الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيارة أوباما للهند... التجارة قبل السياسة!

زيارة أوباما للهند... التجارة قبل السياسة!
6 نوفمبر 2010 21:39
بن آرنولد مومباي لا شك أن الهدف الأبرز من وراء زيارة أوباما أمس إلى الهند هو تعزيز علاقات بلاده الاقتصادية مع نيودلهي ذات النمو الاقتصادي المتسارع. وقد خاطب المئات من مديري العمل والاستثمار التنفيذيين من كل من الولايات المتحدة والهند أثناء مؤتمر قمة استثماري عقد يوم أمس السبت. ولكن على رغم الحماس الذي أبداه كبار المستثمرين من كلا البلدين تجاه هذه الزيارة، يبدي ملايين العمال الأميركيين والهنود قلقاً من تزايد احتمال فقدان لوظائفهم جراء عمليات الدمج وتخفيض التكلفة الإنتاجية من قبل الشركات متعددة الجنسيات. فمن جانب الأميركيين تشير الإحصاءات إلى أن قلق العمال من تهجير الاستثمارات والوظائف إلى دول أخرى بلغت نسبته 80 في المئة، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي الذي أجرته "وول ستريت جورنال" مؤخراً. وتشير هذه النسبة إلى تزايد مشاعر الإحباط في صفوف العمال من الارتفاع المطرد لمعدلات البطالة فيما بينهم. وفي شهر أغسطس الماضي رفعت الولايات المتحدة تكلفة إصدار تأشيرة دخول العاملين في مجالات التقانة المتقدمة، الذين ابتعث بعضهم إلى الولايات المتحدة من أجل المساعدة في تذليل عمليات تهجير الاستثمارات إلى خارج الحدود، أو بصفة مستشارين استأجرتهم الشركات الأميركية مؤقتاً. وفي الهند يزداد القلق من أن تسحق شركة "وول- مارت" العملاقة الطبقة الوسطى الهندية النامية. يذكر أن المسؤولين الأميركيين يبذلون ما بوسعهم لنفي الصورة النمطية السائدة عن الهند في أوساط العاملين الأميركيين باعتبارها دولة تنزع منهم وظائفهم وتحرمهم لقمة عيشهم وعيش أطفالهم. ويستند المسؤولون الأميركيون في محاولة نفيهم لهذه الصورة النمطية عن الهند، إلى دراسة أجراها "معهد الشؤون الدولية الأميركي- الهندي" ربطت نحو 96 ألف وظيفة أميركية جديدة بالصادرات الأميركية إلى الهند. وفي الوقت نفسه فإن التبادل التجاري الثنائي بين البلدين، الذي يتوقع لقيمة عائداته أن تصل إلى 50 مليار دولار خلال العام الحالي يبقى متوازناً إلى حد كبير. وفي الهند نجحت حركة شعبية واسعة في صد المنافذ أمام الشركات والاستثمارات الأجنبية منعاً لها من اقتحام قطاع تجارة التجزئة الهندي. صحيح أنه لا يزال في وسع شركات خاصة مثل "هارلي-ديفيدسون" و"هيولت- باكارد" فتح متاجر لها في جميع الولايات الهندية إن شاءت، في حين تمنع سلسلة شركات عملاقة مثل "وول-مارت" و"آيكيا" فتح محال تجارية لها في الهند حتى الآن. وعلى حد قول فينود شيتي -رئيس منظمة "إف دي آي"- وهي عبارة عن حملة شعبية واسعة تستهدف منع شركات التجزئة متعددة الماركات التجارية من اقتحام قطاع التجزئة الهندي -فإذا ما سمح لشركة "وول-مارت" بالدخول إلى قطاع التجزئة الهندي، وفيما لو حققت ذات معدل النمو الذي حققته في الولايات المتحدة، فسيكون بوسع المرء أن يلاحظ أثراً سلبيّاً على الهند، ينعكس على ما يزيد على 20 مليون نسمة على الأقل. ويستطرد "شيتي" قائلاً: "إن كثيراً جدّاً من أصحاب المتاجر الهندية الصغيرة، هم أولئك الذين ادخروا أموالهم واستثمروها في هذا النوع الصغير من الاستثمار كي يتمكنوا من إلحاق أبنائهم وبناتهم بالكليات الجامعية. بل إن هؤلاء التجار الصغار هم الذين مولوا النجاح الاقتصادي الكبير للهند". ويعرف عن الهند أن فيها 12 مليون متجر وأنها تمثل أعلى كثافة لتجارة التجزئة عالميّاً. ومعظم هذه المتاجر صغير الحجم ويزدحم بالبضائع المتكدسة فيه من الأرضية إلى السقف. وفي المقابل لا تنتشر ظاهرة السوبرماركت كثيراً في الهند. وتلي تجارة التجزئة القطاع الزراعي مباشرة من ناحية كونها أكبر مشغّل للعمالة الهندية. وفيما لو اقتحمت سلسلة أسواق "وول- مارت" السوق الهندية، فإن ذلك سيرغم المتاجر الصغيرة على إغلاق أبوابها، ما يعني انقطاع مصدر رزقها وتشريد أصحابها من عملهم وهم بالملايين، على حد قول "شيتي" رئيس المنظمة المذكور. ثم يبقى السؤال: هل أصبحت الهند جاهزة بالفعل لاستقبال الشركات الأميركية العملاقة؟ الإجابة هي أن قطاع التجزئة الهندي يتجه تدريجيّاً وببطء نحو التحول إلى المحال التجارية الكبيرة. ومع ذلك يحاجج "شيتي" بالقول إنه لا ينبغي تسريع هذه العملية بواسطة تدخل عدواني عنيف من قبل الشركات الأجنبية. وهو مع ذلك يعترف بأهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات التي لا يتمتع فيها الهنود بالدراية والتجربة الكافية. غير أن قطاع تجارة التجزئة لا يمكن أن يكون أحد هذه القطاعات بأي حال، لكونه فن الاستثمار الأساسي الذي يتقنه الهنود. ومن جانبه لا يشاطر "مجلس الاستثمار الأميركي- الهندي" -وهو الجهة المضيفة لقمة الاستثمار التي خاطبها أوباما يوم السبت- هذا الرأي. فخلافاً لما يقوله "شيتي"، يرى "المجلس" أن قطاع التجزئة الهندي بات ناضجاً ومستعداً لتطبيق سياسات التحرير التجاري، واستقبال أوسع مشاركة دولية ممكنة فيه. ومن شأن سياسة التحرير التجاري أن تكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على المجتمع الهندي، من ناحية خلق المزيد من فرص التوظيف، وعن طريق تحديث أساليب تجارة التجزئة التقليدية السائدة في الهند. ولسياسة التحرير التجاري فوائدها الكبيرة من ناحية مساعدتها في إدخال التكنولوجيا وتوظيفها في هذا القطاع التجاري الحيوي، فضلاً عن مساهمتها في تحديث إدارة خطوط الإمداد والتوزيع. وفي الاتجاه ذاته كانت وزارة التجارة الهندية قد أصدرت ورقة نقاش في شهر يوليو الماضي، أعلنت فيها استعداد الحكومة لفتح قطاع تجارة التجزئة أمام الشركات العالمية، مع الأخذ في الاعتبار بالمخاوف من أن يؤدي هذا الإجراء إلى خسارة ملايين الهنود لوظائفهم ومهنهم. كما أشارت الورقة إلى افتقار خطوط الإمداد للاستثمار والابتكار التجاري. وخلال السنوات الأخيرة الماضية، فتحت الحكومة الهندية جزئيّاً قطاع تجارة الجملة أمام الشركات العالمية. وقد تمكنت شركة "وول-مارت" من فتح محلين أو أكثر بقليل من محال تجارة الجملة. كما استثمرت جزئيّاً في خطوط الإمداد الخاصة بهذه المحال، بينما تأمل في فتح محال تجارة تجزئة لها في المستقبل. ولكن إلى متى تنتظر تحقق هذا الأمل؟ هذا ما لا يزال مجهولاً حتى الآن. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©