الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاكمة «تيموشينكو»... أزمة سياسية في أوكرانيا

9 أغسطس 2011 23:42
في الوقت الراهن تكافح "يوليا تيموشينكو" البطلة نارية الطبع لثورة أوكرانيا "البرتقالية" من أجل إنقاذ حياتها السياسية من اتهامات وجهت لها بالفساد واستغلال النفوذ عندما كانت رئيسة وزراء لبلادها عام 2009. وقد بدأت محاكمة "تيموشينكو" في أواخر يونيو الماضي، لكن ما حدث يوم الجمعة الماضي هو أن قاضي المحكمة الذي ضاق ذرعاً بسلوكها المتحدي خلال الجلسات قرر حبسها بتهمة "احتقار هيئة المحكمة". وعندما قام محاموها بتقديم التماس للإفراج عنها من السجن رفض القاضي هذا الطلب. أما الرئيس الأوكراني الحالي "فيكتور يانكوفيتش"، الذي فاز على "تيموشينكو" في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بفارق ضئيل، والذي ربما يكون قد نظر إلى محاكمة رئيسة الوزراء السابقة على أنها تمثل وسيلة للتخلص من منافسة دائمة، فمن الواضح أنه قد أخطأ الحساب. فالمحاكمة المذكورة دفعت أنصار "تيموشينكو" للتكتل من أجل الدفاع عنها، كما أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن بالغ قلقهما بشأن المحاكمة، التي اعتبرا أن دوافعها سياسية، كما أعربت روسيا عن غضبها من أن الرئيس "يانكوفيتش" قد جعل النقطة المركزية في تلك المحاكمة صفقة الغاز التي كانت "تيموشينكو"، قد وقعت عليها مع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين. "قرار يانكوفيتش بتقديم تيموشينكو للمحاكمة يبدو قراراً في غاية الحمق" كان هذا ما قاله "سيرجي ستروكان"، كاتب عمود السياسة الخارجية في صحيفة "كوميرسانت" اليومية الروسية. ويوضح "ستروكان" ما يعنيه بقوله:"من خلال وضع منافسة مهزومة في قفص الاتهام، يكون يانكوفيتش قد منح تيموشنكو عمراً سياسياً جديداً". ويضيف "ستروكان":"ومن خلال توريط كبار القادة الروس بشكل غير مباشر في القضية، وخصوصاً فلاديمير بوتين فإن يانكوفيتش أثار غضب الكرملين إلى أقصى حد". ويواصل "فصفقة الغاز تلك كانت من بنات أفكار بوتين، ووضعها موضع المساءلة يضع مكانته الشخصية (مكانة بوتين) ومصداقيته على المحك". وعقب الإفراج عنها يوم الجمعة الماضي كتبت تيموشينكو بياناً متحدياً على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت أصرت فيه على أنها قد وُضعت في السجن لدوافع سياسية. وكان من ضمن ما كتبته تيموشينكو أيضاً" لقد اخترت طريقي بنفسي. والهدف الذي أتوخاه في حياتي هو حماية أوكرانيا والعمل على جعلها دولة أوروبية جميلة. وعلى الرغم من علمي بأن هذا يمثل اختبارًا صعباً، فإنني لن أتخلى أبداً عن سعيي من أجل المستقبل الأوروبي لأوكرانيا". عقب انتخابه رئيساً العام الماضي، تعهد "يانكوفيتش" بمراجعة شروط اتفاقية الغاز التي عقدتها "تيموشينكو" مع روسيا، والتي أنهت بموجبها نزاعاً طويلاً بين أوكرانيا وروسيا على امدادات الغاز، وحظيت وقتها بثناء كبير من الدول الأوروبية التي كانت إمدادات الغاز الروسية إليها قد تأثرت بسبب ذلك النزاع. وفي سبيل ذلك قدم الرئيس الأوكراني تنازلات مهمة لموسكو، تضمنت التخلي عن محاولة بلاده للتقدم بطلب لعضوية "الناتو"، وتجديد عقد إيجار القاعدة الروسية في ميناء"سيفاستوبول في منطقة القرم والذي يعتبر ميناء أوكرانيا الرئيسي على البحر الأسود، وذلك لفترة تمتد خمسة وعشرين عاماً. وقد منح ميدفيديف أوكرانيا خصماً مقداره 30 في المئة على سعر بيع الغاز مقابل موافقتها على تمديد فترة استئجار القاعدة البحرية في ميناء سيفاستوبول، ولكنه رفض مع ذلك إعادة مناقشة الشروط الأساسية التي بموجبها تبيع روسيا الغاز لأوكرانيا. في فترة أقرب، ضغطت روسيا على أوكرانيا من أجل الانضمام لمنطقة اقتصادية تهيمن عليها موسكو وإدماج عدد من الصناعات الأوكرانية مع نظيراتها الروسية، ولكن يانكوفيتش الذي يأمل في توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، تخوف من قبول تلك المبادرات. يقول " أوليكسي كولومايتس"، رئيس المركز الأوروبي المستقل للدراسات الأوروبية وعبر الأطلسية في كييف:"من بين الأسباب التي دفعت يانكوفيتش لتقديم تيموشينكو للمحاكمة هو أنه كان يأمل في إجبار روسيا على التفاوض مجدداً على صفقة الغاز المذكورة". ويوضح ما يقصده بقوله" فلو أن المحكمة أصدرت حكماً بالإدانة على "تيموشينكو" لدورها في التوقيع على تلك الصفقة، فإن ذلك يعني أن الصفقة باتت غير شرعية وهو ما سيضطر موسكو وقتها للعودة إلى طاولة المفاوضات مجدداً". لكن ذلك لم يتحقق. فما حدث هو أن وزير الخارجية الروسي أدلى بتصريح قاطع قال فيه" إن جميع اتفاقيات الغاز التي وقعت مع أوكرانيا عام 2009 تمت بمراعاة القواعد والتشريعات الدولية والقوانين المحلية المعمول بها في البلدين والطرفين الموقعين عليها وهما فلاديمير بوتين من الجانب الروسي ويوليا تيموشينكو من الجانب الأوكراني وقعا على الصفقة المذكورة بموجب تعليمات صريحة من رئيسي البلدين". وقد دعا الرئيس الروسي نظيره الأوكراني لزيارة مدينة "سوتشي" المطلة على البحر الأسود يوم الخميس الماضي لإجراء محادثات، ومن المرجح لحد كبير أن يقوم الرئيس الروسي خلال تلك المحادثات بالتعبير عن غضبه بشأن تقديم "تيموشينكو" للمحاكمة. يقول"كولومايتس":" هذا تطور مفاجئ، ولكن الرسالة الواضحة التي يريد الكريملن توصيلها لأوكرانيا اليوم هي أن ارفعوا أيديكم عن تيموشينكو!" ويضيف" في الوقت نفسه إن جهود يانكوفيتش لتحسين علاقاته مع الغرب تواجه اليوم مخاطر جمة وهو يبدو اليوم معزولاً في وطنه لحد كبير". ويواصل": على ما يبدو أن يانكوفيتش قد ظن أنه بمقدوره الإطاحة بتيموشينكو من المشهد السياسي بسهولة تمهيداً لتغيير اتفاقية الغاز مع روسيا بعد ذلك، ولكن الموقف يخرج عن نطاق سيطرته على نحو متسارع، بحيث يمكن القول إن الأمر قد تحول إلى أزمة سياسية حقيقية بالنسبة له". فريد وير- موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©