السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الروبتات» تهدد ملايين الموظفين بالطرد وتنجز مهمات فضائية

«الروبتات» تهدد ملايين الموظفين بالطرد وتنجز مهمات فضائية
6 نوفمبر 2010 20:32
صحيح أن ثورة المعلومات هيأت للبشر فرصاً نادرة للاتصال والحصول الفوري على المعلومات، وزادت من أوجه المتعة عن طريق المواقع المتخصصة بالترفيه على شبكة الإنترنت، إلا أن هذا التطور لا ينطوي على الفضائل والإيجابيات وحدها، بل كان مشوباً بالكثير من الظواهر السلبية. وربما كان من أسوأ هذه الظواهر على الإطلاق هي تلك التي سبق للكاتب جورج أورويل أن حذّر منها في رواية نشرها عام 1984 حين قال إن من شأن الإنترنت أن تخلق عالماً من الكوابيس بالنسبة لسكان الأرض لأنها تمكّن الحكومات الاستبدادية من التنصّت على نشاطاتهم الحياتية كلها. ولعل من سخرية الأقدار أن ثورة المعلومات أفرزت من أدوات وبرمجيات التجسس على الحسابات الشخصية للبريد الإلكتروني، أكثر بكثير مما توقعه أورويل. يتحدث الخبراء عن ظاهرة سلبية أخرى تنتظر البشر بسبب التطور السريع الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتي ينتظر أن تطرد ملايين الموظفين والعمال من بعض الوظائف التقليدية التي لن تكون لها ثمة فائدة في المستقبل. التغيّر الحاسم وسبق أن حدثت ظاهرة مشابهة في النصف الأول من القرن العشرين عندما بدأت الآلات تستبدل العمال في بعض القطاعات الإنتاجية، خاصة صناعة السيارات. ويحكى أن حواراً ساخناً دار ذات مرة بين هنري فورد صاحب مصانع السيارات الشهير، ووالتر رويثير رئيس اتحاد العمال خلال فترة الركود التي شهدها العالم عام 1929 حول حقوق العمال في شركة فورد. واصطحب فورد رويثير في جولة على خطوط الإنتاج الروبوتية الجديدة حتى يوحي له أنه بات في وضع أقوى بسبب تراجع حاجة مصانعه إلى العمال التقليديين، فقال لغريمه: “والآن، أين عمالك يا سيّد رويثر؟”، فأجابه رويثر بشيء من الثقة بالنفس: “بل أين زبائنك يا سيّد فورد”؟ وقد يلخّص هذا الحوار الحال الذي سيكون عليه الاقتصاد العالمي في المستقبل عندما ستصرف الروبوتات ملايين الموظفين من الأعمال ذات الصفة التكرارية، ووظائف صناعة الوساطة المالية والسمسرة وخدمات الخطوط الجوية والفنادق وغيرها. الموظفون الميكانيكيون يتحدث تقرير نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” مؤخراً عن “الروبوتات” فيشير إلى أن هؤلاء “الموظفين الآليين” يتميزون عن نظرائهم البشريين بأنهم لا يترددون عن تنفيذ الأوامر في الوقت المناسب وبالطريقة المثلى، ولا يتبرّمون من العمل 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع، ولا يطالبون بفترات استراحة، ولا بعلاوات زيادة ساعات الخدمة، ولا يحتاجون إلا إلى صيانة دورية بسيطة لضمان سلامتهم وحسن أدائهم. إلا أن لهذا التطور نتائجه المفجعة أيضاً. ويقول دافيد بورن رئيس قسم بحوث الروبوتات في معهد الروبوتات التابع لجامعة كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة: “لقد تسنّى لي أن أرى بعض العمال وهم يقومون بتعطيل الروبوتات بفعل مقصود لأنهم يخافون أن يخسروا وظائفهم بسببها”. وقد تبدو ظاهرة صرف الروبوتات للعمال من وظائفهم أكثر وضوحاً في مصانع السيارات بعد أن أثبتت هذه الآلات الذكية قدرة لا تجارى على زيادة الإنتاجية وخفض التكلفة. والآن، ظهرت أجيال جديدة من الروبوتات القادرة على التقاط بيض الدجاج من دون تكسيره. وعندما أدركت بلدان العالم الصناعية هذه المزايا الكامنة في الروبوتات، لم تتوانَ عن توظيف أكبر عدد منها. وأصبحت ألمانيا تتفوق على بريطانيا بخمس مرات في عدد الروبوتات التي توظفها في مصانعها. وكانت الروبوتات وراء زيادة قدرة مخابز “جينستيرز” في المملكة المتحدة على توسيع أعمالها ومضاعفة إنتاجها عدة مرّات من دون التخلي عن فريق العمال الموظفين فيها. وتبدو هذه واحدة من التجارب التي يحتذى بها طالما أنها لم تؤدِّ إلى الاستغناء عن العمال. وقد لا يبدو مثل هذا السلوك الأخلاقي ممكناً في الكثير من مواقع العمل والإنتاج الأخرى التي يجد فيها أرباب العمل أنفسهم مجبرين على تبنّي الخيارات المؤلمة. وتمتدّ ظاهرة الاعتماد على الروبوتات حتى إلى المهمات الفضائية. وتعتمد وكالة “ناسا” الآن على روبوت يدعى “روبونوت” يستبدل رواد الفضاء لإنجاز مهمات السباحية الفضائية ووضع الأقمار الاصطناعية على مداراتها الصحيحة وغير ذلك من المهمات التي كانت تكلف مبالغ طائلة عندما كان ينجزها روّاد الفضاء البشريون. ويرى بعض الخبراء في تشغيل الروبوتات أن من الضروري عدم التسرّع في تبنّي الميكنة الروبوتية في المصانع والاحتكام في هذا الصدد على دراسات متقنة للأسباب والنتائج المحتملة. ويدعو دافيد بورن الخبير في معهد الروبوتات التابع لجامعة كارنيجي ميلون إلى عدم الاستخفاف بخبرات العمال المهرة البشريين، ويقول إن من الأفضل أن يتم تدريبهم على تطوير عمل الروبوتات بالاستفادة من تلك الخبرات بدلاً من صرفهم من أعمالهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©