الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

للحرب وللسلم.. ولكل حين

للحرب وللسلم.. ولكل حين
10 أغسطس 2011 22:21
في الفترة الزمنية الممتدة من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر الميلاديين، كانت العمارة في الإمارات تمزج بين أكثر من طابع معماري. وتنوع العمارة فيها نتج عن الظروف المناخية والعوامل الجيولوجية التي أثرت فقط في اختيار أشكال المباني ومواد بنائها، إلا أن شيوع طراز معين بخصائصه المتميزة تحدده عوامل حضارية قبل أي شيء آخر، ويبدو ذلك واضحاً إلى حد كبير في مباني المناطق الساحلية التي يمكن للمرء أن يرى فيها تأثير الهجرات المتبادلة والتحركات السكانية وحضارات وثقافات الدول الأخرى القريبة والبعيدة. حسب ورقة العمل التي قدمها الدكتور وليد ياسين خبير الآثار في ندوة الحفاظ على التراث العمراني في الإمارات (2011) فإنه “من الناحية الأثرية فإن مدينة العين لا تزال تعتبر لغاية اليوم، رغم كل الاكتشافات الأثرية الجديدة في الإمارات هي الموطن الأصلي لنشوء الفن المعماري المحلي، فمنذ الألف الثالث قبل الميلاد نشأت مستوطنات سكنية ذات طابع دفاعي فيها”. وبالاقتراب أكثر نجد أن العمارة في الإمارات يمكن تقسيمها الى خمسة أنواع فيها الكثير من المميزات والجماليات التي تظل طويلاً في الذاكرة. أولًا: العمارة الدفاعية الدفاع عن الأرض هو شيء يسري في دماء وعروق كل من سكن شبه الجزيرة العربية، فالأرض هي العرض وهي الوطن وهي كل شيء لأبناء هذه المنطقة. لذا ازدحمت الإمارات بالقلاع والحصون والمربعات والأبراج إلا أن ما تبقى منها قليل نظراً لتعرضها لتدمير وحرق من قبل الاستعمار البريطاني أثناء بسط نفوذه بالماضي، كما تركت الحروب الداخلية أثرها على زوال بعض تلك الشواهد التاريخية. وما تبقى كان يتميز بجدران سميكة لها تفاصيل دقيقة تساعد أبناء الأرض في صد أي عدوان على عزة المكان وشموخ المكانة، تمثلت في قسمين رئسيين: الأول: عمارة الحصون والقلاع الذي كان يشمل الفناء والبرج، والثاني: المربعات. جميع هذه المباني تم بناؤها وفق الطراز الإسلامي ومثلت خط الدفاع والأمن الأول لجميع المدن التى سكنها أبناء هذه الأرض، إلا أنها لها قابلية في استخدامها في أغراض السلم أيضاً، حيث تقع بالقرب من مناطق نشاط الحركة التجارية، وهي مكملات للحماية المدينة، كما أنها ارتبطت بمقر الحكم. وبالتالي عبّرت هذه الشواهد التاريخية بنجاح عن دورها مظهرياً ووظيفيا. واختيرت مواقع تلك المباني بعناية على مستوى المدينة أو ضواحيها بحيث تكون على علاقة مباشرة بالأسوار المحيطة بنطاق المدينة لتنظيم أغراض المراقبة والدفاع، وباختصار كانت هي نواة مركزية للعمران. والمعنى الدقيق للحصن أو القلعة هو الدقيق هو المساحة المغلقة والمحصنة، وهو البناء المخصص للدفاع وهو النواة العمرانية الأساسية للمدينة، وهو أما بناء منفصل أو متصل على هيئة برج في سور مدينة أو قلعة ويمكن أن يكون مركزا للحكم وسكنا للحاكم مثل قصر الحصن بأبوظبي وحصن الفهيدي وحتا بدبي. قلعة الشيخ سلطان ومن أفضل النماذج على القلاع الحربية الكبيرة قلعة الشيخ سلطان الشامخة بمحاذاة متحف العين الوطني: وتم بنائها قبل نحو 103 عام في 1907م، حيث عاش فيها الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان (والد الشيخ زايد مؤسس دولة الإمارات) مع عائلته إلى غاية توليه مقاليد حكم أبوظبي سنة 1922. وهي بشكل مربع تقريبا معدل أبعاده نحو 33 متراً * 33 متراً، لها مدخل واحد بارز عبارة عن فتحة معقودة بعقد مثلث يعلوها ثلاث فتحات لرمي السهام وأربع فتحات للبنادق، ثم شرفات مثلثة، ووفق التقاليد المرتبطة بتخليد ذكرى بناء الحصون نقش فوق الباب الخشبي للقلعة وعلى لوحة خشبية أيضا هذه الأبيات الشعرية على مدخل الحصن: لاح نجم السعد في باب العلا مجد باق على رغم المعاند شاد بيت الملك سلطان بن زايد أشرق التاريخ باليوم السعيد كما نقشت على هذا اللوح يوم وسنة البناء وهو (20 شعبان الموافق 1328 للهجرة) في دلالة على أهمية التاريخ عند المسلمين والعرب، وبعد دخولك من المدخل في ممر ضيق على جانبيه دكك للاستراحة وعلى يسار المداخل نجد المجلس وهو عبارة عن غرفة ضيقة عرضها 2.85 متر، أما طولها فهو 12.15 متر. ويقابل المجلس من الطرف الآخر للممر غرفة صغيرة للحراس أبعادها نحو 5 أمتار * 2.50 متر. تميزت القلعة بأبراجها الثلاثة الأسطوانية على زواياه الثلاث قطر البرج نحو 7 أمتار بارتفاع 12 متراً به طابقان بفتحات الزاغل وفتحات البنادق وممر بارز بجانب الجدران من الداخل حتى يتحرك الجنود للحراسة والدفاع عن القلعة. أما بداخل القلعة يوجد فناء كبير تتوسطه بئر ماء، وبه قاعات وغرف التخزين التي كانت تحتوي على مؤن القمح والتمر. وغرف الاستقبال (المجلس) حيث كانوا يبحثون القضايا الاجتماعية والسياسية والمالية والاستمتاع بكرم المضيف. وفي أعلى جدران الحصن، توجد كوات ذات فتحات كانت تستخدم لرمي الحجارة والسوائل الساخنة على الغزاة، أما الجدران المثلثة الفاصلة وكوات القذائف فكانت توفر الحماية لرماة السهام والقناصة. كان الفناء الداخلي الفسيح يوفر الظل للزوار أثناء فصل الصيف، ويوجد على جهات الفناء الثلاث مصاطب، أو مقاعد حجرية مغطاة بحصر القش لتوفير الراحة، تمت إضافتها أثناء ترميم الحصن. إلا أنه المرجح أن الحصن استخدم بصفة إدارية أكثر من استخدامه للسكن، كما استخدم البرج الشمالي الغربي كسجن، وليس من المعقول أن يطل السجن على الغرف الجانبية إذا كانت مخصصة لأغراض السكن. قلعة الجاهلي أنشأ سمو الشيخ زايد بن خليفة (زايد الأول) قلعة الجاهلي عام 1898م، ولها أهمية تاريخية كبرى خاصة لجهة علاقتها بالتاريخ الحديث من حكم أسرة آل نهيان الكريمة، إضافة الى الدور الذي لعبه الشيخ زايد الأول في عموم منطقة الخليج في نهاية القرن التاسع عشر وفي العقود الأولى من هذا القرن. كما تم استغلالها من قبل قوة ساحل عمان وفصيل من جيش الإمارات لاحقاً. وهي عبارة عن مبنيين أحدهما مربع الشكل وهو الأساسي بأبعاد 37*35 متراً به ثلاثة أبراج، وفيه مبنى من دور واحد به ثمان غرف، وقد كتب على مدخلها بيت جميل من الشعر: فتح الخير في باب العلا حل فيه السعد بالعليا المنيفة تهاني العز قالت أرخـــو دار جد شاد زايد بن خليفـــة أما المبنى الآخر فهو عبارة عن برج دائري منفصل ويبعد نحو خمسين متراً تحيط به ست غرف يعلوها سطح يدور حول البرج ومنه إلى المجلس الصيفي بني على سطحه كما يبدو من نوافذه. كما استخدم للمراقبة. قلعة مزيد يعود بناء قلعة مزيد إلى القرن الـ19م، وتعد واحدة من أكبر القلاع وأكثرها تحصيناً في منطقة العين وتشغل مساحة 3600 متر مربع، وهي محمية بأبراج المراقبة الضخمة المتواجدة في الزوايا الأربعة. وكالعادة فيها فتحات ككل القلاع للحماية. وفيها عدد من الغرف يفوق 40 غرفة تطل على الباحة الخارجية الواسعة وهي تمثل المأوى والمستودعات لقوة حربية كبيرة، وكانت تمثل الملجأ الآمن للسكان المحليين في أوقات الخطر وهي المكان المثالي لعقد الاجتماعات والمجالس التشاورية. قصر الحصن يعتبر قصر الحصن أقدم مبنى تاريخي في أبوظبي وهو نواة الحياة والاستقرار في الماضي لمستوطنات قبائل بني ياس التي استقر بعضها في جزيرة أبوظبي في نحو سنة 1761م. وفي نحو سنة 1795م أمر الشيخ شخبوط بن ذياب ببناء قلعة محصنة ومقر إقامة له ولعائلته، وتم دمج برج المراقبة في حصن أكبر اشتمل على برجين دائريين وبرجين مربعين، بالإضافة إلى مبان داخلية تم تشييدها حول فناء مركزي. وهو المركز الرئيسي الدفاعي في المنطقة وشواطئها البحرية. وكان قصر الحصن هو المبنى الحجري الوحيد، حيث كان معظم السكان يعيشون في أكواخ البرستي. وشهد القصر توسعة في البناء واصبح أكبر بعد إضافة بعض المدافع للحماية، وبعد توقيع الشيخ شخبوط أول امتياز لتنقيب الجيولوجي للنفط، ومن إيراداته بدأ الشيخ تنفيذ برنامج تطويري كبير ببناء حصن جديد إلى الحصن القديم، مع إضافة غرف خاصة بالأسرة الحاكم في الأجنحة الجنوبية والشرقية للحصن. وفي عام 1966 مع تسلم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة مقاليد حكم أبوظبي غادرت العائلة القصر ليصبح مركزاً إدراياً لغاية التسعينيات، وأمر الشيخ زايد بترميمه بين 1976 و1985 فأصبح العلامة التاريخية البارزة للمدينة، يمكن رؤيته من مسافات بعيدة وهو حتى اليوم أهم مبنى تاريخي في أبوظبي. الأبراج تميزت الأبراج بمسميات محلية عديدة أبرزها البري بتحويل الجيم إلى ياء، كذلك عرفت باسم (سيبه) وذلك لصغر حجمه بالداخل ولطبيعة وظيفته، و(سيرة) و(المفتول) وكلها تعني ما يدور حول نفسه، ويمكن تعريفه باختصار بأنه المبنى الأسطواني الشاهق الارتفاع يضيق قليلًا كلما ارتفع باتجاه الأعلى. ومن أهم وظائف البرج تدعيم أسوار المدينة وتعزيز وسائل المراقبة لحماية المدينة، كما استخدمت كسجون في بعض الأحيان، وفي أحيان كثيرة يكون بمثابة النواة لما قد يتمخض عنه حصن كبير فيما بعد. فحصن الفهيدي الذي بدىء بناؤه ببرج جنوبي وحيد، ما لبث أن تطور ليصبح حصناً كبيراً بسور. واستخدمت في بناء الأبراج الأحجار المتينة المشدودة إلى بعضها بعضاً بالجص أو المدر او بكليهما معاً. والشكل الأكثر انتشاراً للأبراج هو الشكل الدائري الأسطواني وهو أقدم من الأشكال المنتظمة (المربعة أو المستطيلة). وقد تكون الأبراج منفصلة على قمم الجبال، أو على امتداد الشواطئ في المدن الساحلية، أو متصلة بأسوار المدينة الخارجية، حيث تنتشر القلاع والحصون على أطرافها، أو موزعة على البوابات الرئيسية للمدينة. ويشتمل البرج على عدة طبقات بمدخل مرتفع وتوزع على جدرانه الخارجية فتحات الرماية (المزاغل)، وينتهي بشرفات علوية مسننة أو مدببة للحماية والدفاع مثل أبراج: حتا، الفهيدي نهار، أم الريول. وتميزت الأبراج بارتفاع الباب المؤدي إليها بواقع مترين أو ثلاثة أمتار عن مستوى الأرض، وبعضها لا يمكن الدخول لها إلا بحبل يتدلى من الأعلى بالتسلق. إذن، فإن الارتفاع وليس العرض هو ما ميز الأبراج. وداخل الأبراج توجد أدراج خشبية يتراوح عرضها أو أبعادها بين 7 أو 8 أمتار ارتفاعا بطابق او طابقين وحتى 45 متراً، لها جدران عريضة جدا تحجب النور الخارجي، إلا من خلال فتحات ضيقة يستخدمها المدافعون لإطلاق النار. من أهم الشواهد على الأبراج هو برج المقطع المبني على جزيرة صغيرة على مدخل أبوظبي، والذي يمكن لكل داخل إلى جزيرة أبوظبي عبر جسر المقطع أن يشاهده حتى الآن. وكان بنائه بغرض السيطرة على سبل الوصول الى المستوطنة ونقطة الدفاع الأولى عنها، كما بنيت هذه الابراج أحيانا لحماية بساتين النخيل ومصادر المياه (الأفلاج) لأعتماد الناس عليها في الريّ والحياة فوجب المحافظة عليها. والأبراج هي الملجأ المؤقت لحماية السكان من هجمات الأعداء. ومن أمثلة الأبراج التي بنيت بمواصفات خاصة، برج الحمرة الذي بني فوق كثبان رملية في جزيرة الحمرة برأس الخيمة بقصد السيطرة على مداخل القرية. كذلك برج الشيخ أحمد بن هلال الظاهري ـ جنوب واحة الجيمي ـ الذي بني على ارتفاع 14 متراً، بهدف الدفاع عن عدة قرى في المنطقة وإحباط محاولات قطع إمداداتها بالمياه. المربعات المربعات هي مبان دفاعية منفصلة عن المحيط العمراني، أو متصلة بسور المدينة الدفاعي، ذات أشكال منتظمة مربعة الشكل أو مستطيلة، وهي تكمل الدور الذي يلعبه الحصن وتشكل خطاً دفاعياً أمامياً للمدينة، كما تستخدم في النشاطات الاجتماعية. ومن خلال معناها اللغوي فهي تكون بمثابة مجلس أو منزل للحاكم، وغالباً ما كانت تسمى بمسميات القبائل والشيوخ، ومنها ما سمي حسب شكلها الخارجي (مربعة أم الريول). ومن أهم المربعات القديمة: مربعة العانكة التي بنيت سنة 1919 وهي ممر مؤدي الى واحة العين من الجهة الجنوبية. وهناك نوع آخر من المباني المربعة يشار إليها بـ(الغرفة) وتستخدم كمجالس استقبال خاصة تبنى بأمر من الحاكم، أو أي شخص عالي المقام، لكي تعقد فيها الاجتماعات غير الرسمية أو استضافة الزوار، حيث يبنى المجلس عادة من طابقين: العلوي منه يستخدم في أشهر الصيف، حيث يطيب فيه الجو. ومن المربعات المعروفة مربعة حصاة بويض في عجمان بواجوة المنامة، والتي شيّدها الشيخ راشد بن حميد النعيمي في الستينيات من القرن المنصرم تم تشييدها على حصاة كبيرة تسمى حصاة بويض، وهو سبب تسميتها بهذا الاسم وهي مكونة من غرفتين للحراسة والمراقبة. الخصائص المعمارية يتميز الشكل العام للمربعات بوضوح الكتلة المعمارية وضخامة المقياس المعماري، هذا الى جانب الإبقاء على الشكل المربع الثابت المنتظم، حر الواجهات من جميع الإتجاهات لتسهيل أغراض الدفاع. وقد أستخدم في بناء المربعات الحجر الكبير الحجم مثل الصخور المرجانية الى جانب الجص كمادة أساسية لإنشاء الجدران التي يصل سمكها الى أكثر من متر، وذلك لتأمين المتطلبات الدفاعية. كما استخدمت أخشاب الدعن والشندل في تسقيف الفراغات (الغرف) الانتفاعية التي بجانب السور الرئيسي للحصن. والمساحة الصماء تشكل النسبة الغالبة من الواجهة، حيث الفتحات الصغيرة وإيقاع توزيعها المعتمد على الفكر الدفاعي من حيث الموضع والتشكيل للسماح بالتحكم من الداخل للخارج وبزوايا رؤية مختلفة. مخطط الحصن يتكون مخطط الحصن من إطار مركزي تتوسطه الساحة الرئيسية المكشوفة، التي تشكل النسبة الغالبة المساحة، وتحتوي على البئر لتلبية الاحتياجات المعيشية خلال فترة الحرب، وهي عادة مربعة، وتمثل فراغ التواصل الوظيفي بين الداخل والخارج. أما في محيط الساحة وبمحاذاة الجدار الخارجي على شكل قاعات طويلة أو غرف حيث تفتح بواباتها في اتجاه الممار حول الساحة الداخلية الواسعة المساحة وتصل ما بين الأبراج، وتستخدم أسطحها في التنقل والاستكشاف ضمن حدود الحصن الداخلية. وفي مقدمة هذه الساحة بوابة تمثل المدخل الرئيسي للحصن، وتتميز أيضا بخصائص دفاعية لارتفاعها والتشكيل الفراغي، أو عناصر الزخرفة في البوابات الخشبية الرئيسية. أما الأبراج الدفاعية الدائرية أو المربعة فهي تشتمل على زوايا بصرية تسمح بالتواصل والمراقبة مع باقي المحيط العمراني وخاصة المربعات الدفاعية الأخرى. وظيفة الواجهة وتتميز واجهات المربعات بزخارف مصمتة ومسننات دفاعية وهي مفردات جمالية لإضفاء طابع معماري متكامل ومنسجم مع البيئة العمرانية المحيطة. وكانت المعالجة التشكيلية عبارة عن مجال مغلق على الخارج من خلال فتحات صغيرة وفي اتجاهات مختلفة لتعطي المقدرة على مسح أكبر مجال بصري. وغالباً ما تتكون المربعة من مستتويين يستخدمهما الحراس للمراقبة والإستكشاف، ويتم التنقل في المربعة من خلال سلم داخلي آمن للحركة، والتنقل أثناء الدفاع والمعارك. أما الواجهة فهي كالحصون والأبراج عالية الارتفاع تحتوي على مغازل (فتحات صغيرة مربعة أو مستطيلة أو مخروطية) مهمتها لصب الزيت المغلي للدفاع، وهو ما يحدد عددها وأهميتها وموقعها في الواجهة. أما السطح فهو مدبب بمثلثات مسننة. والبوابات صغيرة الحجم محكمة الإغلاق. وتشمل المكونات الداخلية للقلاع والحصون واستخداماتها على توفير الاستخدامات كمخزن للسلاح والجنود، وإقامة الشيوخ، والاستقبال، وقاعات الطعام، وإقامة الحرس والخدم، ومخزن للمواد الغذائية لها وللمباني المحيطة بها وبجوار أسوارها. ثانيا: العمارة السكنية 1 - العمران التقليدي: شكل العمران التقليدي في الحقبة الأولى عمران ذو طابع ريفي وبدوي، ثم تتطور الى عمران حضري، وقد غلب الطابع الأول في فترة ما قبل عصر البترول، وانقسم الى بيوت شتوية وأخرى صيفية الطراز. يحكي المواطن خميس بن زعل الرميثي لمجلة “الظفرة” غن الناس والعمران أيام زمان فيقول: “كان أهل أبوظبي جميعاً يعيشون في منطقة قريبة من قصر الحصن في بيوت أغلبها من العريش (سعف النخيل) وقليلها من الجص (الحصى)، وكانت جميعها من طابق واحد.. وكانت النساء تستخدم سعف النخيل في صناعة بعض الأشياء اليدوية المستخدمة في المنزل كأغطية الطعام والمهفات والفرش والسدو”. ويضيف: “كانت أبوظبي مدينة صغيرة تتكون من منطقتين سكنيتين هما “الظهر” المنطقة المقابلة للبحر مباشرة ومكشوفة ظاهرة له وكانت سوقاً تجارياً والقلب النابض للمدينة، و”البطين” خور داخل في بطن البر. المساكن الشتوية: كان الناس يشتون في الجزر (البزوم) وهو ما كان يسمي به الجزر عند أهل الإمارات، منها مروح واللفة والغبه الفيي. أما في الصيف فيرجعون الي أبوظبي والعين للمقيظ... كانت الناس تملأ من مياه الأمطار المتجمعة في برك أعدت لهذه الغاية، ولم يكن هناك خزانات لحفظ المياه، بل كانت توجد فناطيس مصنوعة من الخشب. المنزل الطيني: وانتشر على الساحل والمناطق القريبة من الوديان الجبلية، وتميز بسماكة جدرانة التي تصل إلى 50 سم يتوسطة فناء (الحوش) تطل عليه المكونات الانتفاعية كالمطبخ والمجالس الخاصة بالنساء والغرف الرئيسية للمنزل. وعادة ما كان يتكون من طابق واحد ونادراً من طابقين حسب الحاجة. وهي مساكن متقاربة، والطين أساس بنائها ويحيطه سور يسمى باللهجة المحلية (طوفة). يبنى المنزل الطيني من سعف النخيل أو الحصر (تسف من غضف النخيل). مسكن الكرين: ويطلق عليه محلياً (المخزن) وهو مكون من غرفة واحدة يحيطه سور صغير، ويستخدم اللبن أساساً للبناء، وتدعم جدرانه بالحجارة، وهو ذو شكل مستطيل تترك بجدرانه فتحات صغيرة للتهوية تسمى مصابيح. الخيمة الشتوية: وهي تمثل المسكن المتنقل حين الترحال، ومنها: بيت الشعر: وهو مسكن البدو صيفاً وشتاء، حيث ارتبط بالحل والترحال، وهو مكون من الأقمشة المنسوجة من وبر الماعز والمرفوعة على أعمدة خشبية، ويقسم داخلياً من خلال ستائر إلى قسمين أو ثلاثة أقسام، بحيث يكون مرقد الحريم في الوسط ومرقد الرجال الى اليمين وحجرة استقبال للضيوف ومكان للتخزين. وتتوزع الخيام بشكل عشوائي يراعى فيه تجمعات الأسر تفصلها مساحات تصل إلى 400 ذراع وترتبط في توزيعها بموارد المياه والكلأ. العريش أو المنامة: وهو من مساكن الدعون البسيطة وتتشابه مكوناتها المعمارية، وتتكون عادة من الخيمة العريش والبارجيل والمنامة الخارجية والبئر محاط بسور خارجي، وفيه قاعة جلوس ومكان للتسبيح، وتفتح على مظلة كفراغ للتنقل، ويستخدم الحصير والشندل وجريد النخيل وحبل للربط بين وحدات المبنى. وواجهة العريش بسيطة وتتكون من نوافذ مربعة وباب الدخول الرئيسي وتوجد فواصل للفراغات الداخلية والمظلة والبراجيل المثبت في اتجاه الريح. منازل كبيرة: منها منزل الشيخ أحمد بن هلال الظاهري وهو مبنى كبير ومحصن، كان الى منتصف القرن التاسع عشر، وهو عبارة عن بناء مستطيل الشكل يحيط به جدار عال مع فتحات لاستخدام الأسلحة، ويوجد برج على الجانب الشمالي للمنزل، وآخر في الركن الجنوبي الشرقي، يمنح مزيداً من الحماية للجهة الغربية للمنزل. أما في الشمال والشرق فتوجد مزرعة نخيل. 2 - العمران الحضري التقليدي: هو نمط عمراني ظهر ما بين الفترة القديمة جدا وما قبل النهضة الحديثة للدولة. تميز بالامتداد الأفقي وقد تكوّن من طابق أو طابقين ويعكس المستوى الاجتماعي للأسرة. تصميم البناء الحضري تصميم هذا النوع من البناء الحضري شبه منتظم تغلب عليه نسبة الفراغات الداخلية المكشوفة على المساحات المغطاة تحقيقاً لجانب المعالجة التي يتناسب مع طبيعة المناخ. وتناسب الحياة الإجتماعية الخاصة بشكل يكون مغلق من الخارج مفتوح من الوسط بشكل يناسب الخصوصية الأسرة الواحدة. بحيث يكون الترتيب من الخارج للمنزل بشكل التالي: مدخل ـ استقبال ـ مجالس ـ غرف ـ ملحقات خدمية للحمامات ـ مخزن وسلم ـ الليوان. أما خريطة التصميم لهذا النوع من البناء، فتتوزع على النحو التالي: 1 - الغرف: غرف شتوية بالطابق الأرضي (المخزن)، وغرف صيفية في الأدوار العليا (غرفة)، كان يكتفى بوجود فتحات صغيرة (مصابيح) إذا كانت مطلة على الشارع. ويلحق بالغرف المخصصة للنوم زاوية منخفضة الحوائط، ويفصل بين غرف الذكور والأناث لمعتقدات دينية وتقليدية تفرض الفصل بينهما. 2 - الإيوان أو الليوان: وهو ما يميز المسكن التقليدي حيث يمثل عنصر الإتصال بين الفراغات المطلة على الفناء الأوسط ببعضها البعض، وبالفناء وقد استخدم كذلك كمكان للجلوس واستقبال الزوار المقربين لأهل البيت. 3 - الفناء الأوسط: هو أهم ما يميز التصميم التقليدي، وهو المنظم لحركة الهواء داخل البيت وشكل عنصر الاستعاضة عن الفتحات الخارجية لتوفير مبدأ الخصوصية، وغالبا ما احتوى الفناء على البئر للاستخدام المنزلي الى جانب ري المزروعات التي توفر الظلال. 4 - المجلس: ويمثل غرفة الاستقبال للزوار داخل المسكن (الديوانية) سواء للرجال أو للنساء. وهو منفصل بشكل صريح عن بقية أجزاء المنزل، وهو قريب من المدخل أو عن طريق إلحاق مجموعة خاصة من الخدمات منفصلة عن بقية أجزاء المسكن. ويتميز ينوافذه الكبيرة المفتوحة على الخارج أو فراغ داخلي بشرط الحفاظ على الخصوصية. 5 - فراغات الخدمة العامة: وتتمثل تلك الفراغات في أماكن التخزين والمطبخ وعادة ما تكون أقرب إلى المدخل الرئيس او الجوار من المدخل الثانوي للبيت. 6 - الشرفات/ الحواجز: وهي تلحق أساسا بالغرف الصيفية في الطابق العلوي ويراعى أن تزود بسواتر والمشربيات التي تسمح بتخلل الهواء مع الحفاظ على الخصوصية. 7 - الدرج: وهو عنصر الاتصال الرأسي للوصول الى الجزء العلوي للمنزل قريبا من المدخل ويكون مكشوفاً أو مغطى. 8 - الحمام والمرحاض: ويقع في مكان متوسط في التصميم وقد وضع في بعض المساكن التقليدية في الماضي في ركن المنزل وبلا سقف خاص في المنازل الصغيرة، وقد روعي في موضعه التصميمي الإعتبارات الدينية والاجتماعية كمراعاة اتجاهات القبلة، وتحقيقاً للخصوصية فقد أحتوى المنزل التقليدي مرحاض خاص بالضيوف مفصولا عن مرحاض مخصص لأهل البيت. 9 - المدخل: ويعتبر المدخل من أجزاء البيت التي تربط الداخل بالخارج، وقد روعي في تصميمه مبدأ الخصوصية، حيث شاع استخدام المداخل المنكسرة التي تحدد زوايا الرؤية الى جانب ارتباط بعض العناصر الانتفاعية لغرف الزوار، والجالس مباشرة به، كما تعددت المداخل في واجهات المباني السكنية التقليدية على أشكال مختلفة، حيث أستخدمت المداخل البارزة المحلاة بأقواس والمداخل المسطحة بكامل الارتفاع للواجهة وغالبا ما كانت تعلو المداخل فتحة ضيقة للإضاءة (مصباح). وقد تفنن المعماري التقليدي في استخدام الأبواب الخشبية والزخارف. 10 - الوراش (السور السطحي): وهو يشكل الدورة النهائية للمبنى التي تحيط بالدور العلوي، وروعي فيها الإرتفاع المناسب لحجب الرؤية الى جانب أن تكون مفرغة للسماح بمرور الهواء، وغالبا ما تكون من مادة البناء أو من وحدات جاهزة تركب مباشرة على السطح. معالجة الواجهات تميزت معالجة الواجهات بأغراض جمالية ووظيفية من خلال البراجيل وعناصر الزخرفة الخشبية والجصية والمعدنية. وتتميز الفتحات والتجاويف والزخارف بالطابع النمطي والتكراري أو الشريطي أفقيا ورأسيا. بما فيها المربعات والمستطيلات والأقواس والزخارف الجصية الفحمية. ثالثا: العمارة الدينية (عمارة المساجد): اتسمت عمارة المساجد بالبساطة مع الإلتزام المطلق بالقيم التي حددها الدين الإسلامي لتصميم المساجد. ونظرا لضعف المواد الإنشائية وضعف الإمكانيات ولبساطة الذوق المعماري العام، وللإعتماد على عمارة المسطحات كالعمارة الكتلية لإبراز المبنى وصغر المساحة وقلة الإرتفاع، انتشر عدد كبير من المساجد للصلاة اليومية، ووجود مسجد جامع واحد في المنطقة السكنية، وبالتالي تتناسب المقاييس المعمارية للجوامع مع مقاييس المناطق الموجودة فيها. وانتفى بالتالي الإعتماد على المسجد كبؤرة للنشاط والامتداد العمراني نتيجة للطابع الدفاعي المسيطر على التصميم العمراني. والمسجد يتلاحم مع النسيج العمراني للمنطقة التجارية ويعمل بشكل رابط بين النطاق التجاري والسكني. وكان بعضها يبنى من الحصى كبير الحجم. ويعتمد بناء المسجد في خصائصه على الشكل المنتظم حر الواجهات مع تأكيد الأركان من خلال الزوايا القائمة وانعدام الفتحات الركنية. وفيه صالات بسيطة مقسمة من خلال أعمدة كأساس التصميم المعماري وغالبا ما يتقدمها إيوان مدخل. (فراغ الصلاة، الإيوان، الصحن، مجموعة خدمات كالموضئ والحمامات). وبذلك يتم إلغاء الفكر الرمزي للفناء بجعله خارجياً كساحة مقدم المسجد أسوة بما أتبع في مساجد العصور الإسلامية المتأخرة، بحيث تفتح عليه الميضئة الجانبية ومجموعة الخدمات ومرافق المسجد. وبالإضافة إلى ذلك تفتح مظلات خارجية على طول المحيط الخارجي لقاعة الصلاة كأسلوب معالجة للظروف المناخية ولضمان حركة الهواء. وكذلك إلغاء الزخارف على المحيط الداخلي للجدران مع عدم التأكيد على المحراب حفاظا على إستمرارية الحوائط. وتستخدم في بناء المستجد المواد التقليدية كمواد إكساء للجدران الداخلية والخارجية كالبن والجص والتبن، مع عدم الإهتمام بوجود المئذنة، ولم تظهر إلا في حالة واحدة في الشندغة مع الالتزام بطرق التسقيف التقليدية إلا في المسجد الجامع الذي تمت تغطيته بالقباب البسيطة. وتعدد وظيفة للمسجد ما بين ساحة للصلاة وكتاب لتعليم القرآن والعلوم الأساسية. ومن أمثلة المساجد التقليدية في الإمارات: مسجد سيف بن ربيع الظاهري جنوب غرب واحة الجيمي وفيه مساحة مغطاة بسعف النخيل وفيه محراب باتجاه قبلة الصلاة. رابعا: العمارة التجارية (عمارة الأسواق): كانت المراكز التجارية قريبة من السواحل في المدن الساحلية، وقريبة من الواحات في المدن الداخلية والجبلية، وهي محال مقسمة بشكل صغير تعرف باسم (دكاكين) تفتح على العصب الرئيسي للسوق، وهي مبنية من الحجر والجص وأخرى كالعشش المفتوحة. ولبناء هذه المراكز هناك نموذج نمطي متكرر بواجهات تقليدية وبقياس ثابت العرض تمشيا مع أسلوب الإنشاء المستخدم، كما تظهر التكرارية كذلك في نمط الأبواب المستخدم. وتتعدد عناصر بنائها على النحو التالي: ـ الجمع بين أكثر من وظيفة خاصة في الأماكن ذات الطابقين، حيث استخدم الطابق العلوي للوظائف الإدارية سواء لخدمة وإدارة الأسواق أو للجمارك. ـ استخدام العناصر المعمارية السائدة في العمارة التقليدية كالبراجيل التي شكلت خط السماء المميز للمنطقة. ـ الامتداد الشريطي موازيا للخور على محور رئيس يشكل عصب السوق مع إمكانية غلق نهايتي الممر التجاري بأبواب تأكيداً للنواحي الأمنية والدفاعية وحفاظاً على الخصوصية. ـ ربط الأسواق بالمناطق السكنية من خلال ممرات عمودية على المحور الرئيس. ـ استخدام الممار المغطاه نظراً للظروف المناخية. ـ استخدام نوعية الأسواق المفتوحة والمغطاه حسب نوعية البضائع. خامساً: العمارة الخدمية (العامة): حظيت العمارة الخدمية باهتمام بسيط لضعف الاحتياج الذي واكب هذه المرحلة قبل الطفرة العمرانية وظهور البترول مع مطلع الستينيات من القرن العشرين، ومن ثم اقتصرت نوعيات العمارة الخدمية على التالي: المباني التعليمية: وفيها مجالس وقاعات منفصلة وكان من المعروف أن المجالس هي المدارس وكانت موجودة في كل فريج وكل قبيلة لديها مجلس حسب المقدرة وكما هو المثل الشعبي “المجالس مدارس”، وكان يوصي الأب ابنه بأن يجلس مع من هو أعرف منه حتى يتعلم منه. كما كان الأولاد يتعلمون القرآن في منازل من العريش وكان المطوعة الرجال يدرسون الأولاد والمطوعات يدرسن البنات. الاستراحات على طرق القوافل البرية. مباني الإدارة ومباني الخدمات الجمركية. ومن خصائص هذه العمارة اتباع النمط السائد في العمارة التقليدية من حيث طبيعية التشكيل المنظم أو التصميم على الفراغ الوسطي المفتوح كالمدرسة الأحمدية. واستخدام المواد المستخدمة في البناء التقليدي مع التركيز على استخدام الحجر المرجاني نظراً لقوة تحمله وإمكانياته من حيث التوظيف الداخلي للفراغات الانتفاعية. وغناء الأسطح الداخلية لتلك النوعية الوظيفية بالزخارف بأشكالها المختلفة وذلك تأكيداً للأهمية المعمارية للمبنى. واستخدام العناصر المعمارية التي ظهرت مع العمارة التقليدية مثل البراجيل والأقواس والحليات. والاعتماد على نوعية المداخل المحورية المباشرة التي تؤدي مباشرة الي الفراغ الرئيس للمبنى مع التأكيد عليها معماريا في الواجهات. والجمع بين أكثر من وظيفة داخل النطاق المعماري للمبنى خاصة في المباني الإدارية والخدمية. وربط مناطق تواجد تلك المباني بمناطق التركيز السكاني ومناطق النشاط التجاري داخل حدود المدينة القديمة. ومن أمثلة هذه المباني: مجلس أم الشيف بالجيمرا وهو مجلس منفصل. ومبنى البلدية القديم بالقرب من سوق بر ديرة كمبنى إداري. المراجع: - مدخل إلي التراث المعماري والعسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة، د. أحمد رجب محمد علي ـ مركز زايد للتراث والتاريخ 2004 - مجلة “الظفرة” العدد رقم 48 ـ 1/4/2011 - كتيب الحصن الشرقي ـ هيئة أبوظبي للثاقة والتراث. - ورقة العمل السادسة عشرة في ندوة الحفاظ على التراث العمراني في الإمارات (2011) بعنوان المباني التاريخية في مدينة العين لدكتور/ وليد ياسين (خبير آثار بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©