الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار الناجح 1

6 نوفمبر 2010 20:21
الحوار وسيلة للتواصل بين الناس، وسيلة لنقل الأفكار والمعلومات وتقديم وعرض ما يكمن في نفوسنا، فهو وسيلة للتعبير عما نود قوله أو البوح به. الحوار عملية يتم فيها مناقشة الأمور والمشاكل والحلول والبدائل، ففيه يتم طرح وجهات النظر، وفهم رؤية الآخرين وآرائهم. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يتم الحوار؟ ولعل الكيفية العامة والشاملة لأسلوب الحوار ما قاله المولى عز وجل في محكم تنزيله في سورة النحل: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(125). وقد لخصت هذه الآية أهم العناصر الأساسية لفنون الحوار وهي: «الحكمة» و»الموعظة الحسنة» و»الجدال بأسلوب حسن». ومن تلك الأمور الثلاثة، يتبين لنا أول عنصر في فنون الحوار وهي «الحكمة»، فعلى المحاور أن يكون حكيماً واعياً فاهماً متفهماً ناضجاً مدركاً رزيناً، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «من تبصرَ في الفطنةِ تبيَّت له الحكمةُ». ومن الأمور المعروفة لدى الناس أن من الصعب حوار الجاهل، وقد قيل عن الإمام الشافعي: «ما جادلت جاهلاً إلا وغلبني». ويروى عن أحد الصحابة أنه: جاء إلى أصحابه وهو سعيد فقال لهم: «لقد جادلت اليوم جاهلاً فغلبته». لقد فرح بهذا النصر؛ لأن جدال الجاهل يعتبر من الأمور الصعبة، فهو يجادل من غير علم ولا دراية ويستخف بمن يحدثه ويحاوره، وقد قال (أورفيوس): «كلامُ الحكيمِ حماقةٌ في نظر المجنون». وهذا حال البعض عندما يستندون في حوارهم على ما سمعوا دون أن يتبينوا أو يتحققوا مما بلغهم من الكلام. كما أن عليه أن يتكلم بالموعظة الحسنة المفيدة النافعة التي تتقبلها النفس وليس بالشدة والقسوة والتجهم وتقليل من شأن الآخرين. فالوعظ لا يأتي من جاهل بل يأتي من حكيم وخبير وفاهم. ثم تأتي النقطة الثالثة وهي الجدال الجميل الذي يحمل الحب والود والرحمة وتمني ظهور الحق، فهو الجدال الذي لا يحمل النوايا السيئة، ولا يحمل التفكير بالفوز بالرأي الشخصي، فقد قال الإمام الشافعي: «ما جادلتُ أحداً إلا وتمنيت أن يكون على حق»، فهذا هو الجدال الجميل الإيجابي وليس الجدال الذي يتحول إلى ضياع للحقوق والتسفيه بآراء الآخرين والتقليل من شأنهم. فهذه مشكلة كبيرة إذا وجدت بين الزوج وزوجته، وبين الأب وابنه، وبين الموظف ومديره، وبين التاجر والعميل، وبين الغني والفقير وغيرهم. عزيزي القارئ لقد أدركنا من خبرتنا في الحياة أن كثيراً من المشاكل الأسرية والاجتماعية والوظيفية والتجارية وغيرها أحد أقوى مسبباتها سوء الحوار، وبالرغم من أنه أمر سهل يسير إلا أن هناك من يستصعبه. وللحديث صلة. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©