الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجوار اللاتيني» متضرر من تباطؤ الاقتصاد الأميركي

9 أغسطس 2011 23:42
إذا كان الكثير قد كتب حول حقيقة أن اقتصادات أميركا اللاتينية سريعة النمو محصنة عموماً ضد تداعيات متاعب مالية في الولايات المتحدة، فإن اتفاق أوباما مع الكونجرس على تجنيب الولايات المتحدة تخلفاً عن تسديد دينها ستكون له تأثيرات عبر المنطقة. صحيح أن العواقب كانت ستكون أسوأ بكثير في حال فشلت الحكومة الأميركية في التوصل إلى اتفاق (حتى وإن كان اتفاقاً سيئاً على غرار ذاك الذي توصلت إليه)؛ إلا أن الاتفاق بشأن الدين الأميركي، الذي من المرتقب أن يخفض عجز الميزانية الأميركية بـ2.1 تريليون دولار على الأقل خلال العشر سنوات المقبلة ويسمح للجنة من 12 عضواً باتخاذ قرار بشأن تدابير إضافية لتقليص العجز بحلول الثالث والعشرين من نوفمبر المقبل، يرجح أن يبطئ الانتعاش الاقتصادي الأميركي المتواضع أصلا، ويؤثر على كل البلدان في المنطقة إلى حد ما. وفي هذا السياق، أخبرني "أوزفالدو كاسيف"، رئيس اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة لأميركا اللاتينية والكاريبي، والتي تتخذ من العاصمة الشيلية "سانتياجو" مقراً لها، بأن الاتفاق بشأن الدين الأميركي سيضر بأميركا اللاتينية على المدى القصير، لأن التباطؤ الاقتصادي الأميركي المتوقع سيقلص الواردات الأميركية وسيقلص تدفق السياح الأميركيين على المنطقة. ويقول كاسيف: "إن التأثير الفوري سيتم الشعور به في البلدان التي تربطها علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة مثل المكسيك وأميركا الوسطى"، مضيفاً "كما ستتأثر أيضاً بلدان الكاريبي التي تعتمد كثيراً على السياح الأميركيين". مصدرو السلع في أميركا اللاتينية، مثل فنزويلا والإكوادور الغنيتان بالنفط، ومصدرو المعادن مثل تشيلي وبيرو، والمصدرون الزراعيون مثل البرازيل والأرجنتين، سيتضررون بشكل غير مباشر. كما سيؤثر التباطؤ الاقتصادي الأميركي المتوقع على الصين التي تعد أكبر مشتر لسلعهم، كما يقول. ويوافق "إدواردو برونشتاين"، المحلل الاقتصادي المتخصص في أميركا الجنوبية ببنك التنمية في الأميركتين الذي يوجد في واشنطن، على أن تباطؤاً اقتصادياً أميركياً سيضر بأميركا اللاتينية، ولكنه لفت إلى أن ذلك يفترض ألا يشكل منحى خطيراً يبعث على القلق إذ قال: "إن اقتصادات أميركا اللاتينية ستنمو بوتيرة أبطأ ولكنها لن تكون كارثية"، مضيفاً "إنه سيكون تأثيراً متفاوتاً على اعتبار أنه سيؤثر على المكسيك وأميركا الوسطى أكثر من أميركا الجنوبية". هذا ويخشى اقتصاديون آخرون أن يعمد "صقور" تقليص الميزانية في الكونجرس الأميركي إلى وضع أيديهم عاجلاً أو آجلاً على المساعدات الخارجية الأميركية، وهو ما سيضر ببلدان أميركا الوسطى والكاريبي الصغيرة التي تعتمد على المساعدات الأميركية. ومن بين الاقتصاديين الأكثر تفاؤلاً الذين تحدثت معهم هناك "ألبيرتو برنال" من مؤسسة "بولتيك" المالية، والذي يقول إن تباطؤاً في الانتعاش الاقتصادي الأميركي لن يؤثر على مصدري السلع في أميركا الجنوبية، طالما أن الأمر لم يتعد ذلك، أي أن يظل مجرد تباطؤ ولا يتطور إلى ركود أميركي جديد. وفي هذا السياق، يقول "برنال”: "إذا انخفض النمو الأميركي من 2.5 في المئة إلى 1.7 في المئة هذا العام مثلما نتوقع، فإنه سيكون له تأثير طفيف على النمو الاقتصادي لأميركا اللاتينية باستثناء المكسيك"، مضيفاً"ولكن إذا كان ثمة ركود أميركي، فإن القصة ستكون مختلفة في تلك الحالة". قبل الاتفاق حول الدين الأميركي هذا الأسبوع، كان معظم الاقتصاديين يتوقعون معدل نمو اقتصاد يبلغ 4.5 في المئة لأميركا اللاتينية هذا العام - 7 في المئة كنمو بالنسبة للأرجنتين والأوروجواي، و6.7 في المئة بالنسبة لتشلي وبيرو، و6 في المئة بالنسبة لكولومبيا، و4.5 في المئة بالنسبة للبرازيل والمكسيك، و1 في المئة بالنسبة لفنزويلا. والواقع أنني متفائل على نحو معقول بشأن آفاق الولايات المتحدة على المدى المتوسط. ذلك أنه خلافاً لما هو عليه الحال في أوروبا، فهناك نوع من الإجماع الاجتماعي في أميركا على أن البلد في حاجة إلى شد الحزام وتقليص الإنفاق. وإذا كان الناس في عدد من البلدان الأوروبية يخرجون إلى الشوارع من أجل الاحتجاج على التخفيضات في الميزانية، فإن أشرس المحتجين في الولايات المتحدة هم أولئك الذين يرغبون في تخفيضات أكبر في الميزانية. ثم بالمقارنة مع الصين، هناك شفافية نسبية ستبقي على الدولار باعتباره العملة العالمية التي يلجأ إليها في الأخير خلال المستقبل المنظور. وآمل أن يكون الاقتصاديون على حق عندما يقولون إن ثمة احتمال 70 في المئة أن يكون التباطؤ الاقتصادي الأميركي مجرد تباطؤ، وليس ركوداً جديداً. غير أنه على المدى القصير، أخشى أن يُضعف الاتفاقُ حول الدين الأميركي، إضافة إلى الفوضى المالية في أوروبا، الانتعاشَ الاقتصادي الأميركي. كما أنه بسبب ضغط أصوليي "حركة الشاي"، فإن اتفاق الميزانية الأميركية يعتمد خفضاً كبيراً في وقت قصير بدلًا من تمديد الألم على فترة أطول. والأكيد أنه إذا لم يفز أوباما بالجولة المقبلة ولم يحصل على بعض الزيادات في الضرائب التي يمكن أن تحافظ على الانتعاش، فإنه سيضر بالانتعاش الاقتصادي الأميركي، ومعه أميركا اللاتينية. أندريه أوبنهايمر صحفي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©