الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بلاغة الإيجاز المسرحي

7 أغسطس 2013 23:28
بدأت مطلع شهر يونيو الماضي دورة تدريبية مسرحية في المركز الثقافي لمدينة كلباء، اشتملت على العديد من المحاضرات العملية والنظرية حول فنيات العرض المسرحي (التمثيل، الإخراج، السينوغرافيا) بمشاركة نحو 25 متدرباً، وقد أشرف فنياً على الدورة التي اختتمت مرحلتها الأولى في النصف الأول من يوليو، الممثل والمخرج الإماراتي إبراهيم سالم، والممثل السوداني الرشيد أحمد عيسى، وأستاذ مادتي التمثيل والإخراج في الجامعات اللبنانية جان داوود، إضافة إلى الفنانة اللبنانية المتخصصة في السينوغرافيا شادية دوغان. مشاريع جاءت الدورة التدربية التي نظمتها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة في إطار الإعداد لاستقبال النسخة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي يرعاه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وقد انتظمت مجموعات الممثلين والمخرجين التي خضعت لتدريبات الدورة، منذ منتصف الشهر الجاري، في بروفات مستمرة على مشاريع أولية لما ستقدمه من عروض مسرحية، وذلك بمسارح كلباء ومعهد الشارقة للفنون المسرحية ومسرح المركز الثقافي العربي بالشارقة، وهي ستتوقف في عطلة العيد وتعاود بعده لتتابع برنامجها وصولاً إلى موعد المهرجان في سبتمبر المقبل وذلك بعد أن تقدم تصوراتها الإخراجية إلى لجنة معاينة، وتنظر هذه اللجنة في الكفاية الفنية لتلك التصورات وتحدد فيما لو كانت مستحقة للعرض فوق خشبة المهرجان. حدود وقد حددت إدارة المهرجان، منذ دورته الأولى، أن المشاركة فيه مفتوحة لجميع الهواة، على أن يكون العرض المسرحي المتقدم للمشاركة قصيراً، وأن يعتمد اللغة العربية الفصحى وألا يكون فريق العمل منتسباً إلى فرقة مسرحية “مسجلة”. واستناداً إلى الدورة الأولى فقد بدا واضحاً أن أغلب مختارات المهرجان من العروض استندت إلى نصوص راسخة في ذاكرة المسرح العالمي وأفلحت في أن تتجاوز بتأثيرها نطاقها المحلي ومجالها الزمني إلى بلدان عدة وأزمنة شتى؛ وهي لكتّاب من أمثال: هارولد بنتر وصموئيل بيكت ويوجين يونسكو وسواهم. وبحسب بيان صحفي، كانت أصدرته إدارة المهرجان في وقت سابق، فان الهدف من الانفتاح على المكتبة المسرحية “العالمية” هو تعزيز علاقة المتدربين بمصدر أساسي في المعرفة المسرحية، مصدر تأسس على مر السنين، وراكم قيمته الثقافية والفنية، عبر المراجعة والفحص والنقد؛ فضلا عن أن هذا التوجه من شأنه أن يحفز هؤلاء الشباب على أخذ تجربة المسرح بمثابرة أكبر، كونه يستلزم جهداً في التعاطي مع نصوص عصية، شكلا ومضمونا، ولا تسلم مفاتيحها إلا لمن يصبر ويبقي طويلا على قراءتها؟! وقد تحفزت إدارة المهرجان بعد النجاح الذي تحقق للدورة الأولى واختارت العرضين المميزين “مشاجرة رباعية” للمخرج بدر الرئيسي، و”المشهد الأخير من المأساة” للمخرجة نور غانم، وقدمتهما على هامش الدورة الأخيرة من مهرجان أيام الشارقة المسرحية؛ وهي خطوة وجدت ترحيبا لدى العديد من المسرحيين؛ وقد أضفت مسحة شبابية لافتة على أجواء المهرجان العريق، سواء على صعيد خشبته أو في صالة جمهوره. آراء وانسجاماً مع انتظار الساحة الثقافية للدورة الثانية من المهرجان، استطلع “الاتحاد الثقافي” عددا من المسرحيين حول جدوى المهرجان وضرورته وفيما لو كان محل إقامته (المنطقة الشرقية) مناسباً، وموضوعات ذات صلة؟ فجاءت إفاداتهم كالتالي: الممثل والمخرج إبراهيم سالم اعرب عن إعجابه بتجربة المهرجان وقال انه لطالما تمنى أن تعرف الساحة المسرحية الإماراتية توجهاً مماثلاً لتجربة مهرجان المسرحيات القصيرة. وأضاف: أنا مع هذا المهرجان قلبا وقالبا، ليس فقط لأنه يمثل نافذة لإبراز المواهب الشابة ولكن لأنه اعتمد على شروط مهمة في مقدمها أن يكون العمل باللغة العربية، هذا شيء جوهري. اللغة العربية هي أداة المسرح الحقيقية ومن المهم أن يخبر الممثل الواعد الأداء عبرها ،وأن يكتشف غناها وجماليتها وسحرها؛ وان يختبر قدرته على العمل بها دائما وأتمنى أن يحافظ المهرجان على هذا الشرط، فهو ضروري لصون هوية المهرجان المتميزة؛ وكذلك أعجبني انه مخصص للشباب الهواة وليس للفرق، وهذا من شأنه أن يحفز الطلاب والمهنيين وسواهم، كما أنه يكشف لنا أن المهرجان معني بتلك الطاقات الجديدة التي لم يسبق لها أن اشتغلت بالمسرح، خامات يعمل المهرجان عبر دوراته على تدريبها وصقلها لخوض التجربة”. وذكر سالم انه لاحظ خلال إشرافه على ورشة التمثيل في يونيو الماضي، اهتماما واضحا وسط المتدربين بالمسرح وان شغفهم يزداد يوما تلو يوم لمعرفة كل شيء يتصل به، وتابع قائلاً: اختارت دائرة الثقافة مجموعة من المشرفين تولوا تدريب الشباب، وكان لكل مشرف أسلوبه ومرجعيته، ولا شك في أن ذلك أثر إيجاباً في تحصيل المتدربين، وزاد من معلوماتهم، وأضفى تنويعا على في مصادرهم حول فنيات العرض المختلفة..”. ودعا سالم إلى إتاحة الفرصة للعروض المميزة في المهرجان للتجول في مدن ومناطق الإمارات المختلفة حتى تحفز المزيد من الشباب على المشاركة. نافذة من جانبه، أكد الكاتب إسماعيل عبد الله، رئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين والأمين العام للهيئة العربية للمسرح، أهمية أن تشمل الدورة التدريبية الممهدة للمهرجان مدن ومناطق الشارقة المختلفة: من المهم ألا تنحصر على كلباء وأرجو أن تشمل دبا وخورفكان والشارقة فهذا من شأنه أن يساهم في زيادة عدد المنتسبين للمهرجان وسيحقق قفزة مهمة ترفد مسار المهرجان مستقبلاً. وذكر عبد الله أن إقامة المهرجان تمثل إنجازاً لإدارة المسرح بالدائرة، وأضاف: هذا المهرجان يتيح الفرصة للشباب ويفعمهم بالثقة لتقديم ما لديهم من خبرات مسرحية وذلك ضمن أضيق الإمكانات، وهو يشترط أن يكون للعمل معناه وان ينطوي على رسالة، وهو يؤسس لثقافة البحث وسط هؤلاء الشباب ويحملهم على القراءة والفرز بين الأعمال المسرحية العالمية والعربية، واستخلاص ما يناسب قدراتهم ويلائم ذوق جمهورهم وفي ذلك اجتهاد وفيه تدّرب وتعلّم وفيه تعاط مع التراث..”، وأشاد عبد الله باختيار مدينة كلباء مكاناً للمهرجان، مشيراً إلى أنها تتمتع بجمهور محب للمسرح والفنون، وقال أيضا: شروط المهرجان واعية ومن الواضح أنها وضعت بعد دراسة وافية لظروف الساحة وبالتالي جاءت منسجمة مع ما تحتاجه الحركة المسرحية فعلا، آمل ألا يتوقف هذا المهرجان فهو بمثابة منقذ لتقاليد مسرحنا وهو نافذة ستنعش مسرحنا الإماراتي وتجدده”. مؤشرات وبالنسبة للممثل والمخرج خالد البناي فان بلوغ المهرجان لدورته الثانية يؤشر على فعاليته، ويدل على انه استجاب لحاجة في الوسط المسرحي الإماراتي، وزاد البناي قائلا: لعل أهم ملمح في المهرجان هو اشتراطه: ألا تحمل الأعمال المقدمة فيه أسماء فرق مسرحية مسجلة؛ وتلك قيمة مهمة في تقديري إذ أنني اعتقد أن الشروط الإدارية في الفرق الرسمية تتسبب أحيانا في حجب الفرص على شباب يستحقونها وهذا يحصل طبعا لاعتبارات إدارية دائما، ولكن أن تتيح مهرجان للهواة على النحو القائم في مهرجان المسرحيات القصيرة فأنك تفتح الباب أمام الكثير من المواهب الشابة التي ننتظر منها الكثير مستقبلا”، واستطرد البناي: ومن الأمور المهمة التي يجب تذكيتها أيضا أن المهرجان ليس مقتصرا على المخرجين فهناك شباب يتم تدريبهم على التمثيل وعناصر العرض الأخرى وهذا بالتالي مشروع مسرحي متكامل ويستحق أن نشيد به، وبخاصة في جانبه التدريبي الذي تعمد فيه دائرة الثقافة إلى الاستعانة بنخبة من أساتذة المسرح”. أفق الممثل والكاتب العراقي محمود أبو العباس هو الآخر أشاد بفكرة المهرجان التي تمثل إضافة جديدة لمعطيات المشهد المسرحي الإماراتي، وقال أيضا: انه بمثابة جسر يربط المسرح الإماراتي بالتجربة العالمية ويغذيه بخصائصها ومميزاتها وبلا شك هو أفق واعد، واقترح أن تكون مدينة الشارقة مركزه حتى يتمكن الجمهور الواسع من مشاهدته إذ من الممكن نقل بعض عروضه إلى كلباء ودبا والمدن الأخرى ولكنه يحتاج إلى إشعاع المركز وجمهوره”. واتفق المخرج والممثل ياسر القرقاوي مع وجهة نظر أبوالعباس في ضرورة نقل المهرجان إلى الشارقة تجسيرا للمسافة ولكنه ثمن فكرة اقامته، وقال: مهرجان المسرحيات القصيرة ومهرجان دبي لمسرح الشباب هما للطاقات الشابة ولخلق حالة مسرحية جديدة”. وتمنى القرقاوي ايضا ألا يكون المهرجان نخبويا وان يظل منفتحا حتى يحافظ على حيويته، مشيرا إلى انه يجد من الصعب الحكم على التجربة في بدايتها متمنيا ان يستمر المهرجان ويحقق الأهداف المرجوة منه. أسماء الممثل عبد الله راشد كان على رأس اللجنة المحكمة في الدورة الأولى وهو ركز في إفادته بأن المهرجان وجد قبولا واسعا وسط جمهور المسرح في المنطقة الشرقية: لقد لاحظت أن العدد قليل في اليوم الأول بالصالة إلا أن الأيام التالية شهدت اكتظاظا من الجمهور وهو ما أكد لي أن التوجه بالمهرجان إلى تلك المدينة كان مهما جدا..”. وتابع راشد “إذن الفكرة حصدت ثمارها منذ السنة الأولى وحققت المنتظر منها على أكثر من مستوى فمن جهة حفزت مجموعة من الشباب على المشاركة في التدريبات أولاً، وفي المهرجان ثانياً. ومن جهة أخرى أتاحت لجمهور المنطقة الشرقية مشاهدة جملة من العروض المسرحية المتميزة ، ولا شك ان ذلك أسهم وسيسهم لاحقاً في تشكيل وتكوين جمهور محب للمسرح هناك”. ولفت راشد إلى أن دائرة الثقافة لمست نجاح التجربة ولذلك تحمست إلى دورتها الثانية وبدأت باكرا في الإعداد لاستقبالها. بروفات هذا وقد انخرطت مجموعات المتدربين في العمل منذ وقت على جملة من النصوص التي من المحتملة ان تشارك في المهرجان وهي على النحو التالي: بدأ بدر الرئيسي العمل على مسرحية “ماذا/ أين” لصموئيل بيكت، ونور غانم على مسرحية “تخريف ثنائي” ليوجين يونسكو، ويحضر محمد حسن عمله على نص “جثة على الرصيف” لسعد الله ونوس، فيما يشتغل سعيد الهرش على “القربان” لأحمد إسماعيل، وحسين الجاسم على “خلقنا لنعيش” لبوسلهام الضعيف، ورامي مجدي “جاندارك” لبرتولت برخت، وأحمد بركات “الفيل يا ملك الزمان” لسعد الله ونوس، وحنان دحلب “الدب” لأنطوان تسيخوف، وثمة اسماء شابة أخرى تشتغل على نصوص مختلفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©