاعفة عدد أفراد الشرطة في الميدان بثلاث مرات من السبت إلى ليلة الأحد، وقال نائب مساعد قائد شرطة لندن "ستيفان كافاناج" إن مساء يوم الاثنين شهد تعزيزاً لقوات الشرطة على الميدان بالثلث. وفي وقت تكافح فيه الشرطة لاحتواء أعمال العنف، تعرضت حكومة "المحافظين" في بريطانيا لسيل من الانتقادات بدعوى أنها تركت البلاد عرضة لمثل هذا العنف أصلاً. وفي هذا السياق، قال عمدة لندن السابق "كين ليفينجستون"، الذي أنحى باللوم على التدابير التقشفية التي اتخذتها الحكومة: "إن الركود الاقتصادي وتقليص الميزانيات الذي تفرضه حكومة المحافظين يؤديان إلى انقسام اجتماعي"، مضيفاً "ومثلما حدث عندما فرضت "مارجريت تاتشر" مثل هذه السياسيات خلال فترات الركود أثناء ولايتها، فإن هذا يخلق خطر فقدان الناس للسيطرة، وتصرفهم على نحو غير مقبول تماماً يهدد الجميع، ويفضي في الأخير إلى أحداث من النوع الذي شاهدناه في توتنهام". وقال أيضاً: "إن المحافظين سيصدرون بيانات متوقعة تطالب بدعم الشرطة ولكنهم في الحقيقة يضعفون الشرطة"، مضيفاً "وذلك يمثل نفاقاً واضحاً". غير أن "توني ترافرز"، الخبير في الحكامة المحلية بكلية "لندن سكول أوف إيكونوميكس"، قلل من شأن التخفيضات في ميزانية الشرطة أو الاستقالات الأخيرة على رأس شرطة لندن- ومن ذلك استقالة قائد الشرطة السير "بول ستيفانسون" في أعقاب فضيحة التنصت التي تورطت فيه صحيفة روبرت مردوخ – كعوامل ساهمت في الاضطرابات إذ قال: "مازال ثمة ضباط ومسؤولون يتمتعون بقدرات كبيرة في شرطة لندن وهم قادرون تماماً على التعاطي مع اضطرابات مثل تلك التي وقعت خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولكن في هذه الحالة لم تكن المعلومات الاستخباراتية ربما على النحو الذي ينبغي أن تكون عليه". وقال أيضاً: "مما لا شك فيه أن الضباط الكبار سيفكرون في الألعاب الأولمبية التي ستبدأ بعد اثني عشر شهراً ويتساءلون كيف سيتصرفون في حال وقوع أحداث مماثلة ثم عندما يتعاملون مع الأمن والإشراف على الزوار من مختلف بقاع العالم. أعتقد أن ذلك سيمثل مبعث قلق كبير في الوقت الراهن". ويذكر هنا أن عمدة لندن "بوريس جونسون"، و"ديفيد كاميرون"، ووزيرة داخليته "تريسا ماي"، وقائدة شرطة توتنهام "ساندرا لوبي" كانوا جميعاً في عطلة عندما اندلعت أعمال الشغب. وقد قطعت "ماي" إجازتها يوم الاثنين الماضي للعودة إلى لندن والتعاطي مع الأزمة. ويُقال إن "جونسون" و"لوبي" أيضاً في طريق عودتهما إلى لندن. التقارير الأولى لليلة الخميس قالت إن رجلاً من "توتنهام" يدعى "مارك دوجان" كان مسلحاً وأطلق النار على أفراد الشرطة عندما واجهوه بالقرب من مكان سكناه. غير أن أفراد عائلته وأصدقاءه يطعنون في ذلك، ويقولون إنه لم يكن عضو عصابة ولا مسلحاً، ودعوا سكان المنطقة إلى الاحتجاج أمام مقر شرطة "توتنهام" مساء السبت، مطالبين بأجوبة. ولكن بعد أن فشلت وقفتهم في الحصول على جواب في الداخل، تعكرت الأمزجة. ثم وصلت مجموعات من الشبان، وبعضهم مازالوا مراهقين، ليعززوا أعداد المحتجين. وثمة عناصر من العصابات المحلية في منطقة "إيسلينجتون"، وحدوا صفوفهم لمهاجمة خطوط الشرطة، مستعملين وسائل الاتصال الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر. وليلة الأحد الماضي كانـت "توتنهام" هادئة تحت انتشار مكثف للشرطة، ولكن كان ثمة اندلاع لأعمال العنف في مناطق أخرى مثل "إينفيلد" و"بريكستون" و"فولهام" و"دالستون"، تميزت برمي الحجارة وأعمال نهب قالت الشرطة إنها محض إجرام. وليلة الاثنين أُعلن عن اندلاع أعمال شغب في منطقتي "هاكني" و"لويشام" حيث تم توقيف 215 شخصاً، ووجهت لـ25 منهم تهم منذ يوم السبت الماضي في وقت أصبحت أعمال العنف متفرقة، ولكن عدد أفراد الشرطة على الميدان ارتفع. وفي هذا الإطار، يقول ترافرز: "إن أفراد الشرطة كثيراً ما يجدون أنفسهم في وضع صعب: ذلك أنهم إذا تجمعوا وتركزوا في منطقة من أجل تفادي المشاكل يُتهمون بالمبالغة في رد الفعل، وإذا تحلوا بضبط النفس، يتُهمون بالتقصير". ورغم القلق بشأن أعمال الشغب والانتقادات بشأن الطريقة التي أدارت بها الشرطة الوضع، فإن "ترافرز" يرفض تشبيه ما يجري اليوم بأعمال الشغب التي اندلعت في 1985، والتي امتدت إلى مدن أخرى مثل "بريستول" و"ليفربول" و"برمنجهام"، إذ يقول: "لقد كان وضعاً مختلفاً كلياً وقتئذ حيث كان يسود استياء عميق في أجزاء من الأقليات الإثنية تجاه الشرطة، ولكن منذ ذلك الوقت بات هناك قدر أكبر من الحوار بين الأهالي والشرطة، وقدر أكبر من الإنفاق في تلك المناطق على السكن والمرافق الاجتماعية". إيان إيفانز - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©