الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زمن فيكتور هوجو

7 أغسطس 2013 23:26
تبصر الحياة بعين ثاقبة للأدباء والكتاب والمفكرين العظام، مثلما كانت على موعد مع حياة الأديب الفرنسي الجميل فيكتور هيجو، وهو شاعر كان يتحدث بلغة المسرح ويفكر بعقل السياسي، وكان يخط التاريخ وهو روائي نحتت حروفه سماء الأجناس الأدبية المختلفة، مخاطبا فئات المجتمع بمختلف أنماطه وبرؤية الأبعاد الزمنية القادمة، وبثقافة تشكلت وتمددت بمجتمع كان يثور على كل الإرهاصات والقيم البالية. كانت ثقافة الوعي والإدراك هو ما اختزله ذلك الكاتب، وكان يعمل من خلال مبادئ أبرزت شخصيته كمبدع أمام كل ما حاك به عالمه من كتابات روائية كانت أم قصصية. حالة تعكس المحيط المضطرب في قاموس المدن الأوروبية المتربعة على عصر من الشتات وحياة ما بعد الثورة، تلك التي أفرزت الطبقات المجتمعية ومنها كان المنطلق نحو التجديد. دأب هوجو على البروز العالي رغم صغر سنه آنذاك، ورغم وجود شاعر آخر ببيتهم هو أخوه الذي كان ينافسه بالشعر، ورغم سائر الأدباء في زمنه.. إلا ان تفوق هوجو تمثل بانتشار الكثير من أعماله وإصداراته، وأولها كان عمره لا يتجاوز الخامسة عشرة حين كتب مسرحيته الأولى، وبعدها اتخذ مسارات الإبداع الشعري والكتابة القصصية والروائية، مجسدا زمن الكاتب الذي استبد بعصره او زمن الكاتب الذي وجد نفسه في مجمل الحياة يعزف على خيال المفكر والشاعر الذي يستمد من عصره الطاقة الروحية لتلهمه رسالته الأدبية بذائقة فنية قلما تحدث. تحولات زمن الشاعر أثمرت في الحياة السياسية التي تشربها في مراحل حياته ليكرس بها رؤيته الأدبية، منتهجا رسالة المفكر الذي تحت كل الظروف يدأب على الإبداع حاملا رسالته بالمنفى مشدودا الوثاق الى علمه وكتبه كما يقول، وبهذا كوّن هوجو عالمه الخاص وأنتج رواية "البؤساء" التي هي خلاصة ما أبدع وما كتب وأروع ما قدم للعالم من أعمال مازالت حاضره في ذاكرة البشرية لا يفوقها عمل روائي، ولا يزهو عليه كمبدع أي من كتّاب العالم. لنا في زمن هوجو مثالا بما كان يحتويه من جدل حقيقي أساسه القيم والمبادئ والرؤى المختلفة، فما أصعبه من زمن مضطرب، لكنه قدم لنا شاعرا مازجا في روحه رسالته الأدبية وقائلا عن نفسه: أنا الذي ألبست الأدب الفرنسي القبعة الحمراء. فقد سار على نهجه في طريق التجديد الأدبي، أدباء آخرين، ومع ذلك تبقى كلمته تثير حيرة الدرسين، خصوصا وأنها كانت من عوامل تكوين الطبقة الوسطى، طبقة القراء الجدد بمبادئ الإصلاحات الاجتماعية والبحث عن التغيير.. وذلك هو ما جعل هوجو رمزا لرسالة المثقفين والباحثين عن التجديد.. ولنا في زمن هوجو مثالا دائما وهو أن الكاتب عبارة عن جملة من القيم والمبادئ، وان التبعات الحياتية المحكمة بالتنازلات والانحناءات مصيرها ان تسقط من صفوة العطاء الإنساني الخالص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©